رواية هل تموت الملائكة؟ بقلم هلا بدر لقان - الجزء الثاني

ورد للشرطة اتصال آخر ولنفس السبب، وكانت هذه المرة لانا الضحية، اختفت هي الأخرى، انتشر الخبر وفزع الجميع، وكان المحقق في حالة صدمة.

بدأت الشرطة بالبحث وتوجه المحقق لنفس الغابة التي وُجدت نور فيها وبدأ بالبحث هو وبعض من رجاله، لم يجدوا شيئاً، ذهب للبلدية طالباً خريطة توضح المدينة وانتبه لوجود بعض الغابات على الحدود فأرسل فِرق من رجال الشرطة للبحث في جميع الغابات وبالفعل تم ايجاد لانا في إحداهم.

وجدوها جالسة على جذع إحدى الأشجار العالية وعندما تم إنزالها كانت مقتولة بنفس أسلوب قتل نور، ولكن كان منقوش على ذراعها "والآن يمكنكِ أن تبلغيها تحياتي".

علِم المحقق أن القاتل يقصد نور، لذا فإنه يعرفهما جيداً، وخطر بباله أن القاتل ربما يعمل في الجامعة.

جلس يجوب الغابة ليبحث عن أي دليل ولكن بلا فائدة، يبدو أنه يواجه قاتل محترف لا يترك أي دليل ولو بالخطأ وراءه.

توجه للجامعة وطلب من الجميع عدم الرحيل وبدأ بالتحقيق معهم مرة أخرى ولكن الضحية الآن لانا.

ابتدأ التحقيق مع البروفيسور ماجد، دخل وطلب منه المحقق الجلوس والإجابة على الأسئلة بصدق تام..

المحقق: كيف كانت لانا تتصرف في الأيام السابقة؟

بروفيسور ماجد: كانت حزينة جداً، نور كانت صديقتها المفضلة.

-هل لاحظت أن أحد يراقبها؟ او يتتبعها؟

-لا اعلم، كنت مشغول بعملي.

-هل كان هناك تصرف غريب من أحد الطلاب؟

-كان جميع الطلاب في حالة سيئة من الحزن والقلق، وليس فقط الطلاب بل والعاملين في الجامعة أيضاً.

-أكان هناك عداوة بين لانا وأحدهم هنا؟

بعد تفكير طويل أجاب البروفيسور: قبل أسبوعين تشاجرت لانا ونور مع رانيا وأصلحت بينهما.

واستمر التحقيق بأسئلته المعتادة، جاء دور رانيا، دخلت وجلست وسألها المحقق نفس الأسئلة السابقة وكانت الإجابات عادية لا شك فيها، ثم اتى دور ملاك، الشخص الذي يحب المحقق أداء عمله معه، والذي يتنظر المحقق دوره على أحر من الجمر.

المحقق: مرحباً مرة أخرى، يبدو أننا سنتلاقى كثيراً هذه الفترة.

ملاك: لا أرجو ذلك، فلا أريد أن يموت أحداً آخر.

تغيرت ملامح المحقق وشعر بالإحراج، يبدو أن الإعجاب غير متبادل، ثم سألها الأسئلة المعتادة.

المحقق: ماذا فعلتي في ذلك اليوم؟

ملاك: فعلت ما أفعله كل يوم، غادرت الجامعة ورجعت للبيت لأجهزه فرانيا أبلغتني أنها ستأتي لزيارتي.

استغرب المحقق فرانيا لم تذكر أنها ذهبت لزيارة ملاك، ثم قال: أخبريني بالتفاصيل.

-حسناً، إنها تفاصيل مملة وأنت من طلبها، بعد انتهاء دوامي اتصل بي أبي ليخبرني بأننا سنذهب لزياة جدتي ولكن قلت له بأني لا استطيع ذلك لأني انتظر رانيا ثم تناولت الغداء وجهزت نفسي وأتت رانيا..

قاطعها المحقق: هل ممكن أن تنادي لي رانيا.

ملاك بارتباك: بالطبع. أتت رانيا وطلب المحقق من ملاك الانتظار بالخارج وسأل رانيا: لماذا لم تقولي لي بأنك ذهبتي لملاك؟

رانيا: لقد نسيت وتذكرت بعدما خرجت وقلت لربما لم تكن معلومة مهمة.

-كل شيء وكل تفصيلة مهمة يا رانيا، تفضلي لأسألك بعض الأسئلة..متى ذهبتي لملاك؟

-الساعة 3 والنصف عصراً.

-والوقت الذي وصلتي فيه عندها؟

-الساعة الرابعة.

-ومتى رحلتي؟

-الخامسة والنصف مساءً ووصلت البيت الساعة 5:45 مساءً.

-شكراً لك، بامكانك الخروج الآن.

دخلت ملاك مرة أخرى، جلست وأكملت التحقيق..

المحقق: متى أتت رانيا عندك؟

-الساعة الرابعة.

-ومتى رحلت؟

-الخامسة.

-الخامسة؟

-نعم.

تفاجأ المحقق وتساءل عن سبب كذب رانيا عليه وأين كانت في الخمس وأربعين دقيقة؟

المحقق: شكراً ملاك، يمكنك الذهاب الآن.

بعد انتهاء المحقق من تحقيقه توجه إلى بيت رانيا، لاحظ أن بيتها يقع في منتصف المدينة ولو قارن المسافة بين بيتها وبين كل غابة على الحدود لوجد أن المسافة متقاربة نوعاً ما.

قرع جرس المنزل وفتحت له الباب السيدة سوسن "أم رانيا" وقالت: تفضل، كيف يمكنني أن أساعدك؟

المحقق رافعاً شارته: آسف للازعاج، أنا المحقق سامي يوسف، أحقق في مقتل لانا معتز ونور خالد وأريد أن أسألكِ أنتِ والسيد فضل بعض الأسئلة.

-نعم بالطبع تفضل. وذهبت لتنادي زوجها، وأثناء ذلك جلس المحقق يتأمل بيت رانيا ورأى الحال المادي الصعب الذي تعيشه، ثم سمع صوت صراخ رجل غاضب وضرب وتبين بأنه السيد فضل قد غضب على زوجته، إنه معروف في المدينة بأنه سيء المعاملة ولا يطيقه أحد.

بعد بضع دقائق أتت السيدة سوسن وهي تشعر بالإحراج وقالت: آسفة لقد أطلت انتظارك، زوجي لا يتسطيع الحضور لأن..

قاطعها المحقق: لا بأس، سأسألكِ القليل من الأسئلة وسأذهب.

-تفضل.

-اليوم كنت في الجامعة أؤدي عملي ولقد قابلت ابنتكِ رانيا وسـ..

قالت السيدة سوسن بلهفة: هل قابلت رانيا حقاً؟ أهي بخير؟

استغرب المحقق جداً من ردة فعل أم رانيا وقال: لماذا؟ ألم تعد للمنزل الأمس؟

-لا، لم نرها من أسبوع ولا ترد على الهاتف ولا تقبل الحديث معي أو مع والدها، إنه سيء جداً معها وكان يضربها جداً، لقد هربت..

-إنها بخير..إنها كاذبة.

-هل قلت شيئاً؟

-لا، لا تهتمي، آسف مرة أخرى للازعاج.

خرج المحقق مع عبارات التوديع وفي دماغه علامة استفهام كبيرة، أخذ يمشي من منزل رانيا لمنزل ملاك وكانت المسافة 15 دقيقة، استمر بالمشي ووجد أن لانا تسكن بالقرب من رانيا واكنت المسافة 17 دقيقة.

سأل أحد المارين عن وجود أي غابة بالقرب من هنا فقال له بأن هناك واحد ناحية الشمال والمسافة تستغرق 45 دقيقة فقط.

بدت ملامح الصدمة على وجه المحقق، استقل سيارة تاكسي وتوجه نحو الغابة، عندما وصل اكتشف أنها ليست الغابة التي وُجدت فيها لانا ولا حتى نور، ولكن ربما تكون مكان لضحية أخرى..

بقي سؤال واحد يجول بخاطره"أين رانيا؟".

أجرى المحقق اتصال طلب فيه احضار رانيا لتنتظره بالمكتب وأمر بارسال فِرق حراسة في كل غابة، وبالفعل تم ذلك.

رجع المحقق للحي الذي تسكن فيه لانا وسأل المارين والسكان ما إن رأوا لانا برفقة أحدهم قبل وقوع الجريمة ولكن كانت جميع الاجابات نافية.

رغم أن المحقق وصل لطرف خيط قد يقوده للحل إلا أنه شعر بالاحباط، ذهب للغابة التي وجد فيها لانا وسأل المتواجدين بالقرب من الغابة إذا رأوا شيئاً مريب والجميع أجابوا بأنهم لم يروا شيئاً إلا سيدة قالت بأن ابنتها رأت شخصاً يحمل شيئاً كبيراً على كتفيه ويدخل الغابة، قالت:" عندما أخبرتني ابنتي بذلك لم أعطي أي اهتمام للأمر، قلت لربما تتخيل لأن هذه الغابة لم يدخلها أحد منذ سنوات والكل يخاف أن يدخلها من بعد الشائعات التي انتشرت عنها".

شكر المحقق السيدة ثم غادر، وأصبح يفكر بصوت عالي..

"في الوقت الذي تم رؤية شخص يدخل الغابة لم تكن رانيا بالبيت، وتم رؤية جسم ثقيل على ظهر الداخل لذا ربما الضحية تم قتلها قبل الدخول للغابة، أين تم قتلها؟ كم استغرق ذلك؟".

المشتبه به الأول: رانيا.

اتصل العقيد صالح على المحقق قائلاً:" هل رأيت الأخبار؟ من سرّب المعلومات؟ قلت ألف مرة كل ما يحدث يبقى سري إلى أن يتم العثور على القاتل، ماذا نفعل الآن؟".

لم يأبه المحقق لما قال العقيد فكان عقله مشغول بالقضية، أغلق المكالمة وذهب لإحدى المجلات الإخبارية ووجد الخبر في أول صفحة "ملاك الموت في زيارة للمدينة".

رجع المحقق للمكتب ووجد رانيا بانتظاره، وجدها تبكي بندم ..

رانيا وهي تبكي: أنا... أنا آسفة، هناك ما أريد أن أقوله..أنا..

قاطعهما ضابط شرطة ومعه رسالة.


يُتبع..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أريد الجزء الرابع

إقرأ المزيد من تدوينات هــلا بـدر لقــان

تدوينات ذات صلة