للحياة طابع خاص ، كأنثى خجولة تخفي نفسها عن أعين الناس خشية ان يُفضح سر من اسرارها

24.06.2023


معن ريان


في اللغة العربية "الأحجية" تعني اللغز او ما يتبارى الناس في حله و جمعها أحاجي او أحجيات ،

بعضها تُحل و بعضها تبقى سرا أبديا ، فالمعجزة أحجية والموت أحجية و الحياة أحجية ، تعيش سنين طوال في حياتك و تظن ان فلان سيموت إثر المرض الذي استولى عليه وتمكن منه؛ لكن رغم المؤشرات الكثيرة والدلائل العلمية تجده في لحظة ما يستفيق متغلبا على المرض دون سابق انذار في أحجية تتسع أحداق الأطباء لها دون تفسير ، و في جانب آخر يستفيق من غيبوبته الطويلة كما لو انه قد عاش سبات الدببة ويفتح عينيه مبتسما دون اكراه ثم يموت وهذا يسمى استفاقة الموت التي يخافها الأطباء و كذلك هي ايضا أحجية لا تفسير لها ،كأن الجسد يلفظ انفاسه الأخيرة و يعطي اقسى طاقاته المتبقية لتغادر روحه بسلام دون ترك شيء من هِمَتها مخلفةً العديد من الصدمات للكثير ، ان أحاجي الحياة التي لا تنتهي تضعك في حلقة مفرغة لا تعرف شمالها من جنوبها او الى اي جانب منها تتكئ ، ترهقك بدورانها اللامتناهي ، يباغتك الشرود و تخطفك الافكار في تضاربات لا منطقية بعيناك المفتوحتان اللاتي لا ترىى ، محدقاً في فضاء مجلسك الصغير بينما يدور عقلك في متسع الكون باحثا عن اجابة لكل شيء ، تراودك الملايين من التساؤلات مرتدية ثوب الأحاجي اللاتفسير لها فتصمت ...

اما تلك العضلة الصغيرة القوية التي بين فكيك فتبقى ملتصقة فى الجزء العلوي من فكك دون حراك لا تنبس ببنت شفة ، تخذلك التعابير فلا تسعفك الكلمات معقود اللسان كعقدة سحر اسود انعقدت بأيادي المردة والشياطين ...

اما انا فأقصى ما يخرج مني في حالات مشابهة هي طأطأة رأس او هزه يمينا يسارا لا قدرة لي على البوح فيما اسُّره في قلبي ، اود لو الفظ كل ما بداخلي جعبة واحدة و الفظها كما يلفظ الحوت زوائد المياه من جسده ...

كثيرا من الأحيان ابقى أذكّر نفسي ان وقع الانكسار في قلب المرء و صدره يدوي صداه في شتى ارجاء الجسد من كلمة واحدة صحيحة باسلوب خاطئ ، تلك العضلة اللارادية التي تغذي الجسد بسائلها الأحمر و تضخه ليلا نهار دون كلل او ملل هي أحجية ايضا ؛ فهي متعددة المهام خاصة فيما تحتويه من فراشات المشاعر التي تتطاير حوله او بالسكاكين و شوائك الحديد الملفوفة عليه ، كلما باغتتك ذكرى جميلة تتكاثر الفراشات و تلامس اجنحتها قلبك فيَرق و يلين و كلما غارت عليك مصائب الأمور في ذكراها تشتد على قلبك اكثر فينزف وجعا يقتل بهجة الفراشات تلك ويلطخ اجنحتها دما فتموت سقوطا، هذه العضلة وهذه الأحجية العجيبة تفعل الكثير و يبقى السؤال الذي يراودني كيف له ان ينبض دون شيء في داخله ؛ ينبض من تلقاء نفسه بإيقاع واحد في طبيعته و يتصاعد او ينخفض لحالة المرء النفسية قبل الجسدية ...

ان احاجي الحياة لا تنتهي و تبقى الأحجية الكبرى في الحياة هي التي بعد الحياة ...


معن ريان

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

هِدايّة...للروح مرتبة القداسة في علوها قد تخطت الأحاجي والأسرار ، انها كأسرار السماء ومعجزات الأنبياء

إقرأ المزيد من تدوينات معن ريان

تدوينات ذات صلة