ماهي المراحل التي تمر بها التقنيات في طريقها إلى النجاح؟
تقسم التقنيات بالنظر إلى درجة نضوجها إلى ثلاث مراحل رئيسية، فهناك التقنيات الناضجة mature technologies أو التي تعرف بالأساسية وهي التي ظهرت على شكل منتجات تجارية في متناول أيدي معظم المستخدمين مثل الهواتف الذكية وتكون التطورات الحاصلة فيها تدريجية تحسينية مثل سرعة المعالج أو دقة الكاميرا وغيرها من المواصفات. تليها التقنيات المزعزعة disruptive technolgoies والتي تمثل تقنيات جديدة تعمل على إزاحة تقنيات أو أساليب عمل قائمة مثل البلوك تشين والميتاڤيرس والعملات الرقمية والذكاء الاصطناعي العام ومثاله ChatGPT الذي أصبح ذكره على كل لسان، وهي في سعيها ذلك تتقدم وتتعثر لتنهض من جديد في محاولاتها للنجاح. أما التقنيات الناشئة Emergent فهي تقنيات جديدة جدًا لايعرف حتى المجال المناسب لتطبيقاتها ولايدرك بعد الأثر الفعلي لها وهي بعيدة عن التأثير على الواقع الحالي إما لصعوبة تنفيذها أو ارتفاع تكلفتها أو ندرة المواد والأساليب الضرورية للاستفادة منها مثل تقنية الدمج النووي. Nuclear Fusion التي عكف عليها العلماء ربما ثلاثة عقود أو أكثر حتى تمت مؤخرًا تجربة توليد طاقة ناتجة أعلى من طاقة المواد الليزر المسلطة لضغط واحتواء مادته الأساسية أي بكفاءة أعلى من ١٠٠٪ وهذا كفيل بمراجعة بعض مفاهيم الديناميكا الحرارية المتعلقة بكفاءة النظم.
مع ظهور الصعوبات تحويل التقنيات إلى منتجات..قد يفقد كثير من المطورين حماسهم لها فتهوي التقنية ومن يدعمها في وادي اليأس وخيبة الأمل ..
تتوزع المراحل الثلاث على منحنى قارتنر للضجة الإعلامية المصاحبة لظهور وتطور التقنيات Gartner Hype Cycle المتمثل بخط زمني يبدأ بالتقنيات الناشئة تليها المزعزعة ثم الأساسية. أما الضجة فهي تعبر عن مستوى الاهتمام بالتقنيات والتوقعات منها فترتفع بداية مع أول خبر صحفي عن نجاح تجربة معملية لتلك التقنية فتنطلق المقالات والأخبار بل وحتى الأفلام والمسلسلات لتتكهن بأثرها وتظهر الأبحاث المغمورة عنها ويتسابق الجميع للقول بأنهم يعملون عليها مثلما حصل عند إعلان قوقل عن تجربة الكمبيوتر الكمي في معاملها السرية الواقعة على شواطئ سانتا باربرا الساحرة وتلالها الناعسة ..
مع ظهور صعوبات تحويل تلك التقنيات إلى منتجات سهلة الاستخدام ومتيسرة التكلفة قد يفقد كثير من المطورين حماسهم لها، ربما لنفاذ أموالهم فتهوي التقنية ومن يدعمها في وادي اليأس وخيبة الأمل التي قد تطول حتى تلتقي فرصة التطوير مع جاهزية السوق وتقدم الصناعة، أو عند ظهور فرص مواتية ،قد لاتكون إيجابية،مثل الجائحات لتبث الروح في تلك التقنية فتظهر نماذجها الأولية فتسير صاعدة باتزان على طريق الأمل لتتحول إلى نماذج تصنيعية يليها ظهور منتجات تجارية تستخدم على نطاق واسع مثلما حصل مع تقنية الMRNA لتطوير التطعيمات ضد الڤيروسات والتي ظلت دفينة المجلات العلمية لسنوات عديدة بل واستهتر بجدواها في فترة من الفترات..
مع مرور الزمن تنضح تلك التقنيات وتصبح من المسلمات وربما ننسى أنها خلال مراحل تطوير تطبيقاتها مرت عبر مسار طويل قد يصل إلى عقود من الزمان صعودًا وهبوطًا بين قمة فورة التوقعات وقاع خيبة الآمال لتنهض من جديد وتصل إلى بر الأمان لخدمة الإنسان.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات