أيلول

أيلول ؛ الحكمة التي تقول لكل شيء نهاية ، وقبل النهاية هنالك بذور بداية جديدة

اليوم هبّت أول ﻧﺴﻤﺎت أيلول لِتعلن ﺑﺪاية ﻣﻮﺳﻢ خريفي .. أيلول الذي يضعنا ﻋﻠﻰ الباب الخلفي ﻟﻠﺴﻨﺔ ﻭ يتركنا ﻧﻤﻀﻲ دون أي كلمة وداع .. سقطت أول ورقة من أيامه دون أن تسقط قطرات المطر ويطرق بزخاته كل النوافذ والساحات ..

ألهذه الحد بلغ بأيلول اليأس والجفاف فيمضى أوقاته دون أن يطرق نافذة القلب بأمطاره ! ودون أن يروى أرواحنا بغيثه ويعطر أنفاسنا برائحة أول المطر ! فوهنت قلوبنا .. وتلاشت أحلامنا .. وبتنا قساة مثله ..غريبين كغربة السيّاب في فقده لأمه التي نامت نومة اللحود .

سيمضى أيلول ، ويأخذ معه بعضا من أعمارنا .. بفرح وألم .. وأمل وندم .. وعتب وعزم .. سيمضى ولا نعلم بعده ما سيتبقى لنا ، سيمضى ويترك لنا تلك الأحاسيس اللا معقولة ، مثل الشوق إلى الآمال المستحيلة لكونها مستحيلة ، والرغبة في ما كان من الممكن حدوثه ولم يحدث ، واليأس من محاولتنا في أن نكون أشخاصا آخرين مفعمين بالحياة ، وأكثر نجاحا وشغفا و وعيا ، هذا الوعي الذي يجعل حياتنا كـ مشهد غروب حزين، ممتع ومؤلم في ذات الوقت ، مشهد يروي حكاية كل منا وأحلامه ، و بـِ لون يروي أحزاننا و آفاقنا و بعضا من طموحاتنا .. لكن لون الغروب الحزين يذكرنا دوما أن مع كل نهاية يوجد بداية جديدة ، هذه البداية التي ننتظر فيها نسمات الخريف الباردة ومفاجآته لنا مثل أقدارنا التي تأتي على غفلة منا ، ننتظر تساقط المطر والغيوم وأجواء الشتاء كما ننتظر لقاءنا بشغفنا وفرحنا وكل آمالنا المؤجلة .

‏وما دام ما مضى هو من الله وما هو قادم في يد الله، فالحمدلله حمدا كثيراً طيبا مباركا .

أيلول ؛ الحكمة التي تقول لكل شيء نهاية ، وقبل النهاية هنالك بذور بداية جديدة ...