ها نحن نعود للحب مرة أخرى، فهل تكون المحبة وهي عامود العلاقات الإنسانية كافة يوما كافية لتنتصر؟

أن تحب أحدا كما هو، هو عين الحب ومقصده وغايته، وليس أن تحبه لصورة وضعتها في رأسك أو لما تريده أن يكون عليه.

ومن يحبك، سيحبك كما أنت، لن ينتظر منك أن تغير شيئا حتى تنال قلبه، ليس على القلوب سلاطين، فهي الآمرة والناهية وصاحبة الرأي.

وليس الحب مشروطًا بإظهار المحبة، فالنفس لها ما تراه العين والعقل منافيا للحب تماما كما ترى أماراته، وتقتنع به وتتصرف على أساسه.


من يحبك، له جوانب أخرى تتخلل روحه غير حبه لك، ولنفسه عليه حق؛ فلا تغرّنك محبتهم، فنفسهم لها سعة محدودة من التقبل، ولها سعة محدودة من التغافل، ولها سعة محدودة من التسامح. وكل هذه السعات إن لم تجاوز سعة الحب هدمته؛ وهي غالبا لا تفوقه؛ ليس لعيب في صاحبها وإنما هي غريزة البقاء تجبرنا على إبعاد كل ما يهدد الروح بالخطر.


إنْ طرَق الحبُ بابا فإنه يزرع ما وراء هذا الباب جنانا وبساتين، وتَعَهُدِها بالعناية يستدعي التخلص من بعض الأنانية التي وضعت فيك رغما عنك؛ فكلنا لا شيء لدينا أهم من بقائنا، كل تصرفاتنا نابعة من تلك الغريزة، لذلك وجب عليك أن تبحث في روحك عن أي شيء يعكر رونق هذه الجنان والبساتين وتتخلص منه، وألا تستبيح قلب مُحِبك متناسيا قصور سعته، وإلا أصبح الحب كصديقٍ غدرت به منكرا فضله عليك.

حينها تموت البساتين وتذبل الجنان، ويبقى الحب الذي يأبى قلبك أن يتوقف عنه، ولكنه باقٍ بلا معنى وبلا هدف، يتحول شيئا فشيئا إلى وجع ينخر عظامك كلما صرخ من الزاوية التي يحتلها في قلبك.


مسكين هو الحب، على بساطته معقد، وعلى عظمته ليس قادرا على الانتصار وحده. مساكين أهل الحب، يريدون الشيء وضده!



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كلماتك لامست قلبي

إقرأ المزيد من تدوينات همسات| فاطمة وائل

تدوينات ذات صلة