إن كنت من محبي النوم فهذه السلسلة ستزيد من توطيد العلاقة بينكما، أما إن كنت من كارهيه، فإنها بداية طريقك للوصول إلى نمط نوم جيد قبل فوات الآوان.
هل تقاعست يومًا عن النوم؟
قد يبدو السؤال مضحكًا للبعض، إذ يعد النوم بالنسبة إليهم الجزء الأجمل والأكثر متعة من اليوم كله، لكن ولفئة مختلفة على النقيض تمامًا ومنهم أنا بالتحديد فإننا ندفع النوم ليكون آخر خياراتنا في اليوم مفضلين عليه العمل، وممارسة الهوايات المختلفة، وربما مشاهدة الأفلام والمسلسلات. هل سمعت من قبل شخصًا يخبرك "أنه في الغد سننام نومة أبدية" أخبره أنه حقّا يسير في طريقه للموت القريب بحرمان جسده من النوم، وبأنه بالفعل سيصل قريبًا، هل يبدو الكلام مرعبًا؟ تعالوا نتابع,
ماثيو ووكر، عالم بريطاني في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة كاليفورينا وهو مدير مختبر النوم والتصوير العصبي فيها، ومؤلف كتاب "why we sleep لماذا ننام"، إذ يجري فيه تحليلًا دقيقًا للنوم، مراحله وتأثير كل واحدة منها على عقولنا، صحتنا الجسدية، وكيف تطورت البشرية في علاقتها مع النوم وسط الثورات الصناعية المختلفة وكيف كان تأثيرها علينا، والذي اعتمدته كمرجع لهذه السلسلة من المقالات.
يؤكد د.ماثيو أن الحصول على نوم كافِ أي من سبع إلى ثمان ساعات يوميّا هو أحد المفاتيح الناجعة من أجل صحة جيدة وذاكرة منظمة وعقل ذي قرارات منطقية. ويربط بين النوم والموت من خلال اضطراب جيني يُظهِر حالة متفاقمة من الأرق في أواسط العمر، وبعد انقضاء القليل من الشهور يتطور المرض حتى يصبح الإنسان غير قادر على النوم أبدًا، ولا يوجد دواء قادر على جعله ينام، وبمضي 12-18 شهرًا يموت المريض!
لكن، قبل الموت، ما تأثير النوم على أجسادنا ونحن في الحياة اليومية!
في وسط العصر المتسارع الذي نعايشه، ضغط العمل، العائلة، الأصدقاء، الأزمات المالية المختلفة، فإننا ندرأ النوم بعيدًا عنّا من أجل العمل والحصول على ساعات إضافية ظنّا منا أنها قد تحل مشاكلنا، لكن العكس يحدث تمامّا، فمجرد مرورك بحالة من قلة النوم ولو لأسبوع واحد فقط فإنها قادرة على خلق اضطراب عميق في مستويات السكر في دمك بحيث يمكن اعتبارك آنذاك "ما قبل سكري". ليس هذا فقط، بل ترفع قلة النوم من خطر الإصابة بالسرطان لضعفين، كما أنها تقلل من فعالية أجهزتنا المناعية، وتزيد من احتمال إصابة الأوعية الدموية المغذية للقلب بالانسداد مما يجعلك أقرب من الإصابة بأمراض القلب الوعائية، الأزمات القلبية، وفشل القلب الاحتقاني.وكما أنها تساهم بشكل كبير في نشوء الاعتلالات النفسية مثل الاكتئاب، القلق والنزوع إلى الانتحار!
أما إذا كنت ممن يحاولون إنقاص وزنهم باتباع طرق مختلفة ولا تصل إلى نتيجة مرضية فعليك النظر مباشرة إلى نمط النوم الذي تمتكله، إذا كان نومك مختلّا فإنه سيقف عائقًا بين ما تصبو إليه وبين ما أنت عليه، لأن قلة النوم تعمل على زيادة تركيز الهرمون الذي يجعلك تشعر بالجوع ويدفعك لتناول الطعام ولو كنت ممتلئًا، وحميتك في ذلك الوقت ستعمل فقط على إنقاص وزن الكتلة العضلية في جسدك لا الدهون الزائدة.
إذًا، السؤال الحقيقي، ماذا يحدث حين نضع رؤوسنا على الوسادة ونغرق في النوم؟
الإجابة تكمن بكون النوم يشبه الساحر، بل مصنع ضبط الجودة وإعادة التهيئة، يقدم خدمات مختلفة لنا مثل:
- يعمل على إغناء مجموعة كبيرة من الوظائف داخل الدماغ مثل التذكر، والقدرة على أخذ قرارات منطقية سليمة.
- يعتني بالصحة النفسية من خلال تصحيح الدارات الانفعالية في أدمغتنا.
- يعيد تهيئة النظام المناعي.
- أما القسم الأكثر إثارة فهي فقرة الأحلام، إذ أنها تعد عملية كيميائية عصبية تساهم في مواساتنا وتخفيف أثر الذكريات المؤلمة التي نمر بها ونمتلكها. إذ تعد ساحة افتراضية يخلط فيها الدماغ معارف الماضي والمستقبل بطريقة تحفز الإبداع.
النوم، علاج نمتلكه كل ليلة، دون الحاجة لدفع أموال طائلة، ولا وصفات طبية، كل ما عليك فعله هو أن ترمي وراء ظهرك كل شيء، ارتدي ثياب النوم وانعم بنوم دافئ وكافِ.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات