تعبر الكاتبة في هذه التدوينة عن رأيها حيال الأحداث التاريخية التي عاشتها الأندلس، والتعامل الإسباني مع هذا التاريخ الذي لم يُردَّ له اعتباره.



سُما الوابل

سقطت الأندلس، ومازال المسلمون يتذكرون تاريخهم العريق الذي تركوه في تلك البقعة وذكريات حقبتهم، ويبكون على أطلالها، حيث إنهم إلى يومنا هذا لم يتلقوا الاعتذار المناسب على المجازر التي لحقتهم؛ فقد اعتذرت الحكومة الإسبانية عن المآسي التي لحقت اليهود ودعتهم لموطنهم السابق "إسبانيا" وعرضت منحهم الجنسية الإسبانية في حال اثبتوا أصلهم متجاهلة تمامًا المسلمين.

مرت عدة قرون على سقوط الأندلس بعد أن كانت سابقاً تسمى بمملكة القوط الغربية، حيث كانت مملكة جرمانية استقلت عن الإمبراطورية الرومانية الغربية، وعاش بها الجرمانيون حتى فتحها طارق بن زياد وضمها إلى الدولة الأموية، وخيَّر أهلها بين أن يدخلوا الإسلام أو يدفعوا الجزية، وفُرضت عليهم فيما بعد اللغة العربية وعاشوا بهناءٍ وسلامٍ فازدهرت شبه الجزيرة الإيبيرية في تلك الحقبة، وصارت منبع الاعتدال والتعايش الثقافي، لكنَّ صحة تلك الحقائق لم تكن تمثل الواقع تماماً؛ كونها تعد مثاليةً جدًا مقارنة بطبيعة المجتمعات الإنسانية، وقد ناقش بعض الأكاديميون بما فيهم الأستاذ المشارك من جامعة نورث وينسون "فرنانديز موريرا" بأن "المسيحين واليهود اعتُبِروا أقلية في الأندلس بفرض الجزية عليهم التي كانت أعلى من الزكاة التي يستلمها المسلمين؛ بالإضافة إلى تدمير المعابد الدينية" ويذكر أيضًا أن المسيحيين قد عانوا في فترة حكم الفاتح عبد الرحمن فقد "أمر بمصادرة ممتلكاتهم وزيادة الجزية المفروضة عليهم مما ساعد في تمويل المباني الجديدة ذات الطابع الإسلامي في قرطبة". يمكن القول بأن الرأي السابق ينحاز إلى أن الجنة التي بناها المسلمون في الأندلس بنيت على معاناة المسيحين واليهود؛ ولو سلَّمنا جدلاً بذلك، فهل يمكن تبرير ردة الفعل على هذا الاعتقاد؟ ردة فعل المسيحيين عندما استولوا على الأندلس التي لم تكن عادلة، فلم يكتفوا بمنع المسلمين من الإبقاء على ديانتهم وفرض نفس ما فرضه المسلمون عليهم آنذاك، بل ارتكبوا أحد أسوأ مجازر القتل والتعذيب في التاريخ التي عرفت بمحاكم التفتيش ولازالت معداتها محفوظة في متاحف إسبانيا اليوم وتقوم فكرة تلك المحاكم بتعذيب المسلمين واليهود الذين يرفضون اعتناق الكاثوليكية وليس ذلك فحسب، بل يمكن لأي أحد أن يفتري على أحدهم بأنه لم يعتنق الكاثوليكية ليأخذوه لتلك المحاكم ويتلقى أفظع أنواع التعذيب التي ابتكرها البشر.. فهل تدين إسبانيا للمسلمين باعتذار؟ أم ما حصل هو مجرد تسلسل منطقي لأحداث تاريخية متوقعة؟

المراجع

The myth of the Andalusian Paradise. Intercollegiate Studies Institute. (2014, October 8). Retrieved February 15, 2022, from https://isi.org/intercollegiate-review/the-myth-of-the-andalusian-paradise/

Kamen, H. (2014). The Spanish Inquisition a historical revision. Yale University Press.

مظهر على. 2008. محاكم ودواوين التفتيش في إسبانيا والبرتغال. دار ومكتبة بيبليون.

أحدهم يحتفظ بمفتاح منزل أجداده في الأندلس.. من هم الموريسكيون؟ الحرة. (n.d.). Retrieved February 15, 2022, from https://www.alhurra.com/morocco/2019/11/13/%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D9%87%D9%85-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%B8-%D8%A8%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A3%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3-%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%B3%D9%83%D9%8A



نَصّ

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نَصّ

تدوينات ذات صلة