ماذا لو تحققت جميع أمنياتنا؟

لو اصبح كل ما نتمنى في متناول أيدينا، كيف سيكون شعورنا حينها وهل سنرضى بما لدينا؟

ماذا لو استيقظنا في يوم من الأيام لنجد أن جميع امنياتنا قد أصبحت حقيقة، فالوظيفة التي نطمح للوصول اليها قد اصبحت ملكنا، والسيارة التي تصفحنا صورها عشرات المرات، أصبحت تقف الان أمام منزلنا، والمال الذي سعينا جاهدين لاكتسابه ، أصبح بكميات وفيرة في حسابنا البنكي، وكل الثياب والحقائب التي كانت تنتظر في سلة مشرياتنا، أصبحت الان تملأ خزائننا.

ننظر إلى انفسنا في المرآة لنرى بريق ولمعان بشرتنا -التي اعتدنا على انفاق المال عليها-، نلمس شعرنا لنجده بكامل القوة والصحة، نتأمل عيوننا، انوفنا وشفاهنا لنرها جميعا قد اصبحت بالشكل الذي تمنينا لو ولدنا به، نلقي نظرة على أجسادنا فنراها ممشوقة، متسقة بشكل لم نتخيله من قبل.

قد نصفق أو نرقص فرحا عندما نجد انفسنا محاطين بكل ما تمنينا، لكننا قد نتسأل، كيف سيكون شعورنا بعد ذلك؟

مع مرور الأيام سنعتاد الوظيفة الجديدة و في أيام سنتمنى عدم الذهاب اليها، سنحاول ايضا ان نبدل تلك السيارة بواحدة ذات مواصفات أحدث، سنسأم جميع الثياب ونسعى لامتلاك المزيد والمزيد منها، سنعتاد شكل ملامحنا وربما لن نرضى عن اجسادنا فنقوم على تغيرها لتناسب معايير الجمال المنتشرة.

سنكتشف اننا مع مرور الوقت، نسعى بشكل مستميت لكل ما هو أفضل، ونطمع بالحصول على المزيد كلما تسنت لنا الفرصة، فلا نرضى عن اي وضع نجد أنفسنا فيه ونبقى منشغلين بما هو قادم، فنخرج بمشاعر عدم رضى ورغبة في السيطرة والتحكم بكل شيء.

إن السبيل لعيش حياة متزنة هو بالإمتنان على كل ما نملك وعلى كل ما لا نملك، فسننتقل إلى وظيفة أحلامنا عندما نبدأ بالامتنان على وظيفتنا الحالية، وسوف نحصل على تلك السيارة غالية الثمن عندما نشكر سيارتنا المتواضعة لاخذنا اينما نريد، وستزداد اجسادنا جمالا عندما نتوقف عن مقارنة انفسنا بالاخرين و عند ايقاف الانتقادات اللاذعة التي نوجهها لها، والبدء بدلا عن ذلك في التركيز على ميزات وتفرد ملامحنا و مظهرنا الخارجي.

إن شكر الله على جميع النعم التي تحيطنا، يعطينا قدرا كبيرا من الرضى والاكتفاء، فالهواء الذي نتنفس و أشعة الشمس وانتظام دقات قلوبنا و مقدرتنا على رؤية الاشياء وفوق هذا كله، تلك النعمة العظيمة بوجودنا على كوكب صالح للحياة من بين ثمانية كواكب، لهي نعمة كبيرة تم نسيانها في ظل تركيزنا على الجانب الناقص من حياتنا.

" لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ""، هذا هو مفتاح الحصول على ما نريد، فعندما نسير نحو أهدافنا مقلوب مطمئنة تملؤها مشاعر الامتنان والحب لكل ما لدينا، ننتقل إلى كل ما نريد ونحصل عليه ونستمتع به، ومع مرور الوقت سنشاهد أن النعم تزداد من تلقاء نفسها لتحل البركة والرضى على جميع جوانب حياتنا.