لابد أن هناك الكثير من الحكايات التي لا نستطيع البوح بها كل يوم أردت أن تكون أول تدوينة لي عما خفي من قديم وأن يكون النشر والكتابة سهلا ويعبر عما أعيشة..


بين رونق القديم وأُلفة الحديث..

أتصفح هاتفي كل يوم بالساعات وخاصة الإنستجرام أمضى به وقت أكثر من باقى التطبيقات

التى تملأ هاتفي، وكالعادة أنظر إلى الوقت وأجدني قد أفرطُ في رؤية العديد من الصور

لدرجة أن رأسى بات مشوشاً لكثرة المدخلات، ولكن وأن اتصفح مرَّت من أمامي صورا للقاهرة

القديمة فغرقت في التطلع إليها ووجدتني أتفحصها بعمق لجميل ما رأيت ربما لأنني لم أرى

شيئاً جميلا منذ فترة أو لأنني وجدت بها هدوءاً غير طبيعي نفتقده هذه الأيام، وجدت فيها

صوراً للقاهرة بأناسها الطيبين وقتها الذين لا أعرفهم، إلا أنى أحب مشاهد النظر إليها أكثر

من الأن يمكن لأنها تشعرني بأصالة المكان ورونقهِ وقتها، تشعرني وكأننى موجودة وقتها أو

كنت أريد أن أكون فى هذا الزمن، حينما أشاهد الأفلام القديمة وتحكى لى أمى عن أول مرة

تركب فيها القطار وتذهب إلى القاهرة لا أتذكر فى سن الثامنة عشر أو العشرين وتحكي لي

عن دهشتًها بالقاهرة وتفاصيل القطار والرحلة وحفل زفاف ابِنة عمها وقتها أشعر بانتمائي

للحكاية والغريب أن أمي لا تعرف سرد الحكاية إلا أنها تنقُلها بين الحاضر والماضي تجعلني

فى متعة لا أريدها أن تتوقف عن السرد، حيث جاءت أمي القاهرة حديثا من 6 سنوات تقريبا

إلا أنها لا تحبها وتشعر دائما بانتمائها إلى جيرانها وبيتنا فى القرية والحديث مع هذا وهذا

والخروج للتسوق ومقابلة الخالة هذه وهذه والحديث دون توقف لمعرفة آخر الأخبار والإطلاع

على أخبار الجميع منهن إلا أنها الآن باتت تعرف الوحدة أكثر بكثير من السابق!

الحديث أخذني إلى شق آخر وهو دائما ما أفعله مع نفسى أفكار إلى أفكار لا تعرف توقف ولا

تدوين سرعان ما أنسى الفكرة التي أردت التركيز عليها لأتطرق لفكرة أخرى لا أعرف من أين أتت..

لم تنتهي الحكاية..

المهم أن الحكاية لم تنتهى ولن تنتهى فكثرة النظر إلى الجديد جعلنا نألف التجديد وننسى

الأصالة والقديم الأنيق بكثرة النظر فأصبحت أعيننا لا تألف شيئا واحدا ولا تعرفه، أريد أن

نَهدئ وأن نُهدئ من روعنا ونفوسنا لأننا نمل دون أخذ النظر والتمعن في الأشياء، الحكايات

لا تنتهي ولكن تحتاج مصاحبة لبعض الوقت لمعرفة ماهيتها وأثرها فى نفوسنا، ففى عالم

الأفكار تأتي الوتيرة متسارعة وشيقة ولكن سرعان ما تصبح مملة دون أخذ وقتها، لا أقول

تألف القديم أيضا، لكن صاحبه لبعض الوقت قد يكون جميلا وقد لا يكون، أثره سيغير حتى

نكون على درايه بعد ذلك بما نريد أن يستقر فى النفس وما لا نريد..

هؤلاء وقتها عايشوا الأحداث بعناية و بأدق التفاصيل لدرجة أنها حًفِرة فى ذاكرتهم فلا تقتصرها

الأيام ولا يمحوها الزمان.

يتذكرون جلسات الأسطح والنوم على الحصير المتهالك والذهاب إلى الفلاحة من وقت الفجر

إلى منتصف النهار لا يعرفون أخبار بعضهم البعض إلا حينما يلتقون بذواتهم وجها لوجه ففي ذلك الزمان لم يكن ما يسمى بمكالمات الفيديو الرقمية التي أصبحت سببا في جفاء بعضنا البعض وأصبحت فاصلاََ كبيراََ ما بين حياتنا الواقعية والإفتراضية فأصبحنا نعيش في عالمِِ افتراضي لايعرف معنى أن تحضن الآخر أو تَربط بيدك على كتف الآخر! .

نحن أصبحنا جهازين أكثر من اللازم أصبح الجهاز لا يفارق أيدينا ورؤسنا، وعلقنا دائما فى وادِِ آخر حتى أحلامنا

باتت معروفة، فى كل مكان نذهب إليه نأخذ الهاتف معنا فأصبح انشغالنا بأن نأخذ صوراََ تذكارية لكل مكان سبباََ أساسياََ في أن ننسى كيف نستمتع بهذه الرحلة ونَعيشها بقلوبنا قبل أن نَعيشها بأبصارنا عبر كاميرا في الهاتف فما تراه العين لاتوثقة أجهزة العالم كما لو عشناها بذواتنا! وإن كانت لها فضل كبير في حمل الذكريات إلا أن التمعن في النظر للجميل يجعل قلوبنا أصدق بالتعرف على صانع الجمال! فنصيحتي لا تجعلوا الرحلة تنتهي دون أن نذكر منها شئ غير الذي قصدناه بهواتفنا، يا صديقي الذكرى الحقيقة والمؤثرة فى النفس هي التي تبقى وتعيش معنا، فلا نريد أن تكون ذاكرتنا ضعيفة وهشة يملأها النسيان..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

👏🏻👏🏻👏🏻👏🏻

إقرأ المزيد من تدوينات عائشة السعدني

تدوينات ذات صلة