"ليس من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كذبة. الأمان كذبة."

خرائط التيه

رواية " خرائط التيه " للروائية الكويتية بثينة العيسى، الصّادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت وتحتوي على 405 صفحات، وصمّمت الغلاف ديمة الغنيم.

صدرت للروائية عدة روايات: ( ارتطام ) ، ( لم يسمع له دوي) ، ( سعار) ، (عروس المطر ) ، ( تحت أقدام الامهات) ، ( عائشة تنزل إلى العالم السفلي)، ( كبرتُ ونسيتُ أن أنسى) ، و مجموعة نصوص بعنوان ( قيس وليلى والذئب) .

يُحيلنا العنوان " خرائط التيه " إلى تلك المتاهة التي عبرتها عمليات البحث المضنية التي قامت بها كل من سمية "الأم"، وفيصل "الأب" ، وسعود " العم"، وصديقه، ورجال الأمن في جازان بالسعودية وسيناء في مصر، بحثاً عن الطفل المختطف "مشاري"، وقد اختطفته عصابة إفريقية تتاجر بأعضاء الأطفال تدور أحداث الرواية حول عائلة كويتية مكونة من الأب والأم وطفلهم الصغير قدمت لمكة لأداء فريضة الحج، وفي أول فروض الحج وعند أدائهم طواف القدوم.. يفلت الطفل من يدي أمه ومن هنا تبدأ الأحداث..تسير بنا الروائية إلى السراديب النفسية من التيه والضياع قد عاشها الباحثون بكل تلك اللوعة والأسى والحزن على الطفل هذه التيه الذي أودى ببعضهم إلى الضياع الحقيقي، وإلى تبدل القناعات والإيمانيات ، وبات الصراع الإيماني يعصف ببطلي الرواية ؛ فالأم " سمية" ، ذهبت أكثر في قناعاتها الدينية، وتخلخلت قناعات الأب "فيصل" وانتهى الأمر بانفصاله عن زوجته.

خرائط التيه لا تصوّر تيهاً جغرافيّاً من مكة إلى عسير إلى سيناء إلى جيزان ، ولكنّها تيهًا عقائديًا ونفسيًا تيهًا بشريًا لابدّ منه، هي دراسة نفسية للشخصيات الإنسانية تطرح به الروائية تساؤلا "ليس من حقّك أن تعطي طفلك أمانًا كاذبًا، ولكن أتدري أين المشكلة؟ المشكلة أنَّ الأمان كلّه كذبة. الأمان كذبة. حتى لو خبأت طفلك في غرفة بمليون قفل، بحيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه وأن يؤذيه، أصغر وأحقر فيروس في هذه الحياة قادرٌ على أن يودي بحياته" (ص 258).

وتتساءل عن قيمة الإنسان الحقيقية في عالمنا، على لسان بطلتها روينا : "نبيع كل شيء، ولا مال لدينا لنشتري أنفسنا. ماذا لو كانت قيمة الإنسان ميتا أغلى منها حيّا؟" وتتساءل عن قيمة الإنسان الحقيقية في عالمنا ، هذه القيمة التي قد تفقدنا إنسانيتنا وحياتنا بمجرد صاروخ عابر أو انفجار مستهدف وغيرها من أشكال جرائم الحروب وكوارثها تلك التي تكشف الوجه البشع للواقع، ذاك الواقع الذي يدفع فيه الضعيف ثمن ضعفة للقوي.

رواية مؤلمة تصدم نفسك بقسوة الدنيا وكآبة العالم وسوداوية البشر وتجعلك لا تعود كما كنت أبداً بعد قراءتها .

"قبل تلك اللحظة كان كل شيءٍ على ما يرام!"

زينب موسى

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب موسى

تدوينات ذات صلة