الصراع بين الرجل والمرأة صراع أزلي ، مذ وجدا على هذه الأرض وكل منهما ينظر للأخر على أنه هو سبب كل الشرور .. ويبقى الصراع ما دامت الحياة .

صراع أزلي


- أتدرين بأننا مثل ليلى والذئب ؟

- وكيف ذلك ؟ ما علاقتنا نحن بقصة للأطفال ؟ أم أنك كنت تحاول أكلي مثل الذئب ؟

- كلا ، ما أقصده بأن الجميع صدق ليلى لأنه سمع القصة منها ، ولم يسمع أحد من الذئب ، لماذا صدقها الجميع ؟ ولم يحاول أحد أن يسأل الذئب عما حدث ، ربما لو سمعنا الذئب لتبين لنا أنه هو المظلوم وأن ليلى ربما خدعته بكلامها المعسول وغررت به كي تقضي عليه .

- ما هذا الهراء ، ليلى فتاة صغيرة اعترض الذئب طريقها محاولا قتلها ، وهذا دأب الذئاب ، لا أصدق بأنك تفكر بهذه السذاجه وتصدق نفسك ، أتدري أحيانا كثيرة أفكر كيف أحببتك وأنت بهذا الفكر ؟ صدقا لا أدري .

التفت إليها وشبح ابتسامة مرسومة على وجهه قائلا بهدوء :

- كلامك صحيح ، وأنا أيضا لا أدري ، كيف يمكن لمن ترتدي ثياب الحمل أن تخبئ داخلها ثعلبا ماكرا بهذا الشكل ، إن مسوح البراءة التي تظهرينها للناس لن تدوم طويلا ، المكر والخداع قناع هش ضعيف سرعان ما ينكشف .

جحظت عيناها لا تكاد تصدق ما يقول ، من أين أتى بكل هذا الجحود ، لقد أحبته وضحت من أجله الكثير وها هو يتهمها بأنها مخادعة وماكرة ، كانت الكلمات الجارحة تصطف في عقلها تباعا تريد أن تلقيها في وجهه ولكنها صمتت ولسان حالها يقول : يا لجحود الرجال ، مهما فعلت المرأة من أجلهم فلن تسلم منهم .

- لماذا سكتِ ، سألها مزهوا بانتصاره عليها بهذه السهولة ، هل أكل القط لسانك ؟ أم أنه اعتراف صامت بأنني على حق فيما أقول ، وبأنك خدعتني كل هذه السنوات .

أطلقت تنهيدة تعبيرا عن الملل قائلة :

- لا لم أعترف بشيء ، ولساني موجود وجاهز وأنت تعلم بأنني لا أعدم الحجة ، وما من مرة حاججتني إلا وانتصرت عليك ، فلماذا تحرج نفسك كل مرة لا أدري ؟ أمسك عليك لسانك يا زوجي العزيز ولا داعي لكل هذا الجدل ، فالرجل والمرأة يكملان بعض ولا داعي لهذه الحرب الغبية التي تحمل لوائها محاولا الظهور بمظهر البرئ المسكين المغلوب على أمره ، أما بالنسبة للذئب فهو الذي بدأ ولو أنه ترك ليلى ولم يتعرض لها لما مات قتلا ، ولكنه طيش الرجال الذين يعتقدون أن كل فتاة في الدنيا فريسة سهله له ، يقتنصها متى شاء ، وعندما يواجه بالصد يهرول باكيا من غدر المرأة ، اذهب لعملك ودعني أكمل عملي ، فلا وقت لي لهذيانك هذا .

- سأذهب ولكن المعركة لم تنته بعد ، وسأثبت لك بأن مكر المرأة أكبر من مكر الرجل ، والمرأة هي سبب الشرور في هذه الحياة ، فكل الحروب كانت المرأة تختبئ خلف الشرارة التي أطلقت لهيبها ، ولكنك تأبين الاعتراف ، وهذا شأنكن دائما ، صواحب يوسف .

هزت رأسها بأسى : وما شأن إخوته أم نسيت ، لقد ألقوه في البئر ، وقالوا اقتلوا يوسف .

ران الصمت على الحجرة فجأة ، فهذا صراع أزلي ما بين المرأة والرجل ، ولن ينتصر أحدهما على الأخر .

خرج من الحجرة غاضبا وهو ما زال يتمتم بكلماته الأخيرة حول الحرب والنساء .

هزت رأسها وعلى ثغرها ابتسامة ظفر فقد كسبت الجولة هذه المرة ، ولن تستسلم .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شكرا kiki لمرورك وقرائتك الواعية ??

أحلى شي إنها فازت عليه بالنقاش..... سلمت أناملك ...... قصة رائعة

شكرا جزيلا لك .. أسعدني مرورك ??
Hafid

إقرأ المزيد من تدوينات قلمي / عبير الرمحي

تدوينات ذات صلة