من البلاغةِ تعريفُ ابنِ رشيقٍ لَها: البلاغةُ إجاعةُ اللّفظِ، وإشباعُ المعنى.!ّ

يقول ابن خلدون في كتابه "مُقدِّمَة ابن خلدون": "المغلوب مولَع أبدًا بالغالب؛ في شِعاره، و زيِّه، و نِحلته، و سائر أحواله، و عوائده". إنّ الإنسان يُراقِب الّذي غَلَبه، و الإنسان الّذي لا يودّه، إن سبب هذا الإنشغال و مراقبة حتّى الأعداء، قد وجدته في هذا الكِتاب، يقول عن وَلَع المغلوب بالذي غَلَبَه -من مراقبة أو تقليد أو تتبُّع- "والسبب في ذلك أن النفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه: إما لنظره بالكمال بما وقر عندها في تعظيمه، أو لِما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب…".


وضَرَبَ مَثلًا لذلك بما أبصره بعينه ولامسه بحسَّه في بلاد الأندلُس حين زارها فيقول: "كما هو في بلاد الأندلس لهذا العهد -عصره الّذي عايشه- مع أمم الجلالقة (النصارى)؛ فإنك تجدهم يتشبّهون بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم وأحوالهم، حتى في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت، حتى لقد يستشعر عن ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء، والأمر لله".


يصف ابن خلدون التقليد "بالاستيلاء" و هذه غاية الخطورة فأن تجعل -بمحض إرادتك- مَنْ يستولي عليك من خلال مراقبتك له.


يعني لو أنّ هنالك شخص لا يكن لك المودّة، أو أن العَلاقَة بينكما متكدّرة لا صفاء فيها و في الوقت ذاته يراقبك، يتتبّع وجودك و ترحالك فهو يراك الأفضل و الأكمل، يبحث فيك عن أسباب انهزامه.


و في المقابل، أنّ هذه المراقبة تنبت في النفس؛ الضُعف و التردّد، الشعور بالعجز، تولِد استخفافًا بقيمة الروح و العقل -كما وصف ابن خلدون- اعتقادنا بكمال الغالب- طالما أن الآخر قد نجح في أمر لم ننجح فيه نحن فهذا لا يمحوا مقدرتنا أيضًا بالفَوز و الغلبة. راقب لتتعلّم، لتكتسب منفعة. ميّز مراقبتك، شعورك تجاه الذي تراقبه أو تتبَعه، المراقبة نوع من الاستيلاء!.

الإبــاء..

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات الإبــاء..

تدوينات ذات صلة