ديسمبر ليس مملاً، أجوائه الهادئة ليست الا تذكير بأحداث عام كامل من الفرح والحزن والثبات والأنهيار، الحب والفقدان كذلك .
تقول أثير عبدالله النشمي كاتبتي المفضلة في روايتها : في ديسمبر تنتهي كل الاحلام ..
" يَملُك الإنسان كُلّ أحشائهِ ما عدا قَلبهُ " !
وتقول أيضا على لسان بطل الرواية
انا لا أنكر مزاجيتي ، ... لكن ديسمبر فوق كل امزجتي! .. ديسمبر شهر سلطوي بكل تأكيد....ذو سلطة وهيبة وتأثير ...لكني لا أفهم لماذا تنتهي كل الاحلام في ديسمبر! "
استوقفتني هذه العبارة لبرهة من الزمن وجعلت دماغي لا يتوقف عن التفكير للحظات كوني قرأت كل كتاباتها ماذا تريد أن تقول بهذه العبارة ؟ لماذا ديسمبر دون الأشهر الأخرى ؟
و لأول مرة لا اوافقها الرأي في ما خطته أناملها ، كشخص يعيش على أحلام حديثة الولادة بعد مخاض طويل أثق أن الأحلام لا تنتهي في ديسمبر ، بل بقايا الأحلام هي ما نتخلص منه في ديسمبر ، بقايا الخيبات والتجارب السيئة .
ديسمبر ليس بهذا السوء لينهي أحلامنا بل هو شهر إعادة ترتيب الأولويات وإعادة توجيه سهم الأمنيات إلى طريقه الحقيقي نحو فلك لا ينتهي من الأحلام التي تكبر يوم بعد يوم ، لنبدأ من جديد بقصص أكبر بكثير وحكايات جديدة تنتظر صافرة البداية لتحمل بصمتنا وتنطلق ،
لكن قبل هذا دعونا نتفق أن الإنسان يملك كل احشائه أيضا حتى قلبه.. فالقلب وجد ليضخ الدم فقط ، ولا اعتقد أن دماغنا بهذه السذاجة ليسمح له بتأديت دور غير دوره ، وإن حدث وفعل القلب وتمرد على دوره فنحن نملكه كذلك إنه جزء من بناء متكامل بداخلنا و سيعيده الدماغ إلى عمله الأصلي خلال مدة زمنية معينة وإن طالت ، فتأثير المعشوق على عاشقه في فترة الإنفصال أشبه بتأثير توقف مدمن المخدرات على تعاطيها وفي كلتا الحالتين الدماغ وحده المتحكم في ما يحدث ...لذا وبتكرار مني الإنسان يملك كل احشائه حتى قلبه ....
ديسمبر العزيز مر برفق على الجميع وكن خاتمة الخيبات أدرك عز الإدراك أنك تقوم بتنظيف بقايا سنة كاملة من التجارب والقصص المنتهية والحكايات التي لا جدوى من بقائها ،
في ديسمبر ترحل بقايا الأحلام التي لم يعد هناك جدوى من وجودها وفي يناير تبدأ الأحلام الجديدة ونصنع خلالها نواصي اقوى نقف عليها وقمم جديدة نلمع فوقها بنفس جديد لبدايات جديدة
دعونا نتفق جميعاً أن ديسمبر هو استراحة المحارب فقط فتجهزوا للإنطلاق من جديد ....
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات