كونك حققت شهرة على شبكات التواصل فذلك لا يعني بالضرورة أنك ناجح. أنت فقط مشهور.

من الممكن أن مفهوم النجاح اختلف مؤخرا في عصرنا الحالي مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي

وما رافقها من هوس الأرقام.

فبات اليوم كثيرون لا يمانعون القيام بأي شيء مقابل متابعين أكثر وتفاعل أكبر

وكأنه بات مفهوم النجاح فقط بأن تكون مشهورا

لكن إن نظرنا من حولنا وقمنا بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي

تجد هناك الكثير من الناجحين غير المعروفين أو معروفين على نطاق ضيق

وفي المقابل الكثير من مشاهير اليوم من يدّعون النجاح لكن لامحتوى لديهم

ولا سبب قيمي حقيقي يدعو لكونهم مشاهير ..

سوى أن هناك شريحة واسعة في المجتمعات باتت تفضل ما هو سطحي وسريع

فهناك من يقتدي بشعار "الدعاية السيئة تبقى دعاية جيدة"

فبالنسبة لهم الأرقام أهم حتى وإن كانت الشهرة لسبب تافه أو سيء

وبات اليوم هناك ترسيخ لمبدأ الفقاعة في كل شيء

في الشهرة، الشخصيات، الفن، المجتمعات، السياسة

شكل بلا مضمون.. صوت عالي لمضمون فارغ يُنسى بسهولة

لا فائدة حقيقية لأنفسهم أو للمجتمعات

لا يريدون بذل أي مجهود للارتقاء

ولكن .. لنعود ونسأل ..من قال أن الشهرة توازي النجاح؟

لم يكن يوما هذا الميزان .. ولن يكون يوما بالنسبة لي على الأقل

فأن تكون ناجحا، يعني أنك جيد بما في الكفاية في عملك الذي أحيانا لا يتطلب أن توثقه بالتصوير حتى

أن تكون ناجحا حين تكون موهوبا ومبدعا فيما تفعله

أن تطور في عملك .. أن تكسب قوت يومك بجهدك وإبداعك

أن تستمر بالمحاولة للمرة الألف رغم الفشل

أن تكون ناجحا في اجتياز الأيام الصعبة .. في قدرتك على بناء عائلة متماسكة

والأهم أن تكون سليما نفسيا وعقليا بالرغم من كل التحديات اليومية

أن تخرج من كل معارك الحياة قويا أكثر

أن تكون إنسانا جيدا في هذا العالم

أن تكون واعيا ومثقفا وقابلا للتطور والتغيير فكريا وشكليا وقيميا للأفضل.

النجاح لم يكن من المفترض أن يوازي المال والشهرة فقط

إن كان لديك مال كثير فهذا جيد ..

وإن كان لديك شهرة وسعيت لها بمحتوى قيّم فهذا جيد أيضا ..

لكن لم يكن من المفترض أن يكون هذا درب الجميع


كثيرون من مدّعي النجاح .. يمطرونك يوميا بمحاضرات حول النجاح

وكيف يجب أن تكون حياتك ..يريدونك أن تعتقد لوهلة أنهم "المثل الأعلى"

لكن .. إياك أن تنخذع يوما بقصة أحدهم

وإياك أن تبهرك الأعداد الكبيرة من المتابعين لديهم

أو طريقة كلامهم المنمقة .. أو أن يجعلونك لوهلة تشعر بأن حياتهم مُثلى

فهناك الكثير من السطور التي لم تُتلى في قصة حياتهم

صدقني الكثير من الوهم في كواليس حياتهم

فكثيرون من حالفهم الحظ فقط

وكثيرون من سلكوا الدرب الأقصر

وكثيرون من يعتمدون على "الفراغ" لينالوا انتباها أكثر


لا تفهمني خطأ ..

أؤمن أن السماء كبيرة بما يكفي لتتسع لكل النجوم

وأتمنى أن يجد كل منا دربه وينجح به ويلمع

لكن أن تصبح الشهرة مقياسا للنجاح فهذا مرفوض تماما

وأن نصفق لكل سخيف فهذا مرفوض تماما

لأنه لن يقودنا إلّا لأجيال سطحية أكثر وانهيار للقيم أكثر

وتغيير في شكل المجتمعات تغييرا كاملا للأسوء

أن تصبح الغاية تبرر الوسيلة دربا يسلكه الجميع لتحقيق مآربه ..فهذا مهدد لقيمنا الإنسانية وللعدالة

لذا إن كنت ممن يجتهدون حقا لتصل إلى ما تريد

وإن كنت ما زلت تسلك الدرب الصحيح مع نفسك لتصل إلى مرادك يوما

وإن كنت تعرف أن نجاحك أولا يكمن في قيمتك وموهبتك وإبداعك وثقافتك وعقلك

قبل أي اعتبار آخر وأي مردود مادي بحت

فلا تجعل هذا العالم يشتت انتباهك عن مرادك ودربك، ف"ليس كل ما يلمع ذهبا"

ولك مكان في هذا العالم حتما .. ولك نصيب من النجاح يوما

فالنجاح من نصيب أولئك الذين يعملون بجد وشرف

النجاح لمن يجدون سلاما مع أنفسهم وسكينة في بيوتهم

النجاح لمن يبقى وفيا لقيمه ومبادئه.


ربا عياش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

قصة مُلهمة من شخصية موثرة كل التوفيق والنجاح 🌸👏

إقرأ المزيد من تدوينات ربا عياش

تدوينات ذات صلة