ماذا عله قد يقال في مخطوط يعج بالخواطر غير ما تحتاج لسماعه ولا تقدر على التلفظ به فلا تجد سوى أن الحبر ينسدل على الورق ليواجهك به.

لكم اشتقت للكتابة.

انقطاعي عنها الفترة الماضية أعادني لأيام الضياع والحزن التي أشعر فيها أني لا أعرف عن نفسي أي شيء.. بل إني أهرب من نفسي كمن يهرب من أعتى كوابيسه..

لا أعرف عما أكتب ولا أملك أدنى فكرة للتدوين حولها لكنني أحاول فقط لأنني أطمح في أن أجد إلهامي أثناء عبور هذه السطور.. ليس لشيء إلا لاني اشتقت للكتابة وارغب في القيام بها.. ما جعلني أتوقف عنها المدة الماضية تلك هي أنني لم أجد الجرأة الكافية لمواجهة هذه الأوراق الخاوية كعقلي الخاوي من الأفكار التي تستحق الكتابة، المزدحم بالأشياء الأخرى كازدحامها -الأوراق- باللون الأبيض الذي لم يبرح ركنا واحدا من أركانها ..


كان آخر ما خططناه سويا أنا وأنت مقالة أقرب في تنسيقها بالخاطرة عنونت بجملة "ما بين السطور".

كنت قد تركت فيها الميدان لقلمي يفعل فيه ما يريد بكامل حريته فخرجت المقالة ذات تنسيق مختلف عما أعتدنا عليه.. ومنذ أن كنت أخطها وانا أفكر.. لكني لم أهتدِ لما يلهمني لأكتب عنه.. وبالطبع لم يتسنى لذلك المخطوط أن ينشر.. أحيانا أتساءل هل ستؤل هذه المخطوطات في النهاية للحرق على يد مختل شرير مثلما فعلا "لاين كوبرت" في كتابات "خوليان كاراكس" بعد موت هذا الأخير انتقاما منه ومحوا لذكراه، حتى تلك الكلمات التي تحملها كتاباته التي فشلت ولم تعرف للنجاح مذاق بين القراء.. أم أن لن يوجد من يتذكر ما اخط ولا حتى مختل ك"كوبرت"!!

لكن حتى وبرغم بؤس "خوليان كاراكس" المنقطع النظير ابتسم له القدر حينما أختار كتابه "ظل الريح" "دانيال سيمبري" ليقرأه.. وحينها قرر -سيمبري الابن- أن يعيد ذكرى "كاراكس" الذي كان محظوظا عندما مُنح فرصة ثانية ليحيا بعد انتصاره وغيابه لسنوات..كان كاراكس محظوظا في تلك اللحظة التي منحته عمرا كاملا بعد عمره.. فهل لي من الحظ ما يمكنني من الظفر بفرصة مماثلة؟!.. لا أظن ذلك للأسف الشديد.. ليس لشيء إلا لأن بكل بساطة لن تجد مخطوطاتي -الفاشلة كخاصة كاراكس في إيجاد قراء لها- لن تجد مكانا يحميها من الغياب في نسيان البشرية كما فعلت "مقبرة الكتب المنسية" لكتب "خوليان كاراكس".

فرصة واحدة كافية لتغير حياتك كلها من جذورها.. فماذا إن كنت مثلي تأتي الفرص زحفا إلى قديمك وأنت تولي ظهرك لها.. حتى وإن لم تكن ملساء مجهزة من كل جوانبها وتحتاج منك بعض الجهد لصقلها يكفي أنها وصلت إليك دونا عن سائر البشر.. لذا أنصحك أن تنجح فيما فشلت أنا فيه.. ألا تكون مثلي .. لا تتركها تفلت وتذوب بين يديك.. حياتك هي تلك الفرص.. أعرف أني أقول لك هذا الكلام لاني أنا من يحتاج إلى سماعه في الأساس.. لأواجه نفسي به.. وأواجه خوفي .. بدون مساعدة..

لن أسمح لفرصة أخرى أن تضيع من بين راحة يدي .. فلا تسمح لها أنت أيضا.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة