المرور بوقت عصيب يجعلنا أقل قدرة على مشاركة مشاعرنا وألمنا مع الآخرين.. لكن كثيرا ما يكون في البوح شفاء
(تكلم حتى أراك) دائما تُذكر هذه المقولة عند الحديث عن قدرة الناس على الحكم عليك فقط بعد سماعك ومعرفة ما يدور في رأسك من أفكار وما يحمله قلبك من مشاعر.. لكنني اليوم أقول لنفسي (سأتكلم حتى أراني). بالضبط كما قرأت ليس خطئا كتابيا.. حتى أراني.. حتى أرى نفسي بالشكل الصحيح. ولتحقيق ذلك علينا أولا تخطي عقبة خوفنا من مشاركة ما نحمله في قلوبنا من ألم مع أشخاص يمكنهم منحنا الدعم و المحبة.
عشت لسنوات حبيسة الكثير من الأفكار السلبية، صراع مع الاكتئاب وما يقدمه لعقلي يوميا من أفكار تدور كلها حول سوء تقدير الذات، عدم تقبُّل الذات، الخوف من المجهول، الشعور بعدم الكفاية، وغيرها.. يوميا كنت أصارع هذه الأفكار وكثيرا ما كنت أتركها تنال مني ومن طاقتي. هل تمر بذلك؟ لست وحدك. كنت ومازلت أحيانا أمر بذلك، لكنني وجدت مخرجا قد ساعدني، و اليوم أشاركه مع غيري لربما كان في ذلك عونا لهم.
لسنوات كانت أفكاري تدور في رأسي ولا أستطيع أن أخبر أحدا بها. أخشى سوء الحكم من الآخرين. ماذا قد يظنون؟ الخوف من المجهول في أحكام الآخرين جعلني لا أشارك ما يؤلمني وينهش في روحي وقلبي وعقلي.
البداية بالبوح للطبيب النفسي. ذلك هو أول الطريق.. شكّل ذلك فرقا كبير. أول زيارة للطبيب النفسي كانت ثقيلة جدا على قلبي. بخطوات ثقيلة وصلت للعيادة وأنا قلقة متوترة.. لكن الحديث ترك أثرا طيبا جدا. كانت تلك البداية .. لكن مازال هناك عائقا. مازال هناك همّا أحمله في قلبي.. وحدي.
ولكن ولحسن حظي كان مقدرا لي أن ألتقي بصديقة تحمل قلبا وعقلا يمكنهما استيعاب ما أمر به. ولأول مرة أستطيع مشاركة ألمي وما يؤرقني بدون أن أتبع ذلك بليلة طويلة من التفكير وجلد الذات أن لم حمّلت غيري بعضا من همّي.. أتحدث بما يدور في عقلي وترد على أفكار اكتئابي بالنفي وبالدليل.. تستمع وتشجع وتحتوي. بعدها جمعني العمل بأصدقاء بنفس العقلية والقدرة على الاستماع والنصح وتقديم الدعم. وجود أصدقاء بهذه القدرة الرائعة على المساندة مع قدرتي على الثقة بهم كان له أكبر الأكثر على قدرتي على التعبير، وتحديد أصل المشكلة، و تحديد ما يجب علىّ مواجهته. أصبحت معركتي محددة لأن هدفي صار أكثر تحديدا. وصرت أعرف عندما تكون أفكاري نابعة من أثر صدمات سابقة ( trauma).. صارت معركتي أسهل.. صرت أقرب لتحقيق انتصارات أكبر.
دائرة الأمان من أشخاص كأصدقائي هي أول الطريق للشفاء من أثر الصدمات السابقة. البوح لطبيب أو صديق يزيل عبئا كبيرا عن كاهل المتعافي من الصدمات. المشاركة تجعلك تتفهم ما تمر به بشكل أعمق.. تتفهم أسبابه.. تعرف عندما يتلاعب بك أثر صدماتك السابقة ويخبرك بأشياء سلبية عنك وبدلا من أن تمر بنوبة اكتئاب تصبح قادرا على معرفة ما عليك فعله للمواجهة.. تسلحك بدائرة أمان يساعدك كثيرا في هذه المواجهة.. و يجعل تخطي كل ذلك أسهل حتى وإن شعرت بأن الطريق مازال طويلا.. سيمر.. فقط ابدأ بالبوح ..(تكلم حتى تراك). دمتم أقوياء.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
صحيح احيانا نحتاج الى من يسمعناويسمعنا فقط💕🌿
احسنتى