درعا التي علمتنا أن الأمل عمل وأن تشييد أرضنا الحرة لا يكون بالتحام الحديد على قدر ما يكون باتحاد الشعوب لحوران و لمستقبل أجمل..

ما بين عتمة المدرج ونوره …

ثورة وانتصار !


تعود درعا لتوجه أنظار العالم لها مجددًا كما في الثامن عشر من آذار..


من عراقة تاريخ بصرى وتجسيدها للعمارة الرومانية يولد مدرجها ويتربع قلب المدينة بمجد وعز عظيمين

اذ يعد من أكبر المدرجات الرومانية عالميًا وأفضلها ..


بطرازه الكلاسيكي تعود نشأته للقرن الثاني الميلادي ، والذي يتسع ل 15 ألف متفرج، واستخدم ك مكان للعرض والفعاليات العامة وغيرها من السباقات والاحتفالات التي كانت تقام قديمًا بهدف الترفيه، الأمر الذي جعل من بصرى من أهم المدن ثقافيًا واجتماعيًا ومحطًا سياحيًا للعديد من الزوار والسياح من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية..


ومن هنا جاء الامتزاج الفريد الذي تتميز به درعا

من خضرة سهل حوران وبازلتها الأسود، ومع بزوغ فجر التاريخ من أصالة حجارتها السوداء المنحوتة بدقة إلى حجارة مسجدها العمري الذي شهد على تضحيات شعبها العظيم..


في ليالٍ كان الصمت فيها يعني ديمومة الظلام وان الظلم قد قرع هذه الحجارة فأصبح الصدع فيها يبوح بصرخات الكرامة ،وأن الضياء ما بين المدرج والمسجد سيغيب مع غياب الأرواح التي اعتادته..


ومن تربتها الحمراء نمت سنبلة الأربعة عشر عاماً وزاد عشبها الأخضر من صمودها حتى صار مجدها خبرًا تحمله القنوات الإخبارية في شريط عاجل، يحكي لكل ناحية في هذا العالم أن أبناء درعا كشفوا عن وشاح التهميش والظلام الذي غطى البلاد لأربعة وخمسون عامًا، ولمهد الحضارات عادت الثورة لها لتكون لها مهدًا وشاهدًا..


أما عن مدرسة حي الأربعين فكان للجدران والهتافات الصامتة الدور الأكبر في زلزة عرش الطاغية و اشتداد جبروته، وزاد المشهد المدمي الظالم تجبرًا ورأى في ارتقاء الشهداء وامتزاج دمائهم بثرى أرضهم مشهدًا ديناميكياً مثيرًا للتعطش محركًا للمشاعر الإجرامية..


ومن هدوء الجثث كان الضجيج يملأ الشرايين ويسري بها مسرى الشهامة في العروق، فأصبح النبض عاليًا تسكته المجازر والإعدامات الميدانية وتدمير البنية التحتية وتكويه دمعة في ظلمة الليل عند سجّان جائر…


ونبض من مكان آخر في روايات الاغتراب، ولازال المدرج خاليًا، خاليًا من الضحكات وذكريات النور القديم والصدى الجميل الذي لم يعد يتكرر خوفًا من انقطاعه للأبد..


وكانت المسافات طويلة بين المدرج والمسجد يقطعها الخوف والفقد والحنين، الحنين لحوران كما عهدناها، بقهوتها وهالها وطراز ثوبها..


حتى أكد الشعب أن إرادته حياة، وليشق النور من صدع الجدران له ثقبًا يتسلل عبر الزمن، ويعيد للمكان روحه المفقودة، بهتافات الحرية التي نالها، والنصر الذي كانت التضحيات ثمنًا له..


مدرج بصرى رمز حضارات بلاد الشام ينير اليوم بحضارته المنسية، يحيها ويعكس حب شعبه لأرضها، وبصوت واحد من كل أنحاء سوريا الحرة"أبشري حوران" بعزك، بفخرك، وأرضك التي سيبنيها تكافلنا قبل أن تبنيها الحجارة..



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات راما الكميتي

تدوينات ذات صلة