(ما جادلت عالما الا وغلبته و ما جادلني جاهل إلا غلبني )
تختلف العقول كما يختلف كل شيئ على وجه هذه الأرض، فحتى بصمة التوأم المتماثل تختلف جينيا ووراثيا، الأمر الذي يجعلنا نتوقف للحظة ونفكر بمعقٍ أكثر عن ماهية هذه العقول وكيفية تفكيرها ؟! المضحك المبكي أن تقابل عقولا قد خاطبتك عبر صفحات الجرائد و المجلات أو بعض الكلمات التي رافقتك في الليالي السود في بطون الكتب، وتستغرب من تلك الاصوات المنبعثة من إذاعة المذياع والمراد بها أن تخاطب عقلا أخر يستمع إليها في الطرف الأخر، والأعجب من هذا كله أن يتم التواصل معك لغويا و جسيا عبر شاشة التلفاز لمخاطبتك ومحاورتك و إيصال المعلومة على طبقٍ من ذهب، فتغرك طريقته وتفتن بكلامه وسلاسته ورجاحة عقله ، وتتمنى لو ان تجمعك به الحياة ولو بمحض الصدفة! ولكن العجيب ، ما أن تجمعك الأقدار مع تلك النوعية من البشر حتى تتمنى إنك لو لم تتقابل معهم، فتلك الصورة الكاملة التي رمستها لهم لا تلبث الا أن تنكسر، يقال ( كلما اقتربت من الصورة زاد تشوهها ) فعلا ، كلما اقتربت من الشخص وزالت الحواجز التي تمنعك من التواصل المباشر تكن بين أمرين إما ان يحالفك الحظ باكتشاف شخصية تعتبر منجم من الذهب أو يهديك الواقع ما لم تكن تحسبه واقعا من الاساس وتردد في ذهنك حينها ( ليس كل ما يلمع ذهبا) .يقول الإمام علي بن ابي طالب (ما جادلت عالما الا وغلبته و ما جادلني جاهل إلا غلبني ) هذه العبارة تأتي لتفسير الحاصل في الوقت الراهن و لكن مع عكس الآية قليلا اليوم نرى أن العلم و الجهل قد اختلطت موازينهم وأصبح كل من نطق لسانه و قفز حصانه يلهو ويلعب و يتكلم بما هب ودب . و الأصل في الموضوع انه حتى الاشخاص الذين كنا نعتقد بأنهم منارات في بعض المجالات اصبحوا متلوثين ومتلونين، كالحرباء التي تلون جلدها لتتماشى مع اغراضها ، و لم تعد اوانيهم كما كانت في السابق تنضح بالافكار البناءه او المشجعة ، كل ذلك تماشيا مع ما يريده السوق و مجموعة ( المتابعين و التابعين ).الأمر الذي يجعل العين تدمع و القلب يتمزق أن حاملي الشهادات الفلانية والمناصب العلانية ومن وضع قبل اسمه المسمى الفلاني و اتبعه بنقطتين يتحدث معك من خلف زجاج نظارتين قد غشا عليهم غبار ( الأنا ) و بات يصرخ ( انا ومن بعدي الطوفان ) . فكيف لك ان تقنع الأعمى ان للتفاح لون أحمر؟ هذا هو الحال مع من يتزمت لآراءه و يرى الأمور من وجهة نظره البحتة و الغير قابله للنقاش و التفاوض. و في نهاية المطاف دائما ما نعزي انفسنا و نقول ( كل إناءٍ بما فيه ينضح ) .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات