لم أستوعب وأستشعر معنى الصلاة الحقيقي إلا في عشرينياتي، حينها التزمت فعليا ولم أعد أجرأ على تفويت ولا صلاة. ما الذي جرى و كيف؟
الأباء الذين يعلمون أولادهم الصلاة منذ الطفولة هم فعليا يزرعون فيهم عادة الصلاة، وعادة الالتزام بالمواعيد مما يؤثر إيجابا في حياة الطفل اليومية، سيعتاد الطفل على تأدية الصلاة في كل حين من دون أن يشعر بالتثاقل, عكس من لم يبدأها إلا بعد سن متقدمة، سيتكون عند الطفل رابط ونوع من القرب إلى الله, لكن الأهم ألا يحس الطفل بالإجبار، وألا يحس بنوع من الكره أو السُّخط من قبل والديه، وألا يعامل على أنه سيلقى بالغضب الإلاهي, لم يكن و لن يكون الإجبار و الإكراه و التخويف أبدا منهجا من المناهج التربوية الصالحة، بل على عكس الأمر هو نهج خبيث و شيطاني محض، لا يولد سوى النفور من الصلاة عند الأطفال و أيضا الشباب، لضعف استيعابهم و قلة معلوماتهم عن الصلاة و عن معناها الحقيقي و هدفها السامي.
لنقل أنك لن تصلي وأن غضب الله عليك، هل فعلا الله إله الكون بحاجة لصلاتك؟؟ ما الذي ستضيفه صلاة عبد ضعيف كل الضعف أمام إله مطلق الغنى, خالق السماوات والأرض ببحارها وجبالها وغاباتها والمجرة والكون وكل ما يمكن أن يخطر على بال بشري، أفعلا هذا الإله في حاجة إليك لتصلي له و إن لم تفعل سينتقم منك؟
هذا هو كان السؤال الذي ما كللت أسأله لنفسي.
واكتشفت حينها قمة التفاهة التي صدرت إلينا وكم أن من أقنعنا بهذه الأفكار لم يعرف الله حق قدره، بل وصور الإله في صورة إنسان لدرجة أن يقنعك بكره الله لك وانتقامه منك إن لم تصلي، هذه الأفكار تسببت في نفوري من الصلاة لفترة من الزمن، و من الممكن بل من الأكيد أنها سبب نفور و انقطاع العديد عن الصلاة.
إلى أن وجدت ما يرضيني، وأقنعني حقا، منذ ذلك الحين لم أفوت صلاة، واستشعرت طعم السعادة حين أصلي. لأني أصبحت مدركة أن فيها شفاء لي، هي فرصة لأفرغ طاقتي السلبية و أشحن طاقة إيجابية عن طريق اتصال بربي خالقي و خالق الكون و مصدر الأمان و الراحة الأول، أحببت الله أكثر لرحمته و صلته بعباده عن طريق الصلاة، و أحببته لعظيم ما شرعه من أجل مصلحة بني البشر.
أضحت الصلاة بالنسبة لي حصة اتصال من أجل شكر ملك يوم الدين على رئفته بي و على نعمه علي و حبه لي، و حصة تفريغ و تجديد طاقات من أجل الاستمرار في تأدية مهامي و واجبتي اليومية على أحسن وجه.
لست أدري إن كان فهمي الحالي للصلاة كاملا و واضحا، لكني أكيدة أن الصورة الحالية هي أوضح و أنفع و أصح بكثير من سابق عهدها .
هذه قصتي مع الصلاة و آمل أن يراها الكل كما رأيتها ، و ما آمله حقا هو أن نتبع في تربيتنا منهج الحب و ننسف منهج التخويف.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
أنصحك أختي بكتاب كمياء الصلاة لأحمد خيري العمري فيه إلهامات كثيرة، ولعلي أقوم بتلخيصه هنا على "ملهم" بأمر الله بارك الله فيكِ وثبتك