في عام 2005 توجهت للأردن من الامارات للعمل كطبيبة اسنان في أحد المناطق الأقل حظاً (ضليل) كانت نقلة غريبة في حياتي ، هنا مذكراتي وتجربتي وأنا في عشريناتي

كانت البطاقة تحوي رسمة لفتاة ،هذه الرسمة اهديتني أمي نفس البطاقة وأنا طفلة خلال زيارة قامت بها مدرستها لأحد المعارض الفنية في دبي!! كنت سعيدة بها لدرجة أنني اغرمت بها وحاولت تقليد الرسمة وكنت أخرجها يومياً وأتأمل تفاصيلها (لازلت احتفظ بهذه البطاقة) .


هناك فارق زمني حوالي ١٣ عاماً بين الرسمة التي اهدتني إياها أمي والتي أهدتني إياها سارة .

أذكر أنه كان مكتوب على البطاقة اسم الرسامة.

Kathleen fox


( النسخة الحقيقة للبطاقة التي حصلت عليها من الوالدة ونسخة سارة بقيت في الأردن)

طبيبة المصنع ١١ ( كاثلين فوكس)73195764148031600



في ذلك الزمن لم يكن هناك جوجل للحصول على معلومة بكبسة زر وكان لدي فضول لمعرفة من هي صاحبة الرسمة

أذكر أن أخي الذي يكبرني حاول مساعدتي للبحث عن معلومات تتعلق بصاحبة اللوحة ولم تفلح أي طريقة .

كنت أتضايق قديماً كيف كانت البحث عن معلومة يكلفك الكثير من الوقت والجهد، والحصول علـى المعلومة كان فرحة مميزة جهود أخي الجبارة دوماً لربطي مع العالم الخارجي بالمعلومات كانت كبيرة،فأنا اعتبره دوماً مصدر ثقافتي الأول .

يوم ما حصلت على البطاقة من سارة كنا في عام٢٠٠٢ لدينا الانترنت ، رجعت للبيت وفتحت الانترنت وحاولت البحث عن الفنانة ولم أجد أي معلومات عنها للأسف أيضاً.

إلــى أن التقيت بسارة علـى الماسنجر وساعدتني في البحث عن الفنانة وعلمت أنها فنانة إيرلنديه ولدت في القرن ١٩ وتوفيت في القرن ٢٠ وتميزت بخط فني مميز لكنها لم تحضى بالشهرة كبقية الفنانات النساء في ذلك العصر .

أذكر أنني كنت سعيدة بتعاون سارة معي للبحث عن المعلومة التي انتظرتها سنوات .

من ذلك الوقت بدأت سارة تناديني باسم كاثلين فوكس ، وكنت أحب هذا الإسم الجديد ، لدرجة أنها كانت تخاطبني فيه إذا التقينا في الشارع وسجلتني باسم كاثلين فوكس في هاتفها ،وكانت أحياناً تقدمني لصديقاتها بهذا الإسم مما كان طريفاً في بعض الأحيان ، فكيف لفتاة محجبة واسمها كاثلين !!

أنهيت المكالمة مع سارة وبقيت على السرير أراقب الستائر وهي تتحرك حتى غفوت قليلاً . فشمس الأردن الصيفية تغيب على ٨ مساءا ً، كان البيت هاديء ، صعدت نحو السطح ،كنت أحب سطح بيتنا ، مكان التجمع والحفلات العائلية والاجتماعات المهمة ومركز مراقبة الحي ،وضعنا اهتمام كبير جداً بترتيب السطح فقط أضفنا بلاط جيد، جلسة مظللة، جلسة جميلة مرتبة وطاولة ، كانت مساحته كبيرة وعالي ويطل من ٤ جهات على الحي وتوجد غرفة كبيرة فوق تحوي حمام ومطبخ ،أي أنك تستطيع أن تعزل نفسك فوق ، كان والدي يقول مازحاً دوماً أنه المكان المناسب اذا أراد أحدهم (الحردان) .


كانت نسمة الصيف عليلة فوق ،كنت أحب دوماً في إجازة الصيف الوقوف على سور السطح ومراقبة أهل الحي من فوق وأكثرها متعة عندما أتكيء على السور وأضع كوب القهوة واترك الهواء يداعب شعري وأشتم رائحة النعنع القادمة من الحقل الصغير المقابل لبيتنا .

حينا غريب تشعر أنه لوحة سيريالية مضحكة، هو لم يتغير منذ عشرات السنين ،ربما اضيف له مواليد جدد ، نفس الجيران تقريباً ،هناك البيوت الحديثة التي تحوي سكان الخليج مثلنا من السعودية الامارات ، البيوت التي عُمرت من قِبل سكان الكويت المهاجرين خلال حرب الخليج ، وبيوت لأهل الحي القدامى بعضها قديم وبعضها مثل بيت ( الحج مرزوقة) أو كما كنت أسميها (دفتر خروج ودخول الحي! لنا حديث موسع عنها ) ، سطوح البيوت الأخرى وخزانات المياه التي تعود لشركات ذات مسميات غريبة ، بقايا عواميد الخرسانة التي تركها صاحب البيت على أمل أن يبني أبنه طابق ثاني في يوم من الأيام .


( صور التقطتها بكاميرتي نيكون من سطح بيتنا قبل ١١ عام )

طبيبة المصنع ١١ ( كاثلين فوكس)56271310456953096


طبيبة المصنع ١١ ( كاثلين فوكس)72047127284731580




وهناك حقول على مد البصر وهذا ما أغبط حينا عليه مزارع النعنع والخضار ،هي ملك لجارنا ( الحج خليل) هكذا تعودنا على الإسم ،كبير العائلة ، عائلته تتكاثر كل سنة بكمية هائلة من الأحفاد، توقفت عن عد أحفاده منذ سنوات ، زوجته مميزة ذات شخصية جميلة وقوية استطاعت احتواء أولادها ،أحفادها وكناينها في بيت واحد .


كلما وقفت أشرب قهوتي عصراً كنت أشكر الحج الخليل على حقل النعنع الذي تملأ رائحته المكان . في ظلمة الفجر ستشاهد الحج خليل يجلس في منتصف المزرعة ، يحني ظهره وهو يقطف النعنع وبجانبه الراديو مفتوح على إذاعة القرآن الكريم.

محرك سيارة نقل الخضار التي تخص الحج خليل كانت (منبه ) الحي الصباحي ففي إجازات الصيف منذ صغري كنت استيقظ على صوت تشغيل السيارة عند الساعة ٤ فجراً حيث يستيقظ الحج خليل وأولاده تجهيزاً لصلاة لفجر وحمل الخضار لبيعه في السوق ، كان الحج خليل رجل عصبي ، تسمع توبيخه لأولاده طوال اليوم ، برغم الحياة الفطرية التي تحياها هذه العائلة لكن كنت أشعر أن حياتهم مملة ، فهم يدورون في دائرة واحدة طوال اليوم داخل حقولهم ،ممنوع لأحد الأبناء أن ينشق من العائلة.


درت دورة كاملة فوق السطح لأشاهد الحي بشكل كامل ، وقفت عند الزاوية التي يمكنني أن أشاهد بيت جدتي (لأمي )

الذي يبعد عنا (١٠ خطوات مشياً) من بابنا لبابهم و٥٠ خطوة صعوداً على درج للوصول للبيت الرئيسي فالبيت يقع على تلة وهذه التلة عبارة عن بستان مليء بالشجر .


رأيت بنات خالاتي يلعبن في بستان الجدة ، وأولاد عمي يلعبون في الشارع ،ونساء يمارسن رياضة المشي ( بالنسبة لهم ) فهم يخبروك أنها رياضة بينما تجدهن كل ١٠ دقائق يقفن عند كل جارة ويفتحن موضوع يستغرق ٢٠ دقيقة هذا إن لم يكن هناك إغراءات للصعود وتناول القهوة ، رأيت جارتنا الشيشانية أم أسامة بوجهها المدور المحمر ، أحب أم أسامة جداً وبيتها مليء بالذكريات الطفولية خلال اجازات الصيف .


سارت بداخلي قشعريرة سرور أنني سأبقى في الأردن و تجربة العيش لوحدي أخيراً ، حلمي الاستقلالية، كانت أحد أهدافي وأنا صغيرة أن أستقل لوحدي ، ربما هذه التجربة ليست استقلالاً بمعنى الكلمة حيث يقطن بيتنا في بناية موحدة تحوي بيت جدي الكبير ( والد أبي) وعمي الذي يقطن أسفل بيتنا .

لكن في النهاية سأستيقظ لوحدي وسأحدد يومي بنفسي ، أشعر دوماً أن حياتي ستكون منظمة عندما سأكون لوحدي ، وأهدافي كلها ستتحقق لو كنت لوحدي ! لا أعلم كيف كونت هذه الرغبة ومتى! لكن أكاد أجزم أنه منذ أول يوم جئت فيه للحياة كنت أود أن أكون لوحدي!! لذلك فكرت الارتباط كانت تخنقني ، فكنت أرى الزواج تدمير لأحلام الاستقلال وكنت أصدم عندما أسمع أحد صديقاتي تقول ( مستحيل أعيش لوحدي ! أو أنها تشعر بالملل لو بقيت لوحدها) ، يمكنني الجلوس في مكان لشهور دون أن أطلب مشاركة أحد !!


كانت هذه الأمنية تضايق أهلي ، وتعتبر أنه نوع من العقوق وكان والدي يسألني دوماً :؛ هل نحن سيئين لكي تتمنى العيش لوحدك !! ؛هذا الموضوع ليس له علاقة بالأهل بتاتاً ، فأنا عشت في عائلة عربية تشبه أي عائلة في تحكمها وخوفها على أبنائها وعلاقة أبويه لطيفة وطفولة هادئة رائعة قليلة الصدمات ، لكن أحب فرديتي، أعتقد أنني أفضل مع نفسي .

ولا أحد يستطيع تسلية أريج غير أريج .


سمعت صوت أمي يناديني من أسفل الدرج :أريج إنتِ فوق ؟

أنا : هيني فوق .

أمي: دورت عليك تحت فكرتك نايمة تعالي إنزلي أحكيلك آخر الأخبار.


نزلت لبيتنا وجدت أبي جالس في الصالة، جاءت أمي وقالت : بتعرفي وين كنا ؟ كنا عند عمك جميل تحت .


أنا : طيب !

أمي: إحزري مين خطب ، بنت عمك هديل ، عمك اجتمع مع أبوك و خبرنا أن قراية الفاتحة بكرة وحفلة الخطبة الخميس الجاي .

عندما قالت لي أمي هذا الخبر دق قلبي فرحاً !


أنا : بتحكي جد ، أف أخيراً.


كنت سعيدة بخطبة بنت عمي ، وكأن جبلاً كان على صدري وإنزاح !


المشكلة لم تكن في بنت عمتي إنما في والدتها ، فقد كان زواج ابنتها هدف أساسي ويجب أن يكون قبل زواجي

أعتقد لو أنني خطبت قبلها فسيكون طامة على زوجة عمي ، هذه المشاعر كانت تسبب لي ضغط لم يفهم الأغلبية

وكان التوتر الذي رأيته ألف مرة على وجه زوجة عمي في كل مرة تسمع بقدوم خطيبي لي . فهي تود أن تتزوج ابنتها قبلي بأي طريقة .


أنا : الحمدلله والله مبسوطة يمكن أكتر من هديل ، أكيد والدتها فرحانة ، مين العريس .


والدي : بقول عمك شب منيح تعرفت عليه وهي تاخد دروس كمبيوتر أظن هو مدرب فيه.


أنا : المهم بتعرفه ومقتنعة فيه وهذا الأهم .


والدتي : وأنت نازلة عند بيت جدك مري باركي لهديل.


أنا : أه أكيد .

والدتي : ولازم تشوفي شو بدك تلبسي للحفلة.


أنا : أكيد بدي اشتري شي جديد ما جبت معي فساتين من الإمارات .


تحمست لفكرة شراء فستان جديد فطوال السنة الماضية كنت قد قررت الالتزام بنظام غذائي جيد ورياضة ، فقد حفظتني بلاطات منطقة المجاز التي أقيم فيها بلاطة بلاطة من مسافة المشي عليها.


ارتديت ملابسي ونزلت درجات بيتنا الداخلية لأصل لبيت عمي جميل ودققت الباب لتستقبلني زوجة عمي التي بمجرد أن رأتني لمعت عينها فرحاً واحتضتني بقوة ومن ثم أخذت تتأملني بنظرات كلها شفقة .


أنا : مبروك خالتو لخطبة هديل .


زوجة عمي : حبيبتي يا أريج كلك ذوق يارب نسمع أخبار خطبتك قريباً.


أنا : شكراً خالتو بس لسه بكير.


زوجة عمي: له له شو هالحكي ، ما تقلقي كل شيء نصيب .


صمت ولم أعرف كيف أرد ! فاجأتني طريقة كلامها ، لماذا تشعر بالشفقة نحوي الآن وكأنني خسرت صفقة كبيرة.


سمعت صوت عمي جميل من خلفي ، عمي جميل ،شخصية حنونة جداً، مبتسم ، دمه خفيف وجلساته لا يمكن تفويتها طويل القامة ،كنت أراه مثال الرجل المثابر الذي تغرب مبكراً في السعودية و الذي ربى عدد كبير من الأبناء ووفر لهم كل ما يحتاجونه ويدرسون الآن في أفضل الجامعات .


اقترب عمي جميل واحتضني : حبيبتي أروج ، نور البيت .

أنا:عمو مبارك لهديل .


رأيت الدموع في عيني عمي الذي كان سريع التأثر بالمواقف العاطفية ،بالرغم من شخصيته القوية في الحياة وطوله الفارع فقد كان عاطفياً لطيفاً يبكيه أي موقف .


عمي جميل: عمو تسلمي والله جينتك ومباركتك أحلي شي ، تعالي نشرب شاي.


كانت نبرت عمي تشعرني وكأنه يحاول التخفيف عني ، لا أعلم لماذا قد يشعر أحدهم أنني (مسكينة) لأن أحد فتيات العائلة قد سبقتني في الخطبة ،من قال أنني أكترث أصلاً. هذه لم تكن أول مرة بل كنت أرى تلك النبرة والتصرفات في بعض زواج فتيات من الأقرباء !! من قرر أن كل فتاة قد تغار من خطبة فتاة أخرى !؟؟ ماهذه النمطية المستفزة !!


جلست مع عمي لشرب الشاي هو وزوجته وأحد أبناءه وجاءت هديل .

هديل ابنه عمي شخصية يعتقد الأغلبية في عائلتنا أنها شخصية متمردة أو جدلية ! لكني كنت أراها الأكثر طيبة وسذاجة .


وكنت أشعر أن المقارنة الظالمة التي كانت تعقد بيني وبينها والتي أدت لتراكم بعض الحقد بداخل هديل من ناحيتي في اعتقادي .

فالكل في العائلة كان يراني الفتاة المؤدبة الفنانة اللبقة في الحديث التي لا تتمرد على العادات والتقاليد ! بينما هديل فهي نموذج سيء للفتاة العربية فهي تمردت على تقاليد اللبس ، لم تتماشى مع قوانين الأقرباء ،لم تكن تريد ما يريده الآخرين .


هديل باختصار هي ضحية لقلة خبرة ! فبنت عمي هديل عاشت وتربت طوال حياتها في السعودية ، لم تكن السعودية بلد مفتوح كما كانت الإمارات ، انهت الثانوية في السعودية واتجهت للأردن برغبه والديها وسجلت في جامعة في الأردن .


تغربت وهي لم تكد تتجاوز ١٧ ، عمي كان رجل حنون جداً على بناته ولم يدقق في تلك الصدمة الثقافية بين السعودية والأردن من فتاة مدللة إلى حياة الغربة والاعتماد بالنفس ! كل ذلك لم تتحمله هديل داخلياً وترجمته لتصرفات لم يفهمها البعض.

هديل لم تكن فتاة متحررة كما رأها البعض ! ولم تتعمد التحرر ، كنت أراها فتاة متخبطة بتجارب لم تعلم كيف تتجاوزها .

فمن محيط لا يتجاوز العائلة والمدرسة إلى محيط مليء بالناس الغريبة والمواقف الجديدة .كنت أشعر بالشفقة عليها .

الأقرباء في الأردن لم يستوعبوا تخبط هديل ، فهي ترتدي الحجاب تارة ،من ثم تخلعه ، تغير لون شعرها فجأه ، تغير صديقاتها ، تقرر تغيير تخصصها !! كل ذلك كان يراه الجميع تمرد يجب كبحه ( من قبل الأقارب في الأردن وليس أهلها) ..


فكان أعمامي الإخرين يرددون دوماً بينهم " لو أريج مكانها لما فعلت ذلك ، شوفي أريج ، شوفي أدب أريج " الدكتورة أريج جاءت والدكتور أريج راحت وهديل لم تكد تكمل في تخصص واحد ! هذه المقارنات كانت تستفزني جداً.

أحياناً كنت أتساءل كيف لم تقدم هديل علـى قتلي طوال السنوات الماضية بسبب هذه المقارنات .


اتعلمون ما المضحك !! أنني كنت أحسد هديل على جرأتها وتمردها ، فلم تكن لدي تلك الجرأة . لكن كان لدي ربما شيء أفضل .

وهو الذكاء الاجتماعي ، فأنا لو كنت مكان هديل كنت سأتصرف بدهاء أكثر ، سأفعل كل ما أريده بشكل ذكي ، سألقي ما يريد أن يسمعه ويراه الأخرين وأشبع رغباتهم (بمثاليتي) في المقابل سأحقق ما أراه مناسباً لي وسأخرج بأقل الخسائر ، هديل لم تكن ذكية كفاية بتجربة الغربة ،فقد كانت تتمرد لتقول للناس أنظروا ماذا أفعل ، لكن أنا سأتمرد لكي استمتع وأتعلم بهذه التجربة ولن أسمح لأحد ما بالحصر تجربتي .


جلست قليلاً مع هديل، تحدثنا قليلاً ، ثم أنهيت الزيارة ونزلت متجه نحو بيت جدتي . بيتنا يقع من ضمن مبنى يحوي ٣ طوابق حيث بيت جدي الكبير في الـأرضي وبيت عمي جميل في الطابق الثاني وبيتنا في الثالث ، جميعنا لدينا مداخل مستقلة ، لكن من المستحيل أن تمر دون أن ينتبه أحد من الساكنين أنك عبرت ،المحطات التي تقف عليها حتى تصل للباب الرئيسي كثيرة ، وهنا لن تجد لخصوصيتك أي مكان ! والمشوار الذي تستغرقه للوصول لباب بيتك قد يصل لساعات .


أحيانا ً هذه المحطات لا تضايقني ولكن في بعض الحالات التي تبحث فيها عن الخصوصية فهي ستكون مزعجة جداً . لم أكد أصل باب بيتنا الخارجي حتى سمعت صوت عمي صافي يناديني من بيت جدي فقد لمحني وهو يشرب القهوة على التراس : تعالي عمو إشربي قهوة .

لم أشأ أن أرفض طلبه ، لابأس بفنجان رقم ٦ لليوم وتأخر آخر للوصل لبيت الجدة ، تعودت الوقوف في محطته ، دخلت عنده وجلست وصب لي القهوة وتحدثنا عن يومي في ضليل ومن ثم تركته .


خرجت أخيراً شارع حينا ، رأيت أختي سماح من بعيد هي وابنة عمي المفضلة (مي) سماح كانت عائدة من تدريب التوفل الذي سيسمح لها بالتسجيل في الجامعة الأمريكية في الشارقة ، فكان اقتراح أهلي أن تحصل على التوفل من الأردن بدلاً من تضيعت الوقت قبل التسجيل ، لوحت لها من بعيد هي ومي وأكملت طريقي .


مشيت متوجهه نحو بيت الجدة وصعدت نحو درج بيتها الذي أحبه وأحب كل ذكريات اللعب عليه .


صعدت ووجدت الجميع ،خالاتي ، جدتي ، بعض أولاد و بنات خالاتي يجلسون في الخارج أسفل الياسمينة والدالية ، القهوة وبعض الفاكهة والتسالي ، كنت أحب هذه التجمعات وجلوسنا أسفل الياسمينة ، ،ذلك الشعور عندما تسقط ياسمينة على كتفك أو على رأسك ، ونسمة الصيف تأتيك برائحة الياسمين ، والدالية بقطف عنبها الكبير ، لم أكن أحب العنب ولازلت لا أحبه ، لكن عنب دالية جدتي لا يمكن مقاومته . كان جزء من الجلسة تندر وأحاديث عن أول يوم لي في ضليل ، الكل كان متحمس لسماع أول تجربة لي في شغل خاص في عيادة ومكان غير اعتيادي .. لحقتني أمي وأبي وسماح لبيت جدتي وطالت الجلسة وتحولت إلى سهرة وقاربت الساعة للتاسعة وبدأت أمي ممارسة أمتع ممارستها وهو النق للذهاب للنوم باكراً ،اعتقد أن أمي تفتقد هذه الممارسة منذ الطفولة وحان الوقت لإعادتها واستخدام أساليب المعلمة في إعطاء الأوامر .


أمي : خلينا نروح لازم تروحي تنامي بكير وراك دوام .


أنا : يعني بدك أنام من ١٠ لسه بكير .


أمي : خلص صار لازم تنظمي نومك .


أنا: بلشنا ، إنت بتعرفي ما بحب النق وخاصة على موضوع الروحة للنوم .


قامت أمي من مكانها وكان والدي لازال مشغولاً بالحديث مع البقية لتجبرني على القيام أيضاً بينما خالاتي في الخلفية يقنعوها أن الوقت لازال باكراً ،شعرت هنا بالضغط الشديد وتأملت هذه الجلسة الجميلة وكمية السهرات الممتعة التي سأفقدها ، فسهرات الأردن الصيفية لا يمكن تفويتها سواء في بيت أجدادي ، الأكلات المفاجئة ، الضحكات والتنمر المسموح والنقاشات التي لا تنتهي ، والتحزبات ، فهنا مجموعة أولاد وبنات الخالات وهنا مجموعة الخالات وهنا تجمع الأصهر ، كيف لي أن أذهب للنوم وترك هذه المتع !! لكن يبدو أن الأمر أصبح جدياً وتجربة العمل في الأردن لن تكون سهلة فالحياة الاجتماعية هنا ملهية وممتعة وأنا متعطشة لها بعد الجفاف الاجتماعي في الإمارات .


انتصرت أمي ونزلنا للبيت ، كانت الساعة قد أصبحت ١١ مساءاً ، حسبنا أنا ووالدي الوقت الذي احتاجه للوصول للضليل مع المواصلات لكي ألحق دوام الساعة ٨ صباحاً فكان لا بد من الاستيقاظ على ٥ صباحاً .

رن المنبه ، لم أصدق أنها أصبحت ٥ صباحا ، لم أشعر متى نمت!! هذا واضح كم كنت متعبة ، لم أشعر بالحماس للذهاب للضليل ، فلماذا أشقى كل هذا الشقاء لكي أجني القليل من الدنانير ! ثم تذكرت أن المهم هي التجربة

لا يهم النقود ولا المكان .

قمت متثاقلة وجهزت نفسي ، نظرت لأختي النائمة ، لم أغبطها ، فهي لديها يوم طويل أيضاً .

مررت للمطبخ أعدت شطيرة ووصتني أمي أن آخذ تفاحة معي وأعددت القهوة وشربتها بسرعة .

نزلت من البيت ، البناية كلها نائمة ، والحي هاديء .


لإلتقاط أول باص كان يجب علي الصعود لتلة ضيقة محاط ببيوت من الجنبين .


كان الجو حار جداً والشمس في بداية شروقها ، وصلت لمكان قدوم الباص ، لم يكن هناك موقف رسمي ، لكن أهل الحي هم من قرروا أن يكون مكان صعود الباص هنا ، كانت الدكاكين مغلقة ، ماعدا بائع الخضار الذي كان يرتب خضرواته ويرشها بالماء ،فأعطاني بعض الانتعاش .

جاء الباص أخيراً ،وصعدت عليه ، كان شبه فارغ ، كان أغلب الركاب قد غلبهم النعاس ورائحة قهوة كنترول الباص تفوح في المكان ، لماذا لم أجلب معي كوب قهوة !؟؟ ، في العادة لا استطيع بدأ يومي بدون القهوة المضاف عليها كريمة !!


كنا جميعاً نترنح بينما الباص يمشي ، وكلما تقدم الباص بدأت الحياة تظهر في الشارع ، كلما توقفنا لتحميل راكب ، كنت أتسائل إلى أين يتوجه هذا الراكب ؟؟


صعدت امرأة تحمل طفل رضيع وطفلة تكاد تمشي ، رفعها الكنترول الطفلة من الأرض لداخل الباص ، جلست المرأة بجانبي ، وبقيت الطفلة تتأملني بينما تأكل قطعة خبز ، إلى أين تذهب هذه المرأة ؟ هل من المعقول إنها تشاجرت مع زوجها وتذهب الآن إلى أهلها ؟ أو ربما ذاهبة نحو الصحية لمعالجة أحد أطفالها أو تذهب في صبحية لأحد جاراتها !! رسمت سيناريوهات عديدة بينما كانت الطفلة لاتزال تنظر نحوي بتمعن .

اقتربنا من مكان مجمع الباصات حيث سآخذ باص ضليل ، ،قبل كيلومتر واحد توقف الباص فجأة !! وبدا التوتر على السائق ، وقفز كنترول الباص من الباب للخارج ليتفقد الباص ، قال شيئاً لصاحب الباص الذي استدار نحونا وقال : يا جماعة ، انزلوا الباص خرب ، معلش كملوا مشي للمجمع هيو هون ..


احتج البعض ، لم أرغب في الاحتجاج فقد كنت أعلم أن الاحتجاج مضيعة للوقت ، وقفت فنظرت نحوي المرأة : يعني بدك تنزلي ؟

أنا : أه

المرأة : إفرضي اشتغل الباص .

أنا: ما اعتقد .

ابتسمت المرأه ، لم أفهم سبب ابتسامتها .


نزلت معي وبينما كنا نمشي نحو المجمع سألتني : إنت مذيعة ؟


التفت نحوها : أنا !! لأ شو خلاك تحكي هيك .


المرأة : حكيتي كلمة غريبة (اعتقدت ) بسمعها في التلفزيون .


أنا : طيب عادي بتنحكـي كتير .


المرأة : لا مو عادي أول مرة بسمعها من حدا .


أنا: بتحبي أساعدك في بنتك شكلها تعبت من المشي .


المرأة : لا هيني وصلت جاي عند جارتي ساكنة عند بالة المجمع أشرب قهوة عندها، تفضلي معي .


أنا: شكراً كتير كلك ذوق لازم أروح للمجمع .


المرأة : الله معك .


تركت المرأة وشعرا بالانتصار أن أحد سيناريوهاتي قد أصابت .



كان من المفروض أن أعبر النفق الذي يربط شارع السعادة بمجمع الباصات ! أو أن أقطع الشارع العريض للوصول .


بينما كنت متوجهه للنفق شعرت بأن أحد يحاول الاقتراب مني من الخلف ، التفت لأجد شاب يبتسم ابتسامة ساذجة وقال : بتحبي أوصل شكلك ضايعة .

لم أكترث لكلامه وأكملت طريقي بشكل متسارع ، كان لايزال يمشي خلفي ، كنت أشعرأنه يتبعني من ظله وكان يردد بعض الكلمات التي لم أفهمها ،كان قلبي ينبض بسرعة من الخوف وأنفاسي تتسارع وذلك الشاب يسرع في خطواته كلما أسرعت .

كنت استغرب من وقاحته برغم كمية الناس المتواجدة حولنا ، شعرت وقتها أنني وحيدة أنا وهو ، رأيت مدخل النفق بدأ يقترب .

ماكدت أصل حتى خطر ببالي ، ماذا لو أن المحلات في النفق لازال مغلقة !! سأكون وحدي مع هذا الوغد !!

بينما كنت أمشي نحو المدخل سمعت الشاب يقول من خلفي : روحي يالله روحي للنفق .


هنا غيرت اتجاهي فوراً نحو الشارع لكي أقطعه كنت مستعدة أن اتعرض للدهس على إكمال هذا الموقف ، فجأة رأيت شرطي يقف عند الرصيف اتجهت نحوه ووقفت بجانبه والتفت للخلف ولم أجد الشاب الذي اختفي فجأة .


وصلت لمكان باصات ضليل ، كنت أتصبب غرقاً ، ورجلي تؤلمني من التشنج الذي أصابها من سرعة المشي والتوتر


( لن أعود غداً لضليل ) بدأ أسمع هذه الجملة في رأسي ، فقد فقدت أعصابي في لحظة بسبب تحرش ذلك الشاب.


رأيت طابور طويل عند باصات ضليل مما زاد الطين بلة في نفسيتي ، قررت الالتفاف والعودة للبيت ، أصلاً لا أحد يشجعني على الاستمرار في هذا المكان .


ما كدت أصل حتي لمحت الدكتور سامي يقف في الطابور ، كان يلمع من بعيد ببشرته البيضاء وقد أحمر وجهه من حرارة الشمس ،يحمل حقيبته ويقف بثبات في مكانه ، شعرت بالراحة عند رؤيته على الأقل لن أضطر لإكمال الطريق للضليل وأنا أفكر في ما حصل معي قبل قليل أتمنى أن يشتت دماغي .


ابتسم الدكتور سامي على عند رؤيتي وقال: والله ورجعتك ضليل .

كنت في حالة يرثى لها بعد الموقف الأخير ،لم أرد ، كنت أود البكاء والصراخ لكني تماسكت وحاولت عدم إخباره بشيء.


دكتور سامي : ليش شكلك كإنك جاي من بيتكم مشي ؟


أنا : فعلاً الباص وقف فينا قبل كم كيلو وكملنا مشي !


ضحك الدكتور سامي بسخرية ،مما أثار غيضي ، لكن عندما لاحظ أنني لم أشاركه الضحك سكت .


دكتور سامي : طيب تاخدي مي .



أنا : ياريت .


أعطاني الدكتور سامي زجاجة ماء جديدة وشربت ، كنت احتاج لبعض الوقت للعودة لطبيعتي ، لكني تمالكت ،أكملت كلامي : يعني الواحد لازم أي ساعة يجي ليلحق الباص معقول صارت 6 ونص تقريباً وفي طوابير !


دكتور سامي : إذا تأخرتي 5 دقائق لبعد 6 ونص مستحيل توصلي لضليل ، شايفة هذا الطابور بيوصل لهناك ،وأشار لمكان غير معروف ،كان الدكتور سامي يحب الإشارة نحو اتجاه غير معلوم بأصبعه دوما ً لم أفهم لماذا كان يحب هذه الحركة !!


أنا : طيب سؤال ليش كل هدول رايحين لضليل شو في هناك؟ كنت أفكرها فاضية .

الدكتور سامي : مثل ما إنت رايحة؟

ضحكت لجملته .

الدكتور سامي : أخيراً ضحكتك ، أنا دمي خفيف صح ؟

أنا : ما بعرف .

دكتور سامي : كل حدا عرفني حكـي عني دمي خفيف .

أنا : طيب لنشوف لسه إمبارح شفتك.

الدكتور سامي : لا لا الخميس شفتيني .

أنا : إنت شوّفتني حالك .

ضحك الدكتور سامي بصوت عالي : صح أنا تعمدت أدخل وأطلع عشان أشوف مين هاي المجنونة يلي قررت تقعد تشتغل في ضليل ، إنت مجنونة يا بنت !

أنا : ليش محسسني جاي اشتغل في منجم .

دكتور سامي : هذا المكان أسوء من المنجم .

أنا : وحضرتك ليش في ضليل بما إنو أسوء مكان .


دكتور سامي : عشان العزلة .


أنا : كيف يغني ما فهمت .


الدكتور سامي : بدي أبعد عن أقاربي عشان مو كل شوي ينط حدا فيهم ويحكيلي عالجني ويحرجني .


أنا: طيب ما هو إنت ماخد راتب ثابت شو خسران لو عالجتهم .


الدكتور سامي : لأنهم بعد فترة بنطوا وما بكون عاجبهم العلاج ، أحكيلك شغله يمكن الحسنة الوحيدة في ضليل هو إنك بعيدة عن أقاربك.


أنا: أقاربي فرحانين إني دكتورة وبكون سعيدة إني بعالجهم .


الدكتور سامي : هذا اسمو عبط .


أنا : شكراً


الدكتور سامي : شكلنا حنتفق.


أنا : علـى العبط ؟


ضحك الدكتور سامي حتى زاد وجهه إحمراراً .


جاء الباص إخيراً وبدأ الناس يهجمون نحو الباب في الزحام سألت الدكتور سامي : يعني بدي أفهم ليش ما يوقفوا بالدور ؟ طلب مني الدكتور سامي التراجع للخلف وعدم الدخول في الازدحام .


أنا : دكتور بما إنك خبير أكتر مني في المنطقة ما عندك تقنية كيف ممكن نطلع للباص ؟

الدكتور سامي : بلا في بس أنا مؤدب وما بدي أشرحها لك .


لم أفهم ما قاله الدكتور هل كانت مزحة أم حقيقة !!

أخذ كنترول الباص يصرخ في الجميع للوقوف في طابور وفجأه أشار نحونا وقال : تفضلوا يا دكاترة أنتو الأول. .

نظرت نحو الدكتور سامي باستغراب ، صعدنا نحو الباص ! لم استوعب ما حدث ! كيف علم أننا فعلاً أطباء.

شعرت بالسعادة فقد صعدنا أول الناس وكأنها مكافأة على عدم الزحام . جلس الدكتور سامي بجانبي ووضع حقيبته على

أنا : دكتور هو شكله بيعرفك إنك دكتور في ضليل صح ؟

الدكتور سامي بدون أي تعبير على وجهه : ولا بيعرفني .

أنا : طيب كيف هيك؟

الدكتور سامي : مصطلح دكاترة بينحكى للناس المتكتكة مثلي ومثلك .

أنا : على فكرة في معنا ناس متكتكة.

الدكتور سامي : بتسمي هدول ناس متكتكة .

أنا : عيب هالحكي احتمال هدول أحسن مني ومنك .

الدكتور سامي : طيب يا ستي أحسن مني ومنك ما تزعلي لكن نصيحة ،هالمثالية ما بتنفع هون بدك تتوحشي شوي .

أنا: بصراحة شكلي أول حدا حتوحش عليه هو إنت .

كنت استغرب كيف كان يتقبل الدكتور سامي كل كلمة مستفزة مني ويضحك عليها ، وأحياناً لا أستوعبه هل هو غاضب أم لا فتعابير وجهه أحياناً تبدو جامدة مثل شخصية JIGSAW. في فيلم SAW

أكمل الدكتور سامي كلامه : إحنا طبقات وكل حدا لازم يستوعب هو من أي طبقة .

أنا: إحنا في سنة ٢٠٠٥ مو في سنة ١٦٠٠ أيام الطبقات الاستقراطية .

الدكتور سامي : على فكرة أنا من الطبقة الاستقراطية ، وأزاح الدكتور سامي عن كمه ليرني عروقه الزرقاء.

وأكمل : إنت بتعرفي أنو زمان يلي كانت عروقه زرقا معناه إنه من الطبقة الاستقراطية .

أنا : بعرف .

وأزحت رأسي لجهة الشباك .

والتفت للدكتور سامي مرة أخرى: دكتور بتعرف سبيس تون .

الدكتور سامي : أه القناة تاعت الأطفال ، بنت أختي بحبها .

أنا: المفروض يعملوا كوكب المستفزين ويعملوه عشانك تحديداً .

ضحك الدكتور سامي .

جاء كنترول الباص وطلب الحساب ، مدت يدي لأعطيه الحساب ، لكن الدكتور سامي رمقني بنظرة غريبة جعلتني أتراجع عن دفع حسابي .

الدكتور سامي : يعني عيب عليكِ أنا معك وتدفعي .

أنا : حتفلس ،إذا كل مرة بدك تدفع عني .

الدكتور سامي : بس تقبضي أول راتب ببطل أدفعلك .

أنا: ليكون بتدفعلي عشان أنا من طبقة العبيد وحضرتك من الطبقة الاستقراطية؟

الدكتور سامي : شكلك زعلتي.

أنا: أنا مو زعلانة على حالي أنا زعلانه عليك ، مشفقة عليك وعلى غطرستك.

الدكتور سامي : أف !! غطرسة !!إنت يلي المفروض تكوني في سبيس تون إخر مرة سمعت هالكلمة كانت في مسلسل كرتون.

الدكتور سامي : ساعتك حلوة .

نظرت نحو الدكتور سامي الذي غير الموضوع في ثانية ونجح فعلاً في تشتيت دماغي ونسيان ما حدث معي صباحاً ونسيان حديثه عن الطبقية.

أنا : شكراً ، هدية أهلي وقت تخرجي من الجامعة .

أمسك الدكتور سامي يدي ليشاهد الساعة ، صدمت من حركته : دكتور طيب خد إذني قبل ما تمد إيدك .

الدكتور سامي : أنا دكتور يعني دائماً بفحص مرضى .

أنا : دكتور شو دخل !!؟ بدك تشوف الساعة خبرني أنا بفرجيك إياها ، عيب تمسك إيدي.

الدكتور سامي : آسف.

لم يستمر غضبي مطولاً من الدكتور سامي حيث اعتبرته شخصية جدلية ومضحكة ، بالرغم من استفزازه الدائم لكن ما كان يشعرني بالراحة أنه يقول في وجهي ما يفكر به فوراً دون أي تلميحات غير مباشرة !!

بقينا نتحدث أنا والدكتور سامي طوال الطريق لم نشعر بالوقت ، تحدثنا عن جامعاتنا ، مشاريعنا المستقبلية ، الأصدقاء ، حدثني عن السعودية ( حيث ولد وعاش قبل رجوع أهله للأردن ) وحدثته عن الإمارات . وصلنا للعيادة ونزلنا من الباص .

أنا : ياريتني جبت معي نكسافيه كيف بدي أكمل يومي بدونه .

الدكتور سامي : تعالي معي .

كنا قد نزلنا عن بداية الممر الترابي المؤدي للعيادة حيث يقع عند بدايته دكان صغير جداً .

الدكتور سامي : اشتري من هون كياس قهوه فورية ،قضي حاجتك مؤقتاً .

ما كدنا ندخل للدكان حتى انتبهت أن ساعاتي ليست بيدي!!!

يتبع


Areej Toyllywood

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Areej Toyllywood

تدوينات ذات صلة