مع تسارع تقنيات الذكاء الاصطناعي واشتداد حموة السباق على ريادته، كيف تتحقق استدامة الريادة؟

حضرت مؤخراً قمة تأثير الذكاء الاصطناعي التي نظمها مجلس شمال فرجينيا للتكنولوجيا، تحت عنوان:
"تسريع تبني الذكاء الاصطناعي: السياسة، التكنولوجيا، ورأس المال." جمعت القمة بين خبراء، وممارسين، ورواد تقنيات، لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي في الدفاع، والصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والتمويل. كان من أبرز الحضور ڤينت سيرف(صورتي معه) ، وهو أحد الآباء المؤسسين للإنترنت وتحديدًا بروتوكول TCP/IP، والذي صرح بتشكيكه سابقًا في قدرات الذكاء الاصطناعي وتغير موقفه حاليًا وشارك بنصيحة نوبلية:
"جرب الموجود، استكشفه، وتعلم منهثم اصنع شيئًا به."


ما لفتني حقًا كان ما وراء العناوين، من مفارقات ومؤشرات، منها:


١. تستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الآن ربع كهرباء ولاية فرجينيا وتعد الولاية عمومًا المكان الذي تتركز فيه مراكز البيانات.

٢. سحب البيانات من الكلاود التقليدي نحو مراكز ذكاء اصطناعي أكثر قربًا من المعالجة، نتيجة ارتفاع كلفة النقل، مما يُنذر بظهور نموذج هجين جديد

٣. ظهور حاجة ماسة إلى تخصصات غير متوقعة مثل السباكة والكهرباء لدعم هذه البنية

انجذاب رؤوس الأموال للاستثمار في الهاردوير مقارنة بالماضي حيث كانت معظم الاستثمارات في السوفت ويز.

٤. أخذ الآثار الأخلاقية والقانوينة بعين الاعتبار لم يعطل التقدم بل حسنه من حيث إدراك المخاطر والتعامل معها وبناء الموثوقية

٥. خلق الذكاء الاصطناعي وظائف لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة مثل منهم على طيف التوحد في قطاع data labeling لتوفقهم في التدقيق.

"جرب الموجود، استكشفه، وتعلم منه… ثم اصنع شيئًا به." ڤينت سيرف أحد مبتكري بروتوكول TCP/IP


وفي هذا السياق، استوقفني النقاش الجاري بين القطاع الحكومي والخاص حول مستقبل أشباه الموصلات والنماذج اللغوية الضخمة، حيث تميل الحكومة لفرض قيود على التصدير ومنع نشر النماذج المفتوحة أو المميّزات المتقدّمة، وفي المقابل، يرى القطاع الخاص أن الانتشار والنفاذية هما ما يصنع السوق ويحافظ على الريادة.


وهنا تكمن المفارقة الجوهرية: كيف تتحقق الريادة مع حد الانتشار؟ فالغلو في القيود قد يحقق مكاسب آنية تضر بالتفوق على المدى البعيد..فيدفع الآخرين نحو ابتكار بدائل خارج القيود والاستغناء عن التقنية الرائدة. ووسط كل هذا الزخم والتزاحم على قطف الثمار اليانعة يجب أن نتذكر بأن 
الذكاء الاصطناعي كما نراه اليوم، انطلق من أبحاث لم تحظَ بالدعم المتدفق والقبول والرواج لأفكارها، بل وُصفت أحيانًا بأنها مضيعة للموارد، وهي الآن حديث الساعة وكل يدعي وصلاً بليلى.


باختصار، كانت الخلاصة من وجهة نظري بأن الاستثمار في الأبحاث "غير الرائجة" في أي مجال كان اليوم هو ما سيفاجئنا غدًا بتطبيقات غير متوقعة، ويحقق بالتالي استدامة الريادة.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رأفت محمود زيني

تدوينات ذات صلة