عندما تقضي وقتًا مع نفسك فسيمكنك أن تمنح الآخرين وقتًا أكثر ..
لكل وقت جماله ونكهته التي يختلف الناس في تذوقها والاستمتاع بها..بالنسبة لي يشكل الصباح الباكر أجمل تلك الأوقات..فهو وقت الخلوة مع النفس والتلاوة والتسبيح والتفكير في ماسبق والاستعداد لماهو آت.. وهو وقت هطول قطرات الإلهام و شحن الذات بطاقة متجددة.. لذلك لازلت أحرص لى الاستيقاظ المبكر لأستمتع بجمال تلك الساعات المباركات التي أصبح لها طقوس أحرص على القيام بها في الحل والترحال..
اشتملت طقوسي الصباحية على ممارسات مختلفة استمر بعضها وتوقف بعضها..تمامًا كأبطال المسلسلات..بعضهم أصحاب أدوار جوهرية يواصلون الظهور باستمرار وبعضهم يظهر في حلقات ويغيب في أخرى وقد يقوى دورهم أو يتضاءل من موسم لآخر..كانت البداية بتجهيز وشرب القهوة العربية التي كان انتشار شذى رائحتها الزكية في أجواء المنزل كفيل بتعزيز مقاومتي لإغراء العودة إلى الفراش ومواصلة النوم. ثم تراجعت إلى الصف الثاني ليتقدمها كوب الماء الدافئ المصحوب أحيانًا ببضع قطرات الليمون أو خل التفاح "العضوي" أو عسل النحل "الأصلي" الذي يوقظ أعضاء الجهاز الهضمي بلطف ليستعدوا لمهامهم اليومية الصاخبة..ثم انضمت إليهم تمارين المرونة التي تلين العضلات وتحرك مفاصل الجسم في كل الاتجاهات وهي لاتزال تجاهد للبقاء ضمن باقة العادات.. بعض الممارسات تكون مثل ضيوف الشرف فتظهر تارة وتغيب أخرى مثل مشية صباحية أسبوعية طويلة مع صديق عزيز تمثل لي تجربة استشفائية تنتهي بإفطار هادئ جميل وأفتقدها عندما تنقطع لأي سبب من الأسباب..
مذكراتي اليومية هي رفيقتي التي أبوح لصفحاتها بأسراري وأبثها همومي وأسكب عليها دموعي وأسمعها ضحكاتي وأشاركها أفراحي وأحزاني..
ضمن هذه التجارب الصباحية ظلت كتابة المذكرات اليومية صاحبة البطولة المطلقة عبر كل المواسم.. فهي رفيقتي التي أبوح لصفحاتها بأسراري وأبثها همومي وأسكب عليها دموعي وأسمعها ضحكاتي وأشاركها أفراحي وأحزاني وآمالي وآلامي وأحتفل معها بنجاحاتي المعدودة وكبواتي التي يصعب عدها..وآخذ رأيها في مواقفي وأسرد على مسامعها ماقلته في نقاش محتدم..وماكنت سأقوله قبل أن يتغير اتجاه الحوار..وماعجزت عن قوله لخوف أو خجل أو تردد..وأخوض معها معاركي الكلامية وما سأقوم به لو تكرر ذلك الموقف وما أعد بعدم تكراره..أتذكر معها ماقد نسيته وأفسر ماصعب فهمه وأربط بين الأحداث المحلية أو الدولية و أتوقع ماسيحصل في حلقات المسلسل اليومية..وأحيانًا يتشتت انتباهي عنها قليلاً بالبحث في الجوال عن موضوع عاجل أو بالرد على رسالة واتس آب مفاجئة..ثم أعود لها لنقوم بترتيب أولوياتي اليومية..
لايعني هذا أن علاقتنا كانت سلسة منذ بدايتها..فقد تخللتها فترات شغف جامحة نتج عنها عديد من الصفحات اليومية تلتها فترات جفاء وتباعد لم تكتب خلالها كلمة..ثم عودة هادئة مع وعد بكتابة صفحة يومية واحدة كي تستمر العلاقة من مبدأ " أدومه وإن قل" والذي هو السر المعلن لإنجازات المتواصلة..استلهمت كذلك تجارب الآخرين بتجربة أساليب مختلفة في الكتابة لكسر الرتابة..جربت البدء بكتابة الامتنانات والتركيز على سرد النعم والإيجابيات ثم تحولت إلى كتابة عناوين يومية جذابة واستقريت مرحليًا على الأسلوب الصحفي لتكون البداية بعناوين نشرة أخباري تليها تفاصيل أحلامي ثم تأتي النشرة التفصيلية بسرد الأحداث اليومية وفق تسلسلها والتوقف عند بعضها والمرور مرور الكرام على غيرها..وقد أواصل على ذلك النهج وقد أستبدله..
وهكذا تمضي الأيام وتستمر التجارب التي قد يتوقف بعضها ويستبدل بممارسة أخرى فالاستمتاع بالاستكشاف نعمة تستوجب الشكر.. ويبقى أن تلك الخلوات الصباحية وكتابة المذكرات اليومية من أجمل تجاربي الإلهامية فهي كالصيانة الوقائية تزيل الركام وترتب الأذهان وتساعد على استقبال اليوم الجديد بالأحضان..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات