قصة قصيرة تحتوي الغموض والفكر والضعف الإنساني والمفاجأة
وصلتني علي غير العادة رسالة غامضة، مظروف صغير خفيف الوزن علي أناقته، يفوح منه عطر جذاب، لا عنوان عليه لراسل أو مرسَل إليه، لذا مؤكد أن من أحضره ودسه تحت بابي منذ قليل يقصدني شخصياً. فتحته ببطء بعدما غلب فضولي حذري لأجد جملتين مقتضبتين “أترغب النهاية؟ ستجدها معي تحت بيتك وقتما تتركه”.
نظرت بلا فهم للورقة ثم قررت النزول لأعرف أي نهاية تلك التي تنتظرني، فكل أموري تتوزع بين المفتوح والمبتور، لا نهاية واضحة في حياتي، خرجت من منزلي وركضتُ علي الدَرَجِ الطويل علي عجلٍ لأتعرقل بشكلٍ مضحكٍ وقويٍ يكسر جزءاً من السور الخشبي للدرج، لأَعلَقَ أنا من قدمي في الجزء المتبقي كالذبيحة أو كفرائس الغابات بالمصائد ذات الحبال، شعرت أنني أحمقٌ، فتلك النهاية التي ركضت إليها ودنت وتراءت لي الآن كانت نهايتي أنا، ويبدو أن المُرسِل صديق لعزرائيل إن لم يكن هو نفسه، وإن عليَّ الآن ترقبها لحظةً بلحظة، فقد تأتي بتحرك أو كسر قدمي بين الأخشاب التي تعيقها، أو انكسار الأخشاب نفسها مع الوقت الذي غالباً سيطول لقلة الجيران، وفي الحالتين سأهوي للأسفل وتتهشم رأسي ويدق عنقي، أو مع الوقت ستنفجر الجمجمة من ضغط الدم بها، أو أو أو، عشرات الطرق الشنيعة زارت خيالاتي لم ينقذني منها سوى فيض الذكريات المؤنبة على جميع آثامي وخطاياي وزَلَلي، وكسلي، أو ترددي عن أمورٍ كانت لتجعلني في مكانٍ أفضل من هذا المكان المتهالك الذي سيقضي عليّ معه، أو رحمٍ لم أعد أصِلْه ولو هاتفياً.
طال الوقت والألم برأسي لما يتدافع إليه حسياً ومعنوياً، ولم أدرك كم لبثت حتى فتح أحد الجيران المسنين المتبقين بابه علي غير توقع لندرة خروجه من بيته، فصحت بوهنٍ أناديه وأنا أرجو الله أن يُسمعه إياي مع ضعف سمعه، وقد استجاب الله لدعاء قلبي فألهمه أن ينظر للأعلى ليراني فيهرع لمساعدتي وإنقاذي بالكثير من المجهود والوقت لأشكره بشدة وأقبل يديه ورأسه عدة مرات قبل عودتي للمنزل لإحراق هذا المظروف اللعين.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات