العقل الباطن ذو قدرات خارقة يمكنه ان يرسم لك عالم كامل مستخدما اشخاص ومعطيات حقيقية لكن: تلك الاحداث من وحي خيال عقلك ولا تمت للواقع بصله!

ما الذي يمكنك القول أنك تخاف منه؟ هل الفقدان؟ أم الوحدة؟ عدم قدرتك على الفهم أم عدم قدرة الآخرين على فهمك؟ أتخاف الانعزال في غرفة نائية أم الانعزال بين جمع من الناس لا يكاد أن يراك أحد بينهم!


يقال إن العيون لا تعرف الكذب.. ألهذا السبب تستمر في تحرك عينيك يمينا ويسارا وفي كل اتجاه حينما تحادث أحدا.. أتخاف من أن تشي بك تلك العينان أم تكره أن ترى كيف ينظرون إليك.. تخشى أن ترى نظرة شفقة في أعينهم أو ربما نظرة حقد وكره.. أو نظرة تؤكد لك حدسك أن كل حرف يقال لك فاقد للواقعية وأنك لا يجدر بك تصديقه..


في زمن أصبح من اليسير على الأخ فيه طعن أخيه في ظهره ويضع الصديق السم في قهوة رفيق دربه بكل دم بارد! زمن أصبح من الصعب أن تجد فيه قاتلا جريئا ينظر في عيني من يقتله! زمن فقد فيه الزمن أهميته وهيبته فصار يهدر ويسكب هدرا على الأرض الحل هو الهروب.. الهروب من الذات من الزمن من كل ما هو حولك.. لكن الى اين الملتجأ؟ أللماضي؟ ام للمستقبل الذي تقوم برسم أعمدته في خيالك..

ماذا إن لم يكن الماضي جميلا بالفعل كما تذكر.. فعقلك الباطن يملك تلك القدرة الخارقة التي تمكنه من محو ما لا يرغب به من سجل ذاكرتك وأن يضع مكانها أحداث من محض تأليفه الخاص ليرضي ذاتك.. ماذا إن لم يكن المستقبل مأمونا كما تحلم؟ ماذا إن حدث عكس ما تأمل؟ لا تقلق فعقلك الباطن يمكنه رسم عالم كامل يكون خاصا بك وحدك.. يعتمد على أشخاص تعرفهم في حياتك الواقعية لكنه يعدل من صفاتهم ليجعلهم كما يرضيه فتتعامل معهم في حياتك اليومية استنادا على ما خلقه عقلك الباطن مسبقا من معطيات ترضيك حتى وإن كان ذلك لا يمت للواقع بصلة لكن المهم هو أنه يخلق سعادة لطيفة تحب مذاقها وأن كانت زائفة..


قد ترى هذا الكلام مجرد هراء! وقد تضحك ساخرا منه لكنك لن تقدر على منع عقلك من التفكير فيه ومن مراقبة ذاتك وأفكارك والتفكير في كل من حولك.. وعندها ستسأل سؤالا واحدا.. هل ترى من حولك على حقيقتهم أم أن عقلك قام بمزحته معك واختلق لك جوا تسعد فيه لترضي ذاتك؟


إن كانت حياتك مختلطة الاحداث ودائما ما تتشاجر مع من يقاسمونك تلك الحياة وإن كنت تحزن وتبكي وتسأم وتهرب من المواجهة أحيانا وتصمت أحيانا فتغرق في صمتك أو تغضب فتبرح كل ما حولك ضربا وتكسر وتخرب وتصرخ أحيانا أخرى فلك أن تطمئن على نفسك.. عقلك يمازحك برسم صفات لمن حولك ليست كما هي على الواقع لكنه لم يسيطر عليك سيطرة كاملة.. فإنه إن تمكن من ذلك ستصبح تراهم أمام عينيك الفتوحتين رغم عدم وجودهم امامك.. ستحادثهم وتناقشهم وستسمع منهم ما تحب أن يقال.. لن يعارضوك لن تتشاجر معهم لن تخسرهم لكنك حينها ستخسر نفسك.. حينها يكون قد قطع حبل صلتك بالواقع وهويت من قمة جبل الخيال.. يسمى الأطباء النفسيين ذلك "شيزوفرينيا" أو "فصام الشخصية"لكن تلك المسميات مجرد كلمات مهندمة لتبعد عنا شعورنا إنها قريبة منا أو لرؤيتها أشياء مستحيلة على أمثالنا ومخيفة ومرعبة بالنسبة لنا.. في حين أن حقيقتها ملاصقة لنا ففتيل إشعالها بداخل أجسادنا جميعا..


عندما يسيطر عقلك الباطن على نفسك وإرادتك فيحركها على رؤوس أصابعه كالدمية بكل حرية وبدون أدنى رفض أو اعتراض إعلم حينها أن فتيل القنبلة قد اشتعل!

المرض النفسي حقيقة لابد من التسليم بوجودها وإيقان أن له بذرة مزروعة في نفس كل بشري منا تسقيها الأزمات والأحزان والتسليم للخيال الذي يخلق لذة أولها سعادة وآخرها إما خيبة أمل تسبب صدمه بالواقع فتمنع العقل عن إكمال سبيل الخيال وتعيده لعالمه الحقيقي بكل مافيها من ألآم ، وإما نار تحرق كل ما يملكه ذلك الشخص وكل من يقاسمه درب حياته!


الصراخ والبكاء والندم والشجار وكل ما نعايشه في الغضب والحزن برغم كونه مؤلم إلا أنه يحافظ لنا على الشعرة الفاصلة بين العقل الواعي والغارق في الخيال.

عقلك خارق يمكنه خلق عالم يرضيه في اقل من أجزاء من الثانية ولكنه قاتل أيضا فأحذر من قدراته.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

طريقة وأسلوب كتابتك جدًّا جميل👏
استمري💜

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة