الأختلاف من سمات الدنيا ولن ينتهي إلا بنهايتها، ولكن ليس سيئا أبدا كما يظن البعض كالنهار والليل لكل منهم رونقه الخاص.
إن طرحت على مجموعة من الناس سؤال مثل "ماهي أجمل فترة خلال اليوم بالنسبة لك؟" حتما ستلاقي إجابات مختلفة.. فمثلا؛ ستجد من يفضل النهار والصباح الباكر حيث النشاط والبدء من جديد وضوء الشمس الساطع البارد الذي يضيء كل الأشياء ومعها أرواحنا بعد ظلمة الليل..
النهار الذي تملأ فيه رائحة القهوة الأرجاء.. في المنازل وأماكن العمل وحتى في الشوارع.. عندما يصبح الناس مملوئين بالطاقة الإيجابية والحيوية جاهزين لاستقبال يوم جديد في العمل والدراسة وممارسة الرياضة، البسمة تعلو محياهم وجملة "صباح الخير" تتكرر بوقع موسيقي من حولك.. تلك هي أجمل فترات اليوم؛ كل شيء فيها صحو وطبيعي ومستعد للأنطلاق..
حتى الروتين الذي لا نحبه في معظم الأشياء يكون جميلا وتصحو لتنفذه وتستمتع بتفاصيله الصغيرة.. وينقلب مزاجك رأسا على عقب إن فرطت أحد حبات عقد روايتك أو إن إبتعدت عنه لسبب من الأسباب مثل إجازة طويلة الأجل مثلا كما حدث في فترة الحجر المنزلي العام الماضي بسبب جائحة كورونا..
الكثير من الاشياء حولنا نحبها دون أن ندرك ذلك، كصباحنا مثلا.. أن تترجل في الشوارع وهي مستيقظة قبل بضع لحظات وأن ترى ذلك النعاس اللطيف المضحك يعلو أعين الأطفال وهم ذاهبون للمدرسة.. رائحة الخبز الطازج وشكل جرائد الأخبار التي يكتب فيها نفس الأخبار يوميا تقريبا ومع ذلك الكثيرون يحبون إقتناءها يوميا، فهذا هو روتينهم هذه عادتهم وما يشعرهم ببداية اليوم والراحة فيه.. هذا ما يعطي صباحهم رونقه وجماله.
وإجابة أخرى -لسؤلنا عن أفضل فقرات اليوم- قد تكون مختلفة تماما.. فتكون الفترة المفضلة هي الليل الهادئ الصامت .. ليل يتسم بالبساطة كعشاءه الخفيف مثلا أو كوب الشاي الساخن مع مباراة كرة لفريقك المفضل.. أن تجلس لتتابع التلفاز بدون هدف فتكون "مأنتخ" فقط ليس إلا.. صفاء عقلك خلاله بعدما كان يركض يمينا ويسارا خلال اليوم كاملا في صخبه وكثرة تفاصيله ومئات الأفكار تتشاجر بين ثناياه.. الآن أنت تنعم بالهدوء .. تجلس في غرفتك مع نور مصباحك الجانبي الخفيف الذي ينير سطور كتابك المفضل دون تسببه في ألم لعينيك.. نغمات أغانيك المفضلة وسريرك المريح ومنزلك الباعث للأمل والطمأنينة.. النجوم اللامعة التي تخطف بصرك نحوها عبر النافذه فتقف أمامها فتلقي عندها نسمة هواء خاطفة السلام على وجنتيك وخصلات شعرك.. أجمل ما في اليوم هو ليله .. بريء وهادىء، الوقت الأنسب للاسترخاء وإعطاء الذات إجازة من التفكير والدوران بين أعباء الحياة.
الصباح والليل.. الأبيض والأسود .. الأشياء المتضادة رغم أختلافها عن بعضها وتناقضها إلا أن لكل منها جماله الخاص.. وكل شخص منا ينظر من زاوية مختلفة عن الزاوية التي يرى منها الآخر.. لذلك فإن هذا يحب النهار وذاك يحب الليل، وأولئك يحبون الأبيض أكثر من الأسود وهؤلاء العكس وهكذا..ذلك لا يعني قبح النقيض أو يعيبه أو يمحي حقه في الوجود .. الأختلاف وتنوع الاذواق طبيعي فدائما نفس الشخص تبحث عما يشعرها بالراحة ولا يوجد ما يلزم أحدا أو يجبره على حب شيء دون الأخر.. لا أحد يملك حق الحجر على رأي الأخرين أو إمكانية التحكم في نفوسهم وما تفضل..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات