رسالة إلي صغيرتي التي لم تأت بعد حيث مازالت في ظلمة الرحم منتظرك بفارغ الصبر يا قريرة العين

لدى الكثير لأخبركِ به يا صغيرتي يا نسختي الأصلية، فدوماً ما أحدّثُ نفسي ما يكون شعوري إن رُزقتُ بصغيرةٍ أعرف و أدرك تماما أنك ستفهمي تلك ارسالة وأنتِ عند السن العاشرة ولكن لابد أن اكتبها لكِ الآن لتجديها جاهزة عندما تكبرين يا صغيرتي

اكتب رسالتي الأولي لكِ وأنتِ مازلتِ داخل ظلمة رحم والدتك في بداية الشهر التاسع, قررت أن أخط حروفا لتشكل كلمات مواصلاً عجن النص تحمل بين طياتها رسالة لك يا صغيرتي, دعيني أخبركِ أنني ووالدتك استقرينا علي اسم مميز لكِ بعد ان احترنا كثيراً ولجأنا لله لكي يهدينا إلي اسم لكِ فتم الأمر, لم أنسي أن اسجل اسمكِ في أغنية بصوتي وأسمعها لكِ لتعلمي وتألفي صوتكِ واسمي, فوالدك طبيب واعلم أن القوقعة "الجزء الداخلي من الإذن" المسؤول عن السمع ناضجة بما فيه الكفاية للسماع قبل خمسة أسابيع قبل الولادة.

يا صغيرتي عليكِ أن تعلمي أن خالقك في رحم والدتكِ وخالقي وخالق هذا الكون بأكمله هو الله, خلق الله القلم قبل كل شئ وهوأداة الكتابة للمقادير من كائنات وأحداث وغيرها، كما أخبرنا في حديثه القدسي ( أول ما خلق خلق القلم فقال له : اكتب، فقال : يارب وما اكتب ؟، قال : اكتب القدر ماهو كائن من ذلك إلي يوم القيامة )، لذلك الله يصف نفسه انه ( الإله الواحد لاشريك له)، لأنه لا يوجد من ساعده في إرادته او إدارته للكون فهو فاطر (أي مبدع ومبتدأ هذا الأمر كله دون مشاركة من أحد)¸وخلق الماء وخلق الريح والهواء والعرش والكرسي ثم الملائكة الأربعة الذين يحملون العرش وخلق القلم واللوح المحفوظ خلق السماوات والأرض سبقهما دخان وبخار خلق السماوات والأرض معا ثم فصل السماوات إلي سبع و وكذلك الأرض وخلق مافيها من معادن وجبال وأوجد الزمان وقسمه إلي ليل ونهار ثم دحي الأرض بإخراج مافيها من مياه وجبال ، فالله هو خالق كل شئ كان قبل كل شئ والله سيكون بعد كل شئ .

دعني أخبركِ يا صغيرتي بأن هناك أربعة مشاهد في حياتكِ السابقة لن تسعفكِ ذاكرتكِ الواعية بأن تتذكرهم, مشهد منهم أخبرنا الله به في القرآن وثلاثة منهم أنا ووالدتكِ شاهدين عليهم, سأخبرك في تلك الرسالة بتلك المشاهد


المشاهد :

(١) مشهد حمل الأمانة :


حقيقة لا أحد منا يتذكر ذاك المشهد ولا وضعية اصطفافنا يشبه كثيراً حالتكِ عندما لا تتذكرين فترة وجودك في رحم والدتكِ مستحيل أيضً ليكِ أن تتذكريها يا صغيرتي, ولكن الله يخبرنا بما حدث في القرآن الكريم واصفا المشهد بدقة بالغة حتي تصل إلينا الصورة الذهنية الصحيحة بأقل عدد من التعبيرات وببلاغة إعجازية

حيث في سورة الأحزاب يقول الله (إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان )

أراد أن يصنع خلق أفضل من الملائكة يعبدونه بإختيارهم، وهذه "الأمانه" عرضها الله علي أروحنا قبل أن يبعثها في أجسادنا البشريه ونحن قبلنا بأن نكون خلفاء لله في الأرض.

بدأ المشهد فعرضت الأمانة علي الكل حيث أنه من باب العدل والرحمة أن تكون فرصة (حمل الأمانة ) متاحة لجميع الأرواح قبل أن تذهب للإختبار(الحياة الدنيا)، للكل الحرية الكاملة في الإختيار ما بين القبول كما فعل الإنسان أو الرفض كما فعلت الجبال والسماء والارض, فعرض الله طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت، وإن ضيعت عوقبت، فأبت حملها إشفاقا لثقل المسئولية عليها، فحملها الإنسان ( أنا وأنتِ من ضمنهم طواعية)، كلنا جميعا دون استثناء واقفين أمام الله حيث أشهدنا الله علي أنفسنا ، فشهدنا له بالوحدانية والربوبية .

بعد ذلك الله يخبرنا بأنه مسح ظهر آدم بيمينه فاستخرج منه ذرية, فاجتع الله مع آدم وذريته بالكامل الأحفاد بجانب الأجداد والآباء ونحن مازلنا علي مستوي الأرواح حيث كانت أرواحنا جزء من روح الله, ثم أخذ لله منا الميثاق فردا فردا فشهدنا أنه لا إله إلا الله

يخبرنا أيضاً الله هذا الحوار الذي دار بيننا ونحن مازلنا أرواح وبين الله :

حيث في سورة الأعراف يقول الله (وإذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بزبكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آبانا من ققبل وكنا ذرية من بعدهم )

الله : إني أشهد عليكم السماوات السبع، والأرضين السبع، أشهد عليكم أباكم آدم،

أن لا تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا

تشركوا بي شيئا، وإني سأرسل اليكم رسلا، ينذرونكم عهدي، وميثاقي


نحن : نشهد أنك ربنا، وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك

لذلك لا تسمعي لمن يردد بأنه لم نوجد باختيارنا، بل أوجدونا دون اختيارنا وهذا عاريا عن الصحة يا صغيرني





(٢) مشهد الزواج :


حكايتنا قديمة يا صغيرتي ليست وليدة اللحظة ولا تبدأ من زواجي بوالدتكِ ولكن منذ الخلق الأول حيث آدم وحوء, فالله اختار لكل رجل أنثي خلقت من ضلعه ليكتمل بها كيانه فالأرواح جنود مجنده، فأنا بحثت عن والدتك في وسط الزحام، ويشهد الله أنني بحثت عنها كما يبحثون عن الإبرة في كوم القش وكما يبحثون عن اللؤلؤ في أعماق البحار فاخترت من سوف تبقي أمك للأبد اختيارا متميزا يساعدك ويضيف إليكِ طيلة حياتك إلي أن هدانا وأهدانا الله لبعضنا البعض وتلك في حد ذاتها "معجزة إلهية" التي أعطاها لآدم ولذريته من بعده بأن تلتقي أرواحهم المجندة يوم مشهد حمل الأمانة ثم يوفقهم الله بأن تلتقي أجسادهم معاً في الحياة الدنيا " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها "، الميثاق الغليظ الذي ارتضيناه لأنفسنا علي سنة الله ورسوله منذ الدقيقة الأولي من خطوبتنا إلي الآن حريصين علي أن تكتمل تلك المعجزة فلا نبطلها نحن بتصرفاتنا ولا نغيرمابأنفسنا حتي يدوم الله نعمة شملنا مصداقاً لقوله



(٣) مشهد الرحم :


كنت شديد الحرص كل زيارة لطبيب النسا أن التقط فيديو صغير لكِ من علي شاشة جهاز السونار وأنتِ في ظلمة الرحم لتتذكري مشهدك وأنت في الرحم لتعلمي مراحل تكوين خلق جسدك التي أخبرنا الله عنها في القرآن وأثبتها الطب لتعلمي عظمة التجربة الإنسانية التي أنتِ علي أعتابها.

وأنتِ في ظلمة الرحم لا وعي لكِ لا تعرفين أي شئ, ولكنكِ اختارتي (اسمك وجنسك وعائلتك) يوم مشهد الأمانة كل شئ وافقتي عليه وأنا أيضاً وافقت ووالدتك وكل إنسان وافق علي حمل الأمانة وافق واختار كل شئ يخصه من جنس وأسرة التي سترعاه وتعلمه حتي يكبر ويجري عليه القلم , لذلك يخبرنا الله بأنه (لا تبديل لخلق الله) في سورة الروم في القرآن

عندما ستكبرين بفضل الله سيكون لديكِ الفرصة لرؤية نفسكِ عبرجهاز السونار وأنتِ مازلتِ جنين يخلق لك الله ذاك الجسد لينفخ الروح بداخل تلك الخلايا التي تتحول إلي أنسجه الجسم وأعضائه وأجهزته الحيوية ليبدأ القلب بالنبض لتبدأ الخلايا في برمجة ذاتها وتفنيد المعلومات الوراثية بداخلها ليكتمل خلقك وتصبحي جاهزة يحاط بكِ غشاء ملئ بسائل شفاف لحمايته.

ولكن لماذا ذاك الجسد الذي يتطلب بقائك تسعة أشهر بداخل مكان مظلم؟!, الإجابة ببساطة يا صغيرتي بأن الأرواح منفردة لا تستطيع ان تتعرض (لإختبار) لأن وعيها ثابت لأنها من الله ولكن إذا اقترنت بمتغير يتشكل وعيها طبقاً للواقع الجديد، فكان لابد من الجسد (البدلة الربانية) ليحدث اندماج الروح بالجسد لمن اختاروا الأمانة ، فنحن لم نعد ارواح مجرده بل "أنفس" بمستوى روحي جديد نحدده بعملنا إن كان صالحاً يرتقي لأعلي وإن كان فاسداً فتبوء بالحسرة .

اكتفي بهذا القدر في تلك الرسالة وسأواص إخبارك بباقي المشاهد في الرسائل القادمة, تحياتي الطيبة لكي وأنتِ في الرحم يا قرة عيني !

الكَنز

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات الكَنز

تدوينات ذات صلة