هل مللت من مراقبة الآخرين ونجاحاتهم! قد تظن أنك وحدك من تمتلك حياة صعبة، تخيل أن كُثرًا يشاركونك المقعد، يعتقدون أن الإنجازات المادية فقط من تصنع قيمتنا!

تمرر نظرك على شاشة الهاتف الآن، ربما عائدًا من عملك، ربما من سريرك، متصفحًا مواقع التواصل الاجتماعي، تضج في هذا الوقت من كل عام بأفراد يحتفون بإنجازاتهم خلال السنة، قد تغبطهم في داخلك، وتفكر في أكثر الأحيان أن حياتهم تسير بشكل جيد وحياتك وحدك هي التي واقفة وتتعثر حتى قبل أن تسير!


تعال ننظر من بعيد، من مكان أعلى لهذه الصورة! هل فكرت يومًا أنه لا بأس أن تكون عاديًا لبعض الوقت! من دون إنجازات مادية تذكر، فرد عادي لا زال قادرًا على الشعور بالسعادة لأن رفيقه حصل على ترقية في العمل! أو ربما فرد أيضًا عادي لا زال يثابر على عمله الذي يمارسه منذ سنوات بنفس الشغف والحب والأمانة! هل فكرت بأن أعظم إنجاز ربما قد تقوم به هو كلمات قلتها لمن يحتاجها في وقت ما لكنك لم تكترث لذلك الموقف، لكن بسبب كلماتك هناك شخض ما يتوق ليتمسك بالحياة من جديد، أو ربما مساعدة عجوزٍ لتقطع الشارع، أو أن تحمل أكياس الشراء عن جارتك المسنة لتوصلها للطابق العلوي! ربما سهّلت عمل شخص ما تعثر به أشهرًا طويلة دون أن تدرك. أذكر فتى صغيرًا منذ سنوات أعطاني كأس ماء في يوم صيفي قائظ، وأنا في أعلى درجات إنهاكي وتعبي بعد دوام طويل، مد لي يده الصغيرة بكأس ماء، خلّد لنفسه دعاء يمتد للعمر كله بكأس ماء فقط!


شغلتنا الإنحازات المادية كثيرًا لدرجة أنستنا طعم التفاصيل الصغيرة والتي بمقدور الجميع فعلها، دخلنا في سباق مع الوقت والآخرين: كم نقرأ من الكتب خلال السنة؟ ما المواهب الجديدة التي تعلمناها؟ أي اللغات الجديدة وقع لساننا عليها! كم دولة زرت وسافرت؟ وغيرها الكثير، نسينا أن القراءة ليست بعدد الكتب بل بالفائدة التي تسبغها علينا، وبأن كتابًا واحدًا يحور فيك إنسانيتك ويحملك لتكون أفضل خير من ألف كتاب لا تعقل منها شيئاً، ولا تضيف لأخلاقك درجة واحدة. لهذا، لا بأس، لا بأس لو لم تضف هذه السنة الكثير لإنجازاتك، لا بأس لو عاندتك الظروف وقهرت روحك، لا بأس طالما تحاول كل يوم وتقف على قدميك كأنك لم تقع في الأمس، لا بأس طالما أنك لا تغلق أبواب الأمل.


قرأت في كتاب مؤخرًا أن الإنسان العادي جدًا هو من يصنع للآخرين قيمة، تذكر أن وجودك يصنع لآخر قيمة وجمهورًا، تذكر أن هناك من يستهدفك ويسعى لأجلك، أنت لست عاديًا، أنت مبهر بطريقة مختلفة وغريبة، غريبة لدرجة أننا من شدة لمعانها نغلق أعيننا عنها في أحيان ليست قليلة،أنت مبهر حقاً، لو أنك لا زلت قادرًا على الشعور بالسعادة عندما تصيب الآخرين كأنها أصابتك! لو لا زلت قادرًا عن كف آذاك عن الناس، أنت العادي الجميل لو أنك لا زلت قادرًا على الاعتراف بأخطائك وتقبلها وأن تعمل على تلافيها بدلًا من رميها على من هم حولك، لو أنك لا زلت قادرًا في هذا الوقت الصعب والقاسي على تمني الخير لمن هم حولك، أنت الجميل الذي يصنع لنا سعادة اليوم لأنه يبتسم ويجعل الأمور تمشي بسلاسة ورخاء! أنت بهجة العمل والمنزل والحارة بقلبك النقي والصافي! أنت موقف جميل في حياة شخص ما، كلمات دافئة في أذن بعيدة، يد حانية على كتف أحدهم!


هل ما زلت تظن أنك عادي وأنك أنهيت عامك بلا إنجازات!

رقية عمر

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رقية عمر

تدوينات ذات صلة