تعتمد حياتنا كبشر على مجموعة من العلاقات المختلفة، وعلينا التعامل مع هذه العلاقات المختلفة بما يناسبها

يقصد بالعلاقات الصيفية العلاقات المؤقتة، والتي تمتد لفترة محدودة، ويكون المراد منها أمرًا أو غاية معينة ومحددة؛ ولكن سيكون الحديث هنا عن العلاقات بصفة عامة، والتي تعد أساسًا من أساسيات الحياة.


تعتمد حياتنا كبشر على مجموعة من العلاقات المختلفة، وعلينا التعامل مع هذه العلاقات المختلفة بما يناسبها، وأعتقد أن هذا سرٌّ من أسرار النجاح في الحياة؛ إذ إنه على سبيل المثال من غير المناسب اعتبار زميل العمل كصديق الطفولة.


هناك علاقات تقوينا وتظهر أجمل ما فينا وتدفعنا للتقدم، وعلاقات تحوّلنا وتُظهر أسوأ ما فينا وتسحبنا معها إلى فخ الرمال المتحركة.


أذكر أحد الأصدقاء الذي كنت أستمتع بالجلوس وقضاء الوقت معه بسبب خفة ظله ووجوده الدائم حولي، ووجود الكثير من الأمور المشتركة بيننا كعشقنا لريال مدريد واستمتاعنا بمتابعة الأفلام الأجنبية والمسلسلات الأمريكية. أذكر أن هذا الصديق كان منفِّرًا للجميع دون إدراكي للسبب، وعلى عكسهم، كنت أعتقد أنهم لا يرون مدى روعته وقيمته الحقيقية. ولكن مع الوقت وهو الكفيل بكشف المستور وإيضاح التفاصيل الصغيرة التي نغفل عنها بسبب انبهارنا بالصورة العامة؛ عرَفت أنه إنسان لا يسلم من لسانه شخص، ولا يملك سوى السخرية والاستخفاف والانتقاص من الآخرين. إضافة إلى بحثه عن مصالحه الشخصية دون الاكتراث بمن حوله.


وقد يعتقد بعضنا أن هذا أمرٌ طبيعيٌّ ولا يوجد شخص كامل وهذا بالتأكيد صحيح؛ ولكن المشكلة كانت في طبيعة العلاقة التي تربطني به؛ لأنها كانت صداقة قوية ومتينة وأعتقد أنه لا ينبغي لها أن تكون كذلك، وكان الأجدر بي جعلها علاقة زمالة يسودها الاحترام المتبادل واللقاءات من فترة لأخرى، كفرصة للترويح عن النفس والحديث عما أهتم به مع شخص يشاركني هذا الاهتمام؛ وذلك حفاظًا عليه وعلى علاقتنا. فبعض العلاقات لا يصلح توطيدها، وسر الحفاظ عليها هو عدم تحميلها ما لا تطيقه.


وختامًا يجب علينا أن نؤمن بأن أهم علاقة يجب علينا تقويتها والاهتمام بها والحرص عليها والتي هي سر النجاح في هذه الدنيا والفوز بالآخرة هي علاقتنا بالمولى عز وجل، فهو الحق وهو الأحق بتقوية صلتنا به سبحانه. وكما قال لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ ... وكل نعيم لا محالة زائل


فإن صَلَحت، صلحت بقية العلاقات وصلحت جميع أمورنا. فالمولى تعالى هو الأعلم بحالنا وأحوالنا وهو سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي يرعانا ويلهمنا ما فيه خير لنا. وليكن حرصنا على صداقة مَن كانت علاقته بالله قوية وصحيحة وصادقة،


ولنحذر من مصاحبة اللئام الذين وصفهم سيدنا علي بن أبي طالب في بيت شعر منسوب له فقال رضي الله عنه:

واحذر مصاحبة اللئيم فإنه... يعدي كما يعدي الصحيحَ الأجربُ


قال علقمة العطاردي في وصيته لابنه:

"يا بُني، إن عرَضَتْ لك إلى صحبة الرجال حاجةٌ، فاصحبْ من إذا خدمته صانك، وإذا صحبته زانك، وإن قعدتْ بك مؤونةٌ مانك، اصحبْ من إذا مددتَ يدَك بخيرٍ مدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدَّها، وإن رأى منك سيئة سدَّها، اصحبْ مَن إذا سألته أعطاك، وإن سكتَّ ابتداك، وإن نزلتْ بك نازلة واساك، اصحبْ مَن إذا قلتَ صدَّق قولك، وإن تنازعتما آثر."



سؤال التدوينة: هل تعتقد أن تصنف العلاقات التي تربطك بمن حولك بما يناسب طبيعتها؟



  • منقول من كتابي فصول حياتنا - باب الصيف: فصل الشمس




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ممكن رابط الكتاب

إقرأ المزيد من تدوينات موفق السنوسي

تدوينات ذات صلة