كلمات من هنا وهناك تدور في العقل وتأبى أن تظل حبيسة فقررت أن تنطلق إلى عالم الواقع

رحلة طويلة هي الحياة، بكل ما فيها من أحداث، ومع كل خطوة نظن أننا فهمناها وأننا نضجنا؛ ولكن يتضح لنا أننا مازلنا نتعلم، نُصيب أحيانًا ونخطئ أحيانًا أخرى. حين جلست أفكر في رحلتي وجدت أشياء متناثرة صادفتني في الطريق، هنا وهناك، وبدأت أكتب بعضها، لنرى ماذا كتبت؟


القُبح والجمال

------------

الأصل في الأشياء النقاء والصفاء والبراءة، وقد وُلد الجمال طفلًا رائعًا متكاملُا متناسق الهيئة بشكل بديع، وظل يلهو ويمرح في الحياة ناشرا البهجة والسرور في كل مكان يذهب إليه. زارني منذ سنوات طويلة وظل مقيمًا معي، وذات يوم أخبرني أنه يشعر بالملل، ويريد أن يلعب لعبة جديدة لم يلعبها من قبل. فتساءلت عن ماهية اللعبة، فأخبرني أنه سيرتدي قناع القُبح، ويخدع الناس لبعض الوقت، وأن لا أحد يمكنه أن يكتشف حقيقته نظرًا لبراعته في التقليد والتقمص. شعرت برجفة في قلبي، وأخبرته ألا يفعل مثل تلك الفعلة؛ ولكنه لكلامي لم ينصت، وعلى قراره قد عزم ونفذ، وبدأ اللعبة وارتدى القناع.

مر يوم اثنان ثلاثة حتى عشرة أيام متتالية، وبالفعل لم يكتشفه أحد، ثم عاد إلى وأخبرني أنه يريد أن يُنهي اللعبة، وطلب مساعدتي في نزع القناع فتعجبت من طلبه لأنه سبق وأن أرتدى القناع دون عون مني، وهنا بدأ في النحيب وصدمني بالحقيقة. أنه لا يستطيع نزعه فمددت يدي حتى أنزع القناع، ولكني لم أجد أي طرف بارز يمكنني الإمساك به، فالقناع أصبح ببساطة جزء من الوجه، وأدركت المأساة لقد تحول وجه الجمال إلى القُبح، وفقد وجهه الحقيقي وفقد جوهره؛ ولكن كيف حدث ذلك؟

كيف بدأ الأمر بالهزل ثم تحول إلى الجد؟

كيف اختفى الجمال من عالمنا؟

هل هي كل الحكاية؟

متى سيتمكن الجمال من العودة ونزع القناع؟


حياتي

-----

ابتعدت قليلًا عن الجمال الذي فقد كل شيء وتحول دون قصد إلى قُبح، وحاولت أن أكمل تلك الرحلة التي لا أدري نهايتها، مشيت حتى شعرت بإنهاك شديد فجلست التقطت أنفاسي وهنا وجدت تلك الكلمات منقوشة في عقلي:

حياتي تُرى ما هي حياتي؟

إنها أشبه ما تكون بمسيرة طويلة بلا نهاية في صحراء قاحلة موحشة في نهار شمسه محرقة مهلكة، ثم لاح في الأفق كوب ماء واحد وكأنه آخر كوب ماء في تلك الحياة، وما أن أوشكت على الوصول حتى تهشم الكوب، وتشربت رمال الصحراء الماء دفعة واحدة، ولم يتبق سوى زجاج الكوب المهشم الذي أدمى قدماي، فسالت الدماء لتنهل منها الرمال وكأنها استباحت دمي كالماء.


عن الغد

--------

يقولون إن الغد أفضل يا صغيري، من أين أتوا بهذه القدرة على توقع الغيب. لا يمكن أن أعد بأن الأيام القادمة ستترفق بنا، ولكن يمكنني قول الحقيقة:

إن سقوطك أمام صعوبات الحياة اليوم والأمس ربما يعني ضعفك، وكاذب من يعدك بغد أفضل، فالغد في كل حال آت وربما كان أشد قسوة وصعوبة؛ ولكنك حين تواجهه بشخصية جديدة يبدو لك أفضل. إن الغد قادم وكل ما عليك هو الاستعداد للقائه والتسلح بشخصية قوية قادرة على تحمل الصعاب وتحقيق المستحيل.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات رشا الغيطاني

تدوينات ذات صلة