وصف مختصر لكتاب رسالة في الطري الى ثقافتنا .. يغرض لنا فيه الكاتب الكبير محمود محمد شاكر اسباباً و مفاهيم .. ويصور لنا رحلته المشوقة جداً

قراءة في كتاب رسالة في الطريق الى ثقافتنا"

للكاتب محمود محمد شاكر


إباء التجاني



نبدأ اليوم بإذن الله كتاب ممتع جدًا وعميق جدًا ؛ يقدّمه لنا صاحب أمهات الكتب العربية ومحاربها الذي لطالما دافع عنها وحمل لوائها رمزاً وكافئته اللغة بأن جعلتهُ نابغةً وشيخاً سيُذكر اسمهُ كلما عُرضت صراعات اللغة! الكاتب العلامة أبوفهر محمود محمد شاكر اصدر كتابًا بعنوان "رسالة في الطريق لثقافتنا" الذي يُعتبر مقدمةً لكتابه "المتنبي" الذي ذاع صيتهُ واثبت مكانته بجدارة ، ولَفت اهتمام الكثير من الكتاب ! مما يُثبت عبقرية الاسلوب وجمال السّرد وحقيقةُ المرجعية الذي يتمتع به محمود محمد شاكر!


يحتوي الكتاب على قراءة المؤلف للأسباب التي ادت لفساد حياتنا الآدبية والسياسية والاجتماعية والدينية وما نشأ فيها من المناهج التي كانت ولا تزال تسود الحياة الثقافية والادبية!

بدأ كاتبنا الكتاب بالنتيجة اولاً أن الحياة الادبية و و و .. فاسدة ، بالاشارة لأنه لم يبدأ الكتاب بوصف اعراض هذا التدهور الثقافي واسبابه عميقة الجذور فصادر على المطلوب ابتداءً!


طريقةُ السّرد كانت مُلفتة بعض الشئ ؛ فبدأها بتجربته عن نفسه وكيفية بدايتهِ رحلةً شاقّة اختار ان يكون بطَلها ، اضافةً لرحلته الى منهجِ التذوق ؛ الذي اشار إلى تطبيقه على كل كلامٍ يقع عليه! ويروي فيه المؤلف رفضه التام للمناهج الادبية السائدة منذ عامه الأول في كلية الآداب حيث اختلف مع استاذه طه حسين في قضية مهمة جدًا وهي قضية انتحال الشعر العربي وعدم ثبوت وجوده!


حين تقرأ هذا الكتاب ؛ ستشعرُ أنّ الكاتب يتحدّث اليك مباشرة! فإنه لم يعتمد في ترتيب الكلام على الفصول ؛ بل على فقرات ؛ عددها 24 فقرة ؛ بدأها كما ذكرتُ آنفاً بالحديثِ عن نفسه ؛ وختمها بشهادةٍ على فساد آدب عصره وثقافته وشهادة طه حسين كذلك التي تسلك ربما نفس الاتجاه!

رسوخ الثقافة العربية واساسها يرجع لأوائلها ، في كلٌّ لا يتجزأ ، فوجّه شاكر قلمهُ ليكشف جليًا عن اسباب الصراع التي ادت للهزيمة فيه ، وكيف ادّى ضعفنا الى فساد حياتنا الادبية والاجتماعية والسياسية والدينية! فيظهر شغفهُ في الحديث عن الذي يُعيق العربية والذي يُحاربها وكيفية الحفاظ عليها!

تحدث فيه ايضًا عن كيف أن الاسلام كان يومًا هو الحضارة التي تنهل منها امم العالم ؛ ولغته ايْ العربية هي ام اللغات ولغة العلم!

وعن ايضًا غزو العالم الاسلامي من قِبل الصلبيين الذي كوتهم نار الغيظ من ترتيب الوحيِ لحياة الناس وتيسير امورهم ؛ وطرق غزوهن ابتداءً بالطرق العسكرية التي فشلو فيها ، فلم يجدو الا الطرق المتخفية والبعيدة الامد في الظهور فاستعملو الاستشراق والغزو الفكري واستعملو الارساليات والبعوث اضافة لشتى انواع الاحتلال الثقافي الى ان وصلو لمبتغاهم فدنا شأن المسلمين وعلا شأنهم!



ابدأ بعرض مختصر كالعادة لمقتنيات الكتاب ؛

*فبدأ الكاتب رحلة قلمه بوصف رحلته لمنهج التذوق ثم كلام عن هذا المنهج وبيّن أيضاً اختلافه عن سائر المناهج

*وتحدث عن الأستشراق والمستشرقين وحقيقتهم ؛ وانتهى بحقيقة أن ما يفعله المستشرقون لا علاقة له بالمنهج لاختلافهم عنا ؛ سواء في اللغة او الدين او الثقافة ، وأنّ كل ما كتبوه كان وراءه هدفٌ ما ؛ وانهم كتبوا لعامتهم أو حتى للساسة أو لعملائه.

*ثالثاً : تحدث عن الصراع بين المسيحية والاسلام بدايةً بالحروب الصليبية التي اثبتت بجدارة فشلها الى أن فُتحت القسطنطينية وكيف كان وَقع هذا الخبر في اوروبا ؛ وتحدث ايضًا عن تاريخ التراكمات من الأحقاد لدى المسيحية الشمالية في اوروبا ضد المشرق الاسلامي

*رابعًا تحدث عن نهضة ديار الاسلام ، والخمسة العمالقة " البغدادي ومحمد بن عبدالوهاب والحبرتي الكبير والمرتضى الزبيدي والامام الشوكاني" وعن بدايتهم في القتال ضد الخطر الذي احسوا بهِ من الشمال الصليبي ودورهم في احياء التراث من عقيدة وعلوم وغيرها.

*خامسًا الثورة الفرنسية واهداف نابليون الحقيقية ، ودور الاستشراق وتداعياته المتواضعه ، وسرقتهم للتراث عن خروجهم من مصر.

*سادسًا ؛ فكرة البعثات وخطورتها والاحتلال لمصر والتدمير الشامل للتعليم في مصر !


ختامًا وعلى صغر الكتاب إلى أنّ الدكتور شاكر قد اوصل ما ارداهُ الى اعمق نقطة من الممكن ان يصلها ؛ وانوّه ايضًا للغة السامقة والمزج العبقريّ بين المضامين والشرح ولترتيبه المبدع لآرائه وشهاداته ، ووصل بكل رسالة لغايتها.


الإبــاء..

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

هنالك خطأ مطبعي
في العنوان : مصطفى محمود
وفي التدوينة محمود محمود شاكر .
لكن تدوينة جيدة

إقرأ المزيد من تدوينات الإبــاء..

تدوينات ذات صلة