عندما يسقط القمر ,كالمرايا المحطَّمة ,يكبر الظلُّ بيننا ,والأساطير تحتضر ,لا تنامي.. حبيبتي ,جرحنا صار أوسمة ,صار ورداً على قمر... -محمود درويش


أيها القمر, أسدل إلينا بعضًا من خيوطك الفضية نتأرجح عليها ريثما يغادرنا الصحو.

عجيب أمرك ,كيف لك بلا مجهود أن تأسرنا؟ أتتشبه بأحد معارفنا أم تُراه يتشبه بك؟

وعجيب أمرنا ..

نقع في شبابك بلا جهد مقاومة منا!


حسنا سأسرد لكم ما جرى:

ذات أمسية صيفية كنت كالعادة أستلقي تحت ضوء القمر ,أغمضت عيني وكان القمر يترنم بتعويذته المهدئة فما لبث أن أتم حتى انصاع له النسيم وحفيف الأشجار.

كانت أصابع الريح خفيفة سرقتني بلا جهد منها يذكر ,وألقتني بين أذرعها الرطبة, كانت تضمني أو تدفعني بهدوء ,لا أعلم ولكن ما حدث هو أني كنت أسبح على صفحة السماء .

فتحت عيني وتنبهت إلى حالي الذي كان أشبه بغصن متمرد إلتقمه النهر وسار به , أجزم أن الغصن بتلك اللحظة يفكر في أن رحلته أبدية مثلما كنت أفكر أنا ولكن بعد انتهاء رحلة طويلة ,ينضم إلى إخوته على الضفاف وكان كل منهم ذات مرة يظن أن رحلته أبدية!

كنت سأفكر في ذلك ولكن أعرضت عن فكرة التفكير البائسة وتوسدت إحدى السحابات التي كثرت آنذاك وعدت لإغماض عيني .

سمعت ضوضاء بل صوت محرك عتيق ,فانتبهت, فكانت هناك سفينة ضخمة ,كتلك التي في الأساطير ,تسبح بجواري وقرصانًا أربعينيًا يمد لي زورقًا ,أيظن بحركته تلك ينتشلني من الغرق؟

لم آبه وصعدت ,تمسكت به حيث لم يكن له ملمس, لعله كان جزءًا من الرياح ولا ريب.

وعلى متن السفينة العتيقة رأيت الكثير, كان منهم شابًا صدره أجوف! كان به ثقبا بل فوهة عميقة أرى من خلالها زجاجة النبيذ على المنضدة خلفه, ف.. لا لا, لم أتوجم, فلم تكن لي مَلامِحًا حينها, مجرد همس طائر النورس في أذني بأن قلبه سرقته إحداهن على الأرض.

وآخر كان له رأس الكرنب وأخرى استحال شعرها لخيوط صوفية لفرط انشغالها بالغزل!

فسرت بين الناس أفكر كيف أنا في أعينهم؟ ما الذي سرقني وجيء بي على ظهر تلك السفينة؟

وبينما أتحسسُ زخرفةً على أحد الجدران إذ بفتاةٍ رأيتها طبيعية , ليس لها ثعابين بدل الأيادي ولا تزحف بدل المشي ولا يصدر منها صوت الحيتان ولا بها فراء الثعلب -بالمناسبة فراء الثعلب كان يدل على الوفاء وأن صاحبه هنا بعد موت قرينه, سحبته شباك الحزن الثقيلة الواجمة على القلب وجومًا يشعرك ألا نهاية - كانت فتاة عادية ليس بها شيئا غير أني لم أرى عليها ما يدل على الحياة!

, فلما رأتني سارت نحوى وهمست:

أخيرًا وجدت هنا من يشبهني!


هاجر عيد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

وأنت عزيزي, إذ ما صعدت على تلك السفينة كيف سيكون شكلك؟!

إقرأ المزيد من تدوينات هاجر عيد

تدوينات ذات صلة