مستقبل الوظائف سيتغير حتما، ولن يكون ساعات مكتبية طويلة بعد الآن
لم تعد فكرة الوظيفة من التاسعة حتى الخامسة مبهرة لدى الأجيال الجديدة، وبدأ الكثيرون التمرد على هذا النظام التقليدي الذي لا يناسب أبدا شكل التطور الذي تحاول البشرية أن تصبو نحوه.
لم يعد مسموحا أن تتمتع "النخبة" وحدها بالميزات الاقتصادية والاجتماعية، ولم تعد مفاهيم الرخاء والسلطة والسعادة مقتصرة على النخبة والأقلية.
الكثير من التغييرات الفكرية والثقافية والاجتماعية طرأت على المجتمعات البشرية اليوم، كنتيجة حتمية للعولمة والتطور التكنولوجي، وشكل التواصل الاجتماعي بين الناس، ووجود مواقع التواصل الاجتماعي الذي غير الكثير من المفاهيم البشرية حول السعادة والجمال والرخاء، وما رافق هذا التطور والانفتاح من توفير الفرص دائما للتعلم من الثقافات الأخرى، ورؤية بلاد لم نسمع عنها إلا في حكايات ألف ليلة وليلة فقط، والتعرف على أفكار جديدة.
لم يعد مفهوم الدول الشمولية، وكذب الحكومات على الأفراد، ورضوخ الجموع وقبولهم بالفتات مقبولا اليوم، ولا للأجيال القادمة.
نرى اليوم أن فكرة التمرد على النظام التقليدي القاتل منتشرة، ومستساغة، وبدأ التوجه نحو إقامة مشاريع خاصة واللحاق بشغف الإنسان.
فالوظيفة التقليدية، في الغالب ما هي إلا تحوليك لآلة تعمل لتنتج تماما كما يُطلب منك، لا داعي للإبداع، ولا داعي أن تُظهر أجنحتك هناك، عليك بالتقيد بما يُقال لك، مع استنزاف غير مبرر للوقت والحياة، لتحصل على الفتات آخر الشهر، ما يكفيك لدفع فواتيرك، وما يمكنك من العيش في وهم الرفاهية.
الوظائف التقليدية باتت تشكل تحديا لدى الكثيرين، خاصة في ظل أزمة وباء كورونا، سواء من محدودية الفرص، وعدم توفير النظام الاقتصادي ما يكفي من الفرص العادلة للجميع، وما يرافق كثير من الدول في أنظمتها من الفساد الإداري وغيرها.
يمكن التفكير من جهة، بأن مجتمعاتنا بحاجة إلى هذه الوظائف لاستمرارية الحياة، واستمرارية العجلة الاقتصادية، وتوفير الخدمات، لكن من ناحية أخرى، هناك الكثير من الشغوفين، والحالمين الذي يرفضون السير في نظام تقليدي روتيني قادر على قتل أحلامهم وشغفهم وسحب أرواحهم مقابل الفتات.
في خضم التحولات الكبيرة التي طرأت على العالم خلال آخر عشر سنوات، بدأ إدراك الشباب والشابات بالتوسع، والتفتح على أفكار جديدة، على معنى الحياة، واللحاق بقطار السعادة، محاول كل فرد بناء سعادته الخاصة وعالمه الخاص في ظل النظام الجديد الذي يعزز الفرادنية إلى حد ما، محاولين السير عكس التيار.
ببساطة، إن هذا الواقع وما يرافقه من تحديات اقتصادية وسياسية، وصحية، وتضييقات على الحريات يتعارض تماما مع تطور الأدوات التي نملكها، وإدراك الأجيال الجديدة ومواهبهم وأسلوب الحياة التي فرضته العولمة على المجتمعات البشرية.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات