كل القصص قد حكيت من قبل ، و الكاتب الشجاع ليس من يجد قصة جديدة بل من يجد طريقة جديدة في سرد قصة قديمة

تبحث عن الإبداع العربي:


يشاهد الكثير منا أفلاما كثيرة، لكن الغالب على تلكم الأفلام التكرار والعبث بالسيناريو الأصلي،وإنتاج نسخ معادة ومكررة تقريبا،فتجد نفس فكرة الفيلم لدى الأمريكان، الكوريين، بوليوود، وحتى الأتراك مؤخرا،لكن نادرا ما نعثر على قصة نادرة، لم تكرر ولم نسمع أو نقرأ مثلها من قبل.وعن هذا قال أحد نقاد الغرب أن هنالك 55قصة أصلية فقط حول العالم،لكن هذا الرقم يقول الدكتور أحمد خالد توفيق-رحمه الله- ليس دقيقا ربما.

وقال أحد الكتاب: كل القصص قد حكيت من قبل ، و الكاتب الشجاع ليس من يجد قصة جديدة بل من يجد طريقة جديدة في سرد قصة قديمة ، و لو تمكن من فعل هذا لصار نتاجه بمثابة تحفته الموعودة ( الماستر بيس). ينبغي علينا دوما ان نجد طرقا جديدة للقص(الكاتب الإيراني شهريار مندانيبور مؤلف الرواية الشهيرة: (قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب)


ولأنني عضوة بمجموعة تعنى بالأفلام، كثيرا ما تمر بي ملخصات تروقني لفكرة فيلم ما، غالبا ما أحتفظ بالملخص والعنوان لمشاهدتها وقت الفراغ،ولكن الأغلب أنني أنسى العناوين بعد ذلك، كوني لم أشاهدها في الحين.وفي هذا المقال سأتناول ثلاثة أفكار راقتني جدا، وسكنت بخلايا ذاكرتي إلى الأبد.


الفيلم الأول:


فيلم رعب: يحكي قصة شاب كان يعاني آلاما في الظهر والكتفين، زار عدة أطباء وعمل الأشعة لكن بدون جدوى،لم يعرف سببا لألمه.في احدى المرات وهو يصور نفسه، وجد في الصورة امرأة فوق أكتافه.ينظر إلى المرآة لا يجدها،يعود ليلتقط الصور يجدها فوق أكتافه..( كانت تظهر له فقط في الصور )عودة بالذاكرة للخلف(فلاش باك )،ليدرك أنه دهس هذه المرأة بالسيارة.ما جعل روحها بعد ما ماتت تضل متعلقة في رقبته!فكرة الفيلم شبيهة جدا بفلسفتنا الإسلامية، وأن حقوق الغير سنحملها على ظهورنا يوم القيامة.وهي شبيهة جدا بقصة واقعية حدثت مع صديق (جدي لوالدتي)،القصة كما تخبرنا والدتي أن صديق جدي مرض مرض الموت فاستدعى جدي إمام المدينة آنذاك، وأسر له بأن أكتافه وظهره يؤلمانه جدا،وأنه حين ينام يرى نفسه كل ليلة يحمل كيسا من التراب على أكتافه،ليستيقظ في الصباح على ألام مبرحة في ظهره وأكتافه.صديق جدي أسر له أنه كان يعرف سبب علته،وهو أنه كان لسنوات (يحول الحدود)، حدود الأرض، فيضيف لأرضه شبرا من أرض غيره،شبر فقط!! تخيلوا !!واعترف أنه عمل ذلك الفعل مع أرض جدي، وآخرين يشتركون معه بنفس الحدود.طبعا جدي سامحه، وطلب منه أن يستدعي أصحاب الحقوق ويستسمحهم أو يعيد لهم حقوقهم المغتصبة وان كانت فقط مجرد شبر!!فمن أين استقى ذلك الغربي فكرة الفيلم، بينما هي شيء أصيل معروف في موروثنا وشريعتنا؟!


***********


الفيلم الثاني:


فكرته نادرة وعبقرية جداا، وهي عن السرقات الأدبية.قبل أن أتطرق لفكرة الفيلم، سأتحدث أن الفكرة راودتني قبل ذلك.ذلك أن لدي مدونة شخصية، أكتب فيها كل شيء، ولا أحد يعلم بأمرها، لذلك لا يوجد جمهور ولا متابعون ولا تعليقات،لكن يوجد بضع مشاهدات للمنشورات والمقالات التي أكتبها، وتوجد خاصية اسمها مصادر حركة الزيارات للمدونة، تتيح لك معرفة موطن من يتابعك.والغريب أن مصدر حركة الزيارات لمدونتي كانت دولتي (ألمانيا وتركيا)، وبشكل يومي.لذا رحت أتخيل شخصية المتابع،فأتوقع تارة أنه كاتب أو كاتبة، وجد في مدونتي مادة خام لبعض رواياته، وأنه نفس الشخص، ويقطن بتركيا لكنه يعمل بألمانيا،ثم رحت أتخيل أنه يقوم بسرقة كل ما أكتب، ثم تتصاعد الأحداث ليكتب روايته الخالدة والتي هي بالأصل قصة حياتي، وينجح نجاحا باهرا،ويكرم في الملتقيات الفكرية، والفضائيات، ثم يتم تكريمه من طرف أردوغان شخصيا.يصل خبره للمنطقة العربية، وأقرأ أنا روايته، لأفاجأ بفصول حياتي مسطرة في طياتها.الكاتب في قمة الانتشاء، وأنا في قمة الحزن والقهر، لأنني لا أستطيع الظهور علانية، ولا الدفاع عن كتاباتي وأفكاري،ورحت أبحث عن خاتمة تليق بهذه القصة الدراماتيكية التي نسجتها تخيلاتي السقيمة الحالمة .ما علينا...بحت لشقيقتي بهواجسي، وطلبت منها مساعدتي بتخيل خاتمة للقصة، فإذا بها تفاجئني بأن هنالك فيلما يتناول شيئا مشابها.الفيلم هو أحد أفلام السينما الأمريكية ، والذي يقدم دراما ممتعة وفكرة غير متكررة عن قضية الانتحال الأدبي أو اللصوص الأدبية.قصة الفيلم تبدأ مع كاتب شاب له زوجة وطفلة تموت بين أحضانهما، ليدخل الكاتب الشاب ليلتها دوامة من الحزن والاكتئاب جعلته يكتب روايته الخالدة ليلة وفاة طفلته،ثم يقدمها لزوجته التي كانت تعزم على قضاء فترة راحة لدى أسرتها، في سفر بعيد بالقطار، أين تقوم بنسيان الحقيبة التي تحوي مسودة الرواية.بعد عودتها يسألها الزوج عن المسودة فتكتشف أنها أضاعتها بالقطار،تنتاب الزوج نوبة غضب وهيستيريا حزنا على روايته، لدرجة يفقد معها زوجته إلى الأبد.ينتهي ذلك الفصل وتلك الحقبة الزمنية، ويشيخ أبطالها،ثم تأخذنا الأحداث لكاتب شاب فشلت كل أعماله الروائية.يتزوج الكاتب الشاب، ويذهب لفرنسا لقضاء عطلة رفقة زوجته،ويقوما باقتناء حقيبة جلدية عتيقة من احدى حوانيت باريس.وحين عودتهما يتفحص الزوج الحقيبة، ذات الجيوب الكثيرة، ثم يجد مسودة رواية عتيقة بدون اسم ولا توقيع.يقوم سرا بقراءتها، فينبهر بالقصة والأسلوب، ثم تتوالى الأحداث التي تدفعه لسرقتها، وارفاق اسمه معها، ثم عرضها على دور النشر الذين انبهروا بها، وأشادوا بصاحبها. يذيع صيته، وينتشر اسمه، ويتم تكريمه في المحافل.بعدها يلتقي الكاتب الشاب الكاتب الأصلي للرواية وهو شيخ في الستين، ويحدث بينهما نقاش ولوم وعتاب،ينتهي بغضب الشيخ مع وعد منه للكاتب الشاب أنه لن يقوم بفضحه فما عادت الدنيا تساوي عنده شيئا لأنه قدس الكلمات والحروف على حساب علاقته مع زوجته فخسر كل شيء.يعيش بعدها الكاتب الشاب عمرا طويلا حتى يصير شيخا.في نهاية الفيلم تقوم صحفية متسترة بحوار ذكي مع الكاتب السارق، فتكتشف أنه فقد زوجته بسبب تلك السرقة وأنه وحيد وطيلة ثلاثين سنة ينام بالحبوب المنومة لأن تأنيب الضمير لم يفارقه يوما بعدها.وهذا كان الجزاء المستحق جراء فعلته تلك.ولعل رسالة الفيلم الرئيسية هي أهمية الصدق والأمانة في الفن والأدب، واذا لم يتوفر ذلك فإن هنالك عواقب وخيمة لا بد من مواجهتها.


************


الفكرة الثالثة:


هي فكرة رواية فرانكشتاين، شخصيا لم أطالع الرواية بعد لأنني لست من هواة أدب الرعب والفنتازيا والخيال العلمي،إلا أن قراءتي لسيرة الكاتبة، وسبب كتابتها للرواية جعلاني أنبهر بكم الإبداع الموجود.خصوصا أن الكاتبة ماري شيلي كتبت الرواية وهي لم تتجاوز سن الثامنة عشر.فكرة الرواية تقول أن شخصا يدعى فيكتور فرانكشتاين قام بلملمة بعض أجزاء من جثث الموتى،وبث فيها الحياة عن طريق الصواعق مشكلا مسخا مخيفا ازداد بشاعة يوم أن دبت فيه الحياة ليصبح عملاقا بشعا ترتعد منه الفرائس.بعدها يقوم المسخ بالانقلاب على صاحبه بأبشع انتقام.الدكتور الذي لم يتخيل أبدا أن المسخ المشوه الذي أنشأه وسواه سينقلب ويتمرد عليه.هذه الفكرة سابقة جدا لزمانها، وقد ألهمت الكثير من الكتاب وشركات الأفلام للكتابة عن محاولة محاكاة الخالق، مع أن الخلق شأن الله وحده،ونحن اذا حاولنا التشبه مع الخالق في وظيفته نقع في مطبات لا تحمد عقباها،من ذلك محاولة البعض صناعة روبوتات لديها القدرة على التفكير واتخاذ القرار،وغالبا ما نراها في العديد من الأفلام تنقلب على الانسان.ما بهرني حقا في الفكرة ليس ما كتبت أعلاه،فالرواية تحمل عدة جوانب فلسفية من بينها أن الكاتبة ماري شيلي كانت (مجدفة)، متمردة، وتستهين بالقيم والدين والذات الالهية، وتجاهر بذلك.تتزوج بكاتب يغذي تلك الأفكار أكثر برأسها، فهو مجدف أكثر منها.تتوالى الأحداث لتكتشف أن حياتها خدعة كبيرة، فزوجها العاشق، كاذب سكير وأخلاقه رديئة، اضافة أنه كان متزوجا من قبل وله أطفال، لكنه لم يخبرها بذلك.يشكل لها الأمر صدمة، ثم يقنعها بفلسفاته الباطلة، لتستمرئ كذبه وخيانته هي الأخرى.ثم تنتحر زوجته الأولى، ويفقد زوجها كل أمواله، ويطاردهما الدائنون،هنالك تتبدى لها أخلاق زوجها، وضنك الحياة التي جلبتها لهما فلسفتهما.وتدخل الكاتبة في نوبة اكتئاب،بعد اكتشاف بشاعة الانسان حين يتخلى عن أوامر الخالق.وتكتب روايتها التي ترمز أن الله يخلق الخلق لعبادته، لكنهم يتمردون على الخالق ليصبحوا مسوخا بشرية.فالرواية تبحث فى موضوعات أصل الشر والإرادة الحرة وخروج المخلوق عن طاعة الخالق.


خاتمة:


أتسائل لماذا جزء الابداع بدماغنا معطل؟هكذا أفكار وان حوت موعظة وعبرة إلا أنها تتغلغل بهدوء وتؤثر أكثر من المواعظ المباشرة.


#شمس_الهمة


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أمال جزائرية

تدوينات ذات صلة