هل فكرت يومًا بالدافع الخفي وراء جرائم التحرش والاغتصاب والقتل والسرقة؟ الدافع الخفي الذي لا يعلن عنه الجاني دائمًا ولا يعترف به الضحايا.

طفل يبلغ من العمر 7 سنوات يتحرش بامرأة في عمر والدته

هل ترى ذلك كبتًا؟ هل ترى هذا الطفل الذي لم يتكون جهازه التناسلي من الأساس مكبوتًا؟ هذا الطفل الذي لم يختبر أي متعة أو لذة جنسية خلال سنوات الفطام ولا يعرف لعضوه الذكري أي وظيفة غير التبول.. مكبوت؟ دعك من هذا الطفل وركز معي على سلوك شاب مراهق، يخيف الإناث في الشارع بكلب أو قطة أو صوت مفاجئ أو حركة مربكة. مشهد سخيف نشاهده يوميًا بالشارع وهو أيضًا تحت بند (التحرش) غير الجنسي، فهو لا يريد أن يلمسها أو ينتهكها مثلًا أو يلمح لها بذلك لا سمح الله ولكنه فقط يريد رؤيتها مرتبكة وخائفة! هل تعتقد أن هذا المراهق مكبوت ويمارس هذا الإرهاب لتفريغ الضغط؟ دعك من هذا المراهق وانظر معي إلى هذا الرجل الراشد الناضج العاقل. ها هو يغتصب زوجته بمنتهى الوحشية زعمًا منه أن هذا هو حقه المشروع، بالرغم من أنه إذا فعل هذا برضى زوجته وترحيبها، ستتضاعف نشوته بالتأكيد! ينتهي اليوم من اغتصاب زوجته ويتحرش غدًا بفتاة أخرى بوجه حق مزعوم وبحُجة أنها متبرجة أو سافرة أو سائرة ليلًا أو سائرة فقط.. هل تعتقد أن هذا الاغتصاب والتحرش أيضًا بدافع الكبت؟! ها هو متزوج منذ 5 سنوات؛ 5 سنوات من الاستقرار والإشباع الجنسي، أين الكبت؟ أضِف إلى ذلك أننا جميعًا نعلم كل طرق تفريغ الكبت.

هل أدركت الآن أن ثمة شيء يربط بين الثلاثة ذكور

(الطفل والمراهق والرجل)؟

نعم يربطهم حب "السيطرة" تربطهم "خدعة الهيمنة الذكورية" هذا الذكر الصغير الذي لُقِن خلال سنوات نشأته الأولى جميع ما يدعم سيطرته ونرجسيته وجميع ما يثبت ضعف أخته وبنت خالته وزميلته وكل تاء تأنيث حوله وقلة حيلتهن جميعًا. يعرف هذا ويعرف كثيرًا عن سيطرته السحرية لكنه لم يختبرها بالفعل، فكيف يثبت هذا المسكين لنفسه أنه مسيطر وقوي؟ يضرب صديقه الأضعف بِنيَّة منه، يضرب أخته الصغرى، يعرف مع الوقت ما يثير غضب الأنثى الغريبة عنه ويضعها تحت تهديد وخوف وهو (التحرش). كبر وأصبح فارغًا خاويًا من كل معاني القوة والسيطرة فهو الآن مراهق سخيف مزعج يُسَب على فعلاته ويُنهَر على درجاته بالمدرسة. كيف يثبت هذا المسكين لنفسه أنه قوي ومسيطر؟ يخيف فتاة مارة بالشارع.. يا لها من نشوة عظيمة! كبرت يا أمي وأصبحت قادرًا على إرهاب وترويع الآمنين في الشوارع، لقد أصبحت رجلًا ما رأيكِ؟ أبي هل أصبحت مثلك الآن أم أشد هيمنة وسيطرة؟ يستمر على هذا النهج طوال مراهقته وشبابه ولا أحد يبالِ. إنه مجرد ولد مزعج مندفع، سيكبر ويهدأ. كبر واحتك بسوق العمل والمجتمع الكبير وأدرك ضرورة جلب المال. ها هو يُستباح يوميًا ولا يستطيع الأخذ بثأره من أحد، لا يعرف كيف يمارس هيمنته ورجولته الضائعة والممزقة بين المدير ومسؤول الموارد البشرية وزملائه الأمهر منه، بين السائقين وصاحب الموقف، بين البائعين والزبائن والأقساط ولقمة العيش. كيف يثبت هذا المسكين لنفسه كل ما حُرم منه من نظرات احترام أو رهبة أو خوف أو طاعة؟ حسنًا يمكنني معاشرة زوجتي رُغمًا عنها، يمكنني التحرش بفتاة مارة بالشارع وترويعها وإخافتها والاستمتاع بصوت أنفاسها المتلاحقة خوفًا مني، يمكنني أن أثبت لنفسي أني قوي ومسيطر ومُستحِق. أنا مسكين ماذا أفعل؟

Rawan_Adel

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

نص حقيقي والتحليل منطقي وددت لو تعمقت اكثر بالطرح

إقرأ المزيد من تدوينات Rawan_Adel

تدوينات ذات صلة