قصة من مجموعة ( قهقهة واحدة تكفي ) مجموعة يغلب على ققصها الخيال، تميل للفنتازيا أكثر .

لمْ تفلحْ قواتُ حفظُ السَّلامِ التي نشرتْها تلك الحبةُ التي تناولتُها في جلبِ الهدوء، أو إيقافِ الضَّوضاءِ التي كانتْ تستعرُ في هذا الرأسِ المزدحمِ بكلِّ ما حوله وما فيه من دوامات. الأسلاكُ تشابكتْ، وقرعُ الطبولِ زادَ كثيراً عن المعتاد، أحتاجُ لطبيبٍ، هذا ما فكرتُ فيه فور زيادةِ منسوبِ القَرْعِ والضَّوضاء، في عجالةٍ ارتديتُ ما وجدته في الخزانةِ من ملابسَ تبدَّى لي أنَّها تفي بالغرض، تفقدتُ المحفظةَ وجدتُ فيها ورقةَ يانصيب انتهى زمنها منذُ سنةٍ تقريباً، مشروعُ قهقهةٍ كانَ يرتسمُ في عقلي، لجمتُه خشيةَ السُّقوط في لجَّةِ الوجع، وخرجتُ صوبَ المشفى أسندُ ذلك المستعرِ بيدي التي كانتْ تقاومُ تسرُّبَ الضَّوضاءِ لها بمهارةٍ منقطعةِ النَّظير. مشيتُ مسافةً ليستْ بالقصيرةِ في محاولةٍ لتوفيرِ المبلغِ القليلِ الذي أملكه، وصلتُ المشفى ورأسي يكاد يسقطُ لولا يدي التي وفرتْ له حمايةً كبيرةً عبر إسناده، جاء صوتُ الممرضةِ بعد وقتٍ طويلٍ مناديةً على اسمي للدُّخول لعيادةِ الطَّبيب . لم يألُ جهداً ذلك الطبيبُ في محاولةِ معرفةِ سببِ العلَّة، وبعد فحوصاتٍ عدةٍ قال لي:- المشكلةُ عامَّةٌ، منذ شهورٍ وأنا أعاين الرؤوسَ القادمةَ للعيادة، منذ متى تشعر بالألم؟- منذ شهرٍ تقريبا،ً ولكنَّه أصبحَ أشدَّ فتكاً مؤخَّراً.- حسناً، العلاجُ مُكلِفٌ جداً، وقد لا تتمكنُ من تحمُّلِ التَّكلفة.- والحلُّ دكتور؟- قمتُ بتوفيرِ طريقةٍ سهلةٍ ومريحةٍ للخلاصِ من الألم، قد لا تبدو منطقيةً، ولكنْ بالنَّظرِ لعواقبِ المرضِ وديمومته وجدتُها الحلَّ الأنسب، قد لا تعجبك الآن؛ لأنَّ وضعك الصِّحيَّ لم يتأزم بعد، ولكنك بعد فترةٍ ستحتاجها لا محالة.- الحقني بها دكتور، أرجوك.- غيرُ ممكنٍ الآن، عدْ للبيتِ، وتعالَ بعدَ عشرةِ أيامٍ، وأعطيك الطَّريقة. خرجتُ من العيادة ممتقعَ اللون، أشعرُ بالغيظ من الطَّبيبِ، وألمُ رأسي يطغى على تفكيري، فيحيِّد العقلَ جانباً، في نهاية الممرِّ شاهدتُ المرضى من الجنسين يسيرون عراةَ المؤخراتِ يدخلون في غرفةٍ على يمين الممرِّ، سرتُ في الممرِّ حتى اقتربتُ من الغرفة، كان على بابِ الغرفةِ صورةُ وجهٍ باسمٍ لممثلةٍ أجنبيةٍ، وتحته كُتبَ بخطٍّ جميل ( راحتُك تهمُّنا )، ألصقتُ أذني بالبابِ، فسمعت أصواتَ قهقهةٍ ترتفعُ لتقتربَ من الصُّراخ، ثم يليها أصواتُ انفجاراتٍ صغيرةٍ، كأنه صوتُ انفجارِ بالونٍ متوسطِ الحجم، أثارَ هذا الأمرُ فضولي، فاقتربت من البابش أكثر مأخوذاً بمحاولةِ معرفةِ ما يجري في الغرفة، متناسياً ذلك الوجعَ الذي جئتُ للعيادةِ من أجله، يبدو أنَّ الفضولَ سيطرَ عليَّ، وما هي إلا ثوانٍ حتى وجدتُ نفسي في الغرفة. لا تسألوني ماذا وجدت! حاولتُ أنْ أقولَ لهم بأنَّ الطبيبَ أمهلني أياماً أخرى، ولكنهم لم يستمعوا لي، ها هم ينزعون عني ملابسي، ويجهزونني لمرحلةِ العلاج، الذي يلجأ له الطَّبيب للخلاصِ من آلام الرأس، والذي رفضَ أنْ يصرفه لي إلا بعد عشرةِ أيامٍ، تحسَّسَ أحدهم المكانَ حيثُ سأجلسُ مقهقهاً كمن سبقني من المرضى، كان الرأسُ مثلمَّاً غيرَ مدبَّبٍ جيداً، وهذا ربما هو سبب الصوتِ الباهتِ للانفجار!!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رائدة زقوت

تدوينات ذات صلة