هل تصنع الظروف الإنسان أم الإنسان هو من يصنع الظروف؟..ماذا تريد أن تكون؟ عبدا أو سيدا.


بعض القرارات تأتي بعد تردد طويل، بعد محولات كثيرة في أن نقنع أنفسنا بأن الظروف هي التي أجبرتنا على إتخاذها. و لكن بمجرد أن نقتنع بأن الظروف هي سيدنا، حتى نفقد ذلك الجانب الجيد الذي يعيش داخلنا، و نبدأ في خلق الأعذار لأخطائنا.

بعد كل هذه المحاولات في أن تكون سيد الظروف، ماذا إخترت أن تكون؟ شخصا جيدا أم مذنبا؟

هل يحق التبرير لشخص إتخذ بإرادته طريقا مظلما بعد أن عاش قسرا حياة كاملة في الظلام؟ هل يمكن لبعض الكدمات التي تغطي جسده أن تبرر الشر الذي صار يعيش داخله.

كل إنسان فينا هو شيء من شيئان: خير و شر. نعيش طوال حياتنا نحاول أن نكبت ذالك الشر الذي داخلنا، نحاول أن نتحرر من تلك الأفكار التي تلتصق بنا و تجبرنا أن نتخذ طريقا مظلما لا عودة منه. لا أحد فينا خير كامل أو شر كامل، نعيش الحياة في حرب بين الطرفين، نحاول أن نتوازن أحيانا، نحاول أن نكون جيدين أكثر، نحاول أن نتخطى بعض الظروف القاسية و أن نقنع أنفسنا بأننا نستطيع أن نكون ما نريد، لكن الظروف تهزمنا أحيانا، حين يصبح أكثر ما نتذكره هو الألم الذي نشعر به بعد فقد كل شيء سعينا من أجله و لم نحصل عليه، حين نتذكر الأشياء التي تركت جروحا في أجسادنا و ننسى أن تلك الجروح قد شفيت منذ زمن طويل. بعضنا يستسلم للشر، فيقع في الخطأ طواعية و يستمر فيه. و الغريب أن طريق الشر سهل جدا، رغم أنه ظلام لا ينتهي إلا أن كل خطوة في ذلك الطريق تبدو و كأنها تحررك من كل ما يؤلمك و يرهق جسدك، إلى أن نتعود السير في الظلام، إلى أن نرفض الإعتراف بالشر الذي داخلنا، إلى أن نفقد الخير في أظلم مكان يعيشنا.

فهل نستطيع أن نجد لأخطائنا أسبابا مشروعة؟ هل نستطيع أن نبرر أخطاء الذين إستعبدهم

شر الظروف ؟

هل ينتهي خطأ الإنسان بملامة الظروف؟

ففي المقابل هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يستسلموا للشر رغم جبروته. مازال بعضنا يعيش تلك الحرب، محاولا أن يهزم الشر الذي يعيش داخله. مازال منا من يحاول أن لا يخسر نفسه و أن يحافظ على الخير في قلبه. بعضنا مازال يؤمن أننا نحن من نصنع الظروف و نحن من نقرر ما يجب أن نكون عليه و كيف نعيش حياتنا، لأننا نؤمن أيضا أنه حتى في أسوء حالاتنا، مازال هناك من يرفعنا من الهاوية و يوجهنا إلى النور، بعضهم عائلتنا، أصدقائنا، أحبتنا، و محاربين أمثالنا لا يريدون الفوز للشر. صحيح أن طريق الخير صعب جدا، تواجهنا دوما تقاطعات و علينا أن نختار، أحيانا يكون الإختيار صعبا و أحيانا يجلب لنا الإختيار ألاما أكبر. أحيانا يكون الوقوع أمرا ضروريا كي نستطيع أن نواصل السير، و أحيانا أخرى نرضخ قسرا لبعض تلك الأفكار الخبيثة، لكننا لا نستسلم لها طويلا، لأن النور لا ينطفئ أبدا في هذا الطريق، مهما إبتعدت عن نفسك يعيدك الخير إلى الطريق الصحيح.

..مهما كانت أجوبة تلك التساؤلات، فإنه لا مفر من الحرب.

لكن إعلم أنك أنت صاحب القرار وليست الظروف،

و الآن ماذا تريد أن تكون؟ عبدا أو سيدا.


Oumayma Farhat

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Oumayma Farhat

تدوينات ذات صلة