هذه التكلات المعزولة، تعكس فرديتنا وفوضانا وتفرقنا وتشرذمنا، لأننا لا نحس ببعضنا، ولا نلتمس لغيرنا الأعذار.نحن مجرد تكتلات بشرية لا ترقى لوصف مجتمع بعد،
عن مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي:
من خلال متابعتي لوسائل التقاطع الاجتماعي -عفوا- أقصد وسائل التواصل الاجتماعي لاحظت بعض السلوكيات التي لن تخدم أمتنا في شيء.
أرغب بالتعلم دائما لذلك أحتك بما يسمى بالنخب كثيرا حتى أستفيد، لذلك أنا عضوة في مجموعات متخصصة في شتى المجالات.
مجموعات الأساتذة، مجموعات الأطباء، مجموعات طلبة العلوم الشرعية ....وهلم جرا.
في مجموعة الأساتذة:
كانوا لا يكفون عن التذمر من الحكومة والأولياء والتلاميذ وحتى المجتمع، ويعتبرون أنفسهم ضحايا، وكل هؤلاء الآنف ذكرهم سبب عذاباتهم، كما أنهم يعتبرون أنفسهم (أي المعلم) هو الأفضل من بين كل النخب فعلى يديه يتخرج الطبيب والمهندس والصحفي و.....
فهنالك اعتداد كبير بالنفس في هذا الجانب، فإياك إياك أن تتكلم عن المعلم والأستاذ أو تنتقدهما، وإلا صب عليك هؤلاء أنواع الشتائم والاتهامات. فهم لن يعترفوا بتقصير، وإن حدث وقام أحدهم بنشر صورة طفل عليه آثار الضرب المبرح فسيستميت هؤلاء بالدفاع عن الجاني واعتبارها حادثة فردية أو مفبركة أو سمها ما شئت، المهم أن لا تمس بشخص المعلم ففخامة الاسم تكفي.
مجموعة الأطباء:
تنهج نفس النهج تقريبا، الطبيب (مظلوم) والجاني ( الحكومة، الشعب، المرضى وأولياؤهم).لا يوجد تقصير من الأطباء، بل الظلم كل الظلم واقع على فئة الأطباء، فليست الحكومة وحدها من يكره الأطباء ويتآمر عليهم، ولكن المجتمع الجاهل لا يرأف بحالهم ولا يقدر عذاباتهم، ويقف في صف الحكومة ضدهم، وإذا سألت عن السبب يقال لك إنها الغيرة (الذي لم يصل إلى عنقود العنب يقول أنه حامض).
طلبة العلوم الشرعية:
أسوء حالا من بين كل هؤلاء ، فالحروب والسجالات الفكرية والمذهبية على أشدها وليس لدى هؤلاء وقت للعامة أو الحكومة أو الشعب, فكل همهم أن ما قاله شيخي هو الصواب, وما قاله شيخك هو البدعة عينها، كل همهم الانتصار للطائفة والشيخ والفصيل، والحرص الشديد لإسقاط المخالف. لكن بالطبع يعتبرون أنفسهم الأفضل كونهم على ثغر عظيم وأن من يرد الله به خيرا يفقه في الدين، ناسين أو متناسين أن ذلك العلم قد يكون حجة لهم وقد يكون حجة عليهم أيضا.
بالعاميّةالجزائرية: (كلّ واحد حاسب لفْهامة حابسة عندو)
لأكون منصفة تعلمت من هؤلاء الكثير، اكتشفت معاناة الأساتذة وفساد المنظومة التربوية، والضغط الملقى على عاتق هؤلاء والذي لن نتحمله مثلما يفعلون، فالأسر الجزائرية لا تستطيع تحمل طفل واحد أو السيطرة عليه، أو تربيته وتوجيهه التوجيه الصحيح، بينما الواجب والمفروض أن يتحمل هؤلاء أطفالنا وأبنائنا الذين قد يصل عددهم في القسم الواحد إلى الثلاثين أو الأربعين أو ما يفوق ذلك كله.
الأطباء هم الآخرون لا يعلم معاناتهم إلا الله، لا أحد يعلم سلبيات مجانية الصحة، وانعدام الأمن في المستشفيات، والاعتداءات المتكررة على الطواقم الطبية في الليل البهيم، من قبل السكارى واللصوص المسلحين.لا أحد يعلم عن مخاطر انتشار الأمراض والعدوى التي تتهدد صحة الطبيب ومعاونيه.
ولا أحد يعلم أن الطبيب الواحد في بلادنا مسؤول عن أربعين رضيعا وأمهاتهم في اليوم الواحد، إضافة إلى استقبال المرضى في الاستعجالات وكذا استقبال عدد مهول من المرضى في النهار, هذا دون أن ننسى انعدام الوسائل والمواد الطبية وندرتها.
ولا أحد يعلم كيف ينام هؤلاء، وهل ينامون، وهل بعد الوقوف الطويل يجلسون، وهل يتاح لهم مكان للراحة، أو الغداء أو الجلوس، لدرجة أنهم يتناوبون في الليل على سرير واحد وأحيانا ينام أحدهم فوق كرسي.
لا أحد يعلم عن faux malades) المرضى المزيفين), ولا عن زوار الليل وسواح المستشفيات ومحبي الاستعجالات.
طلبة الشريعة هم الآخرون ضحية منظومة تعليمية فاسدة، يعبون المقررات عبا ولا يأخذون الأدب ناهيك عن العلم، فكل ما يلقنونه بعيد كل البعد عن مسمى العلوم الشرعية، رغم أنهم يبذلون جهودا حثيثة لتطوير أنفسهم بعيدا عن منظومتنا الجامدة.
بالنسبة لي كفرد من العامة لم أكن لأصدق مظلوميتهم وكلامهم من قبل، لكن الآن أتعاطف مع الأطباء والأساتذة فقط لأنني أدرك معاناتهم الحقيقية, ولأن فردين من أسرتي في المجال، كلامهم مع بعضهم في مجموعات معزولة، وتكتلات أشبه بجزر نائية، لا يقدم ولا يؤخر، أو ربما يؤثر بعض الشيء لكن ليس الكثير، المقالات التي تناقش المشكلات التي يكون المجتمع جزءا فيها يجب أن تطرح في مجموعات الفيس بوك الأخرى والتي خلفيتها غير مرتبطة بنفس الاختصاص.
فالعوام مثلي يحتاجون لتوعية كثيفة وجهود جبارة وموازية لما يبذله الإعلام المغرض, وطبقات الجهل المتراكبة والمتراكمة.
العوام يصدقون ببساطة الإعلام لأن كل عامي يملك قصة مخزية مع طبيب أو أستاذ تتمثل في سلوك مشين أو معاملة غير لائقة...
لذلك من الصعب أن تجعله في صفك وأنت كطبيب أو كأستاذ، لم تعترف بأن هنالك في المجال مخطئون، فالاعتراف بالخطأ والتقصير هو أول بوادر التغيير والإصلاح فالعلاج.
أرى الجميع يتكلم ضمن نطاقه ويتصرف كضحية، الأساتذة في مجموعات مخصوصة، الأطباء، الممرضون...وهلم جرا...لا يوجد من يعترف بالخطأ والتقصير في هذه المجموعات وأنا ألاحظ من بعيد ومنضمة في جميع تلك المجموعات.
ستصبح الجزائر بخير إذا توقف كل فرد منا عن لعب دور الضحية وبإتقان.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات