قد مر على المعمورة ملايين البشر لكن غالبيتهم العظمى فنت وفنى ذكرها معها.. فما الذي يمكن أن يحفظ سيرة الإنسان ويحييه الحياة الأبدية؟

"إنما الناس سطور.. كتبت لكن بماء" (من قصيدة المواكب - جبران خليل جبران)


الإنسان.. بني آدم.. الكائن البشري.. كلها مترادفات لما نحن عليه.. طبيعتنا وكينونتنا..هل تساءلت مسبقا عن عددنا على وجه البسيطة؟

سأقوله لك أنا.. إننا أكثر من سبع مليارات وكسور.. رقم مهول.. كل هذا العدد من بني آدم يعيشون معا في نفس اللحظة في نفس المكان يطمحون لتحقيق نفس الأهداف ونفس الرغبة في إيجاد الطعام والشراب والملبس والمسكن.. صفاتهم الحياتية متقاربة.. ظروفهم التي يحييون وسطها برغم أختلافها متشابهة.. جميعهم بأختلاف أعمارهم وحالاتهم الصحية مصيرهم واحد في النهاية "الموت".


عدد البشر اللذين مروا على هذه الأرض مهول ومرعب لا يمكن حتى حصره بأي طريقة.. يستحيل أن يعرف أي شخص عدد البشر منذ أن خُلق آدم عليه السلام حتى يومنا هذا واللحظة التي تقرأ بها هذه المقالة.. معظمهم فنوا وضاع ذكرهم.. غالبيتهم العظمى آلت إلى ما كانت عليه من قبل أن تخلق.."صارت عدما".


فلنفكر سويا ما هو الذي حفظ ذكر أحد أبناء آدم وحماه -جزئيا- من أن يصبح عدما أو أن تمحى فترة وجوده في الدنيا من ذاكرة الأرض..

الكثير من الناس يفضلون إنجاب الذكور بحجة حفظ أسمائهم من النسيان والضياع في قفار الدنيا.. والكثيرون أيضا رغم إنجابهم الذكور محيت سيرهم.. في حين أن التاريخ قد حفظ سير الكثير من النساء.. فما هو الأساس الذي تسند إليه تلك السير؟ ما الذي سيحفظ الإنسان من الإنجراف في منحدر النسيان ماذا سيمكنه من الوصول للحياه الأبدية؟


العلامة.. العلامة التي تترك في مكان ما هي ما تحفظ ذكر الإنسان من النسيان والضياع وما يمنحه الحياة الأبدية.. هي ما تستمر في الوجود عندما ينقطع وجوده ويؤل إلى مصيره المحدد سلفا.. علامة تركها بعلمه أو بقلمه بذكائه وفهمه.. علامة ألهمت أحد أبناء آدم في زمان غير زمانه الذي عاش فيه.. تلك هي الآثار الباقية.. تلك هي ما قد تجعل منك أبدي وغير منتهي الذكر..


أترك علامة في نفس شخص واحد أو في مجال تهيم بحبه أو علم تؤمن به..

وجودك منتهٍ من قبل بدئه.. أي أن طول عمرك أو قصره لن يغير من النتيجة شيء العلامات التي تتركها خلفك خلال ذلك العمر هي ما ستحفظ وجودك.. هي ما ستجعل منك أبدي الذكر.. أترك علامة حسنة خلفك.. أترك علامة تلهم غيرك.. علامة تحييك الحياة الأبدية.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة