هذا مقال قديم كتبته تنديداً بجرائم قتل النساء تحت مسمى ( الشرف ) ما يحصل يدمي القلب، واستمرارية القتل موجعة حد القهر

قال تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} سورة النور

من هذا المنطلق ومن هذه الآية الكريمة سوف ابدأ في الكتابة، سأترك كلام الحقوقيات والمنظمات النسائية العالمية، وسأترك أيضاً أي توجه مستورد أو وطني للدفاع عن حق المرأة في الحياة أو الموت مكتفية بكلام رب العزة فقط، وللعديد من الاعتبارات المجتمعية .

في حسبة بسيطة جداً ووفق أحدث الإحصائيات، ذهبت ما يقارب ثمانية عشر ضحية لما يسمى " قتل الشرف " منذ بداية العام الحالي " 2011 " ومن المرجح أن يزيد العدد وفق عملية النسبة والتناسب التي تجري بها هذه الجرائم، تختلف الحالات مثلما تختلف الأمكنة التي تحدث فيها الجرائم، فلا هي مرتبطة بمكان بعينه لنحصره ونقول من الممكن معالجة الخلل عن طريق التوعية، ولا بعمر معين للمغدورات لنعمل على دراسة هذا العمر وما يترتب على المرأة فيه من تبعات قد تلجأ إليها لتحافظ على حياتها من بطش ذكور العائلة .

بالعودة للآية أقام الأهل الحد " غير الشرعي " على الإناث بطريقة الإعدام ، مع أن الحد الشرعي لطرفي الفعلة هو الجلد مائة جلدة لكل من الطرفين ، أركز هنا على الطرفين، فالآية أكثر وضوحاً من أن تنال من المرأة وحدها وتترك الذكر الفعلي في الحدث، فلم يحصل أبداً أن حدثت جريمة الزنا من طرف واحد، وإلا ما كانت حدثاً من الأصل .

لم ترد كلمة " الشرف " ولا مرة واحدة في القرآن الكريم ولا بأي صورة من الصور، ولم يحدث أن ورد عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ما يشير إلى هذا الأمر حسب علمي، ولم يطبق أي حكم شرعي على المرأة في عهد النبوة ويستثنى الذكر تحت أي ذريعة كانت، فقد كانت الحدود تطبق حسب الجرم بغض النظر عن الجنس سواء أكان ذكر أم أنثى .

ولكن للحق فقد ثبت في القرآن الكريم " الوأد " وهو ما يحصل حالياً، وقد توعد الله سبحانه من يقوم بهذا الأمر بآية واضحة أشد الوضوح، قال تعالى " وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت " بفارق أن الموءودة كانت تتم تصفيتها وهي طفلة خوفاً مما قد يدفعهم لوأدها في الكبر، هذا هو الوأد بأم عينه، يحدث في زمننا الحاضر وعلى رؤوس الأشهاد وبأيدي الأحبة من الأهل !!

أعرف تماماً أن الكتابة عن هذا الموضوع قد استنزفت الكثير من الحبر، مثلما أعرف تماماً أن هذا الحبر ذهب هباءً ولم يجد من يعطيه حقه من التنفيذ الفعلي لكثرة الشكوى من تكرار هذه الجرائم وتكرار حدوثها بنفس الوتيرة تقريباً، وأن المتغير الوحيد فيها هو نوع السلاح المستخدم في القتل، فالبعض يلجأ للطلقات النارية، والبعض ما زال يحافظ على استخدام السلاح الأبيض ليروي عطشه من منظر دم الضحية وهو يسال على الأرض، والإجماع الوحيد بين هذا وذاك هو تعذيب الضحية قبل الإجهاز عليها وكأنها مجرمة اغتصبت حقوقه وحان وقت الانتقام منها .

الموضوع جد مؤلم ويتنافى بمجمله مع ما وصلنا إليه من وعي وتطور، ولا يستقيم مع تفكيرنا ولا مع فطرتنا التي فطرنا عليها، لا أعرف كيف لي أو لها أن تقول " أخ " عندما يلم بها ألم ويقوم هذا الأخ بالإجهاز عليها ويرفع سيفه وهو يقطر الأحمر الممزوج بروحي ... بروحها التي أزهقت دون حق ؟ كيف سيكون حضن أبي هو الملجأ لي عندما يقع علي ضيم وأنا أشاهد " سلاحه " يشهر صوبي في حلي وترحالي ؟

لن أطيل فقط سأعود مرة أخرى للآية الكريمة وأبحث معكم عن " الثمانية عشر " ذكر الذين من المفترض أن يكونوا شركاء الفعلة وأسأل عن عقابهم وهل أقيم عليهم "الحد غير الشرعي " أم أننا نعاقب الإناث من منطلق بيولوجي ويلوذ الذكر بحصانة بيولوجية تحميه من إقامة حدود بشرية لا علاقة لها بالدين ولا بالشرف من الأصل ؟


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

حدود الشرع واضحة, ولكن تحليلات ثقافة العيب والشرف المبتكرة من صفات الرجولة المدعوة هي ما تُحلل ارتكاب جرائم القتل كعمل بطولي, وهو محاولة بائسة لإنعاش أنقاض رجولة غير موجودة

إقرأ المزيد من تدوينات رائدة زقوت

تدوينات ذات صلة