عندما يفصح شخص عن رأيه المختلف - عدا من اعتادوا ذلك - يكون قد خرج من دفء الموافقة إلى برد المخالفة..

ليس من السهل الجهر بالرأي إن كان مخالفًا..ولو لمرة..وليس من السهل التعبير عن الضيق إن كان الكل راضيًا..ولو لمرة..وليس من السهل الإفصاح عن الألم..ولو لمرة.. وليس من السهل رفض عذر متأخر..ولو لمرة..وليس من السهل أن تطلب أكثر ..ولو لمرة..أو حتى أن تتوقع أفضل..ولو لمرة..فالمتوقع أن تصبر وتتحمل وتقبل وتقنع وترضى..في كل مرة..وإلا فقد يقال عنك..فلان مشاكس..فلان أشغلنا الله يصلحه..وآخرتها معاه..فكنا منه بس..أو بالمصري "القدع دا مش هيقيبها البر "..وقد تتطور الأمور ليقال "دبور وزن على خراب بيته"..

هل المصارحة سهلة ؟ لأ ..هل قد توقعنا في خلاف مع من نقدر أو نحب؟ ربما ..هل يستحق الأمر؟ نعم .. لماذا؟

توضح أستاذة القيادة والتعلم المؤسسي ايمي إدموندسون في أبحاثها عن السلامة النفسية في المنظمات، والتي تعرّفها بالقدرة على المصارحة بالأفكار والاستفسارات والأخطاء مع عدم الخوف من الإحراج أو الانتقاد أو الانتقام، بأن فرق العمل التي تملك قدرًا عاليًا من السلامة النفسية تتحدث بأريحية عن أخطائها أولاً بأول فتزيد سرعة تعلمها ويتحسن أداؤها وترتفع مؤشرات السلامة النفسية فيها. لذلك فإن المنظمات التي تؤثر السكوت على المصارحة والاتباع على المخالفة بحجة العجلة والخوف من ارتكاب الأخطاء وفقدان المكتسبات تخسر كثيرًا فتتباطأ حركتها ويصعب تصحيح مسارها ويضعف تعلمها ويتأخر بناء قياداتها ويزيد اعتمادها على حفنة من الأفراد الذين استطاعوا في مرحلة ما أن يكسروا حاجز السكوت دون أن يشكلوا تيارًا يحتذى ..

فرق العمل التي تملك قدرًا عاليًا من السلامة النفسية تتحدث بأريحية عن أخطائها أولاً بأول فتزيد سرعة تعلمها ويتحسن أداؤها وترتفع مؤشرات السلامة النفسية فيها..


كما توضح أيمي صعوبة المصارحة مقارنة بالسكوت لأن العلاقة بين السكوت والمصارحة ليست متوازية..فالسكوت سهل والصراحة صعبة..والسكوت مريح والمصارحة متعبة..والسكوت يحقق الأمان الفردي ونتائجه سريعة وملموسة بدون دوشة ووجع رأس..أما الجهر بالقول تقديمًا للمصلحة العامة فأثره بطئ وقد لايظهر أبدًا لأن الرأي قديكون خاطئًا..لكن المهم هو الجرأة على إبدائه فقد يخطئ مرة ويصيب مرات..وبما أن السكوت لايتطلب مجهودًا لذا يجب رفع تكلفته.. ولأن المصارحة تتطلب قدرًا عاليًامن الشجاعة فإنها تحتاج إلى تخفيض تكلفتها بكثير من التشجيع والدعم ولايكفيها إزالة الخوف ومسبباته..


لذلك عندما نرى من تجرأ وتغلب على حواجز الخوف ودعة السكوت وصرح برأيه..نقول له شكرًا جزيلاً..ولو لمرة..


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رأفت محمود زيني

تدوينات ذات صلة