هذه الكاتبة التي كتبت فأبدعت ودافعت وناضلت فأثّرت!
"و من هذا قد تعترضن بالقول: لماذا تُعلّقين أهميةً على كتابة النساء إذن؟ فوق ما تقولين تتطلّب الكتابة جهداً عظيماً و قد تؤدي ربما إلى قتل العمّات، و سوف تُعطّل المرء بالتأكيد عن مِيعاد الغداء، و قد تتسبّب أن تتخاصم المرأة مع بعض الرجال الممتازين.. إن دوافعي في ذلك، دعوني أعترف، أنانية في جزء منها، أحب القراءة -مثلي مثل كل النساء الإنجليزيات ممّن يتلقين تعليماً عالياً-أحب قراءة الكتب في معظمها. و قد أصبح ما أتغذّى عليه منها في الآونة الأخيرة ممل و يتكرّر. فكتب التاريخ تدور عن الحروب أكثر من أي شيء آخر ، و سير الرجال عن العظماء فقط، أمّا الشعر فقد أبدى ميلاً نحو الجفاف و العُقم، و لكنني كشفتُ بما يكفي عن معوّقاتي كناقِدة لفنّ القصص الحديث فلن أدخل في ذلك الموضوع مرّة ثانية.
و لذا فأنا أطلُب منكُنّ أن تكتُبن في كل المجالات، و ألّا تُحجِمن عن الكتابة في أي موضوع مهما كان تافِهاً أو واسِعاً.
و بشكل أو بآخر أتمنّى أن تمتلِكن ما يكفي من مالٍ لترتحِلن و كي تشترين وقتاّ للفراغ تتأملنّ فيه مستقبل العالم أو ماضيه، و أن تحلُمن و أنتنّ تقرأن و تتسكعن على نواصي الشوارِع و تترُكن سِنّارات أفكارِكُنّ تغوصُ عميقاً في مجرى النهر. و ذلك لأني لا أحصِركُنّ في أي شكل من الأشكال في مجال الكتابة القصصية .
و لو أردتُنّ إرضائي، و هناك الآلاف مثلي لكتبتُنّ كُتُباً في أدب الرحلات و المغامرات، و لبحثتُنّ في شتّى المجالات و كتبتُنّ في السيرة و التاريخ و النقد و الفلسفة و العلوم، و سيكون في ذلك إفادة كبيرة للفنّ و القصص، ذلك أنه من شأن الكتب أن تُؤثِّر بعضُها في بعض.
سوف يتحسّن فنّ القصص عندما يتقارب و يتلاصق بالشعر و الفلسفة، إضافةً إلى ذلك عندما تتأملنّ شخصيات من الماضي، مثل ساڤو أو الليدي موراسكي أو إيميلي برونتي، ستجدنّ أنها كانت وريثة تُراثٍ ما، بقدر ما كانت مُبتكِرة، و أنها ما جآءت إلى الوجود إلّا لأنه أصبح من عادة النساء أن يكتُبن على نحوٍ طبيعيّ، و بذا فإنّ ما تكتُبنّ حتّى و إن كان في النهاية لا يُشكّل إلّا إرهاصاً لكُتّاب الشعر فهو لا يُقدّر بثمن.
لكنني عندما أتطلّع إلى مسودّاتي هذه و أتفقّد حبل أفكاري و أنا أكتُبُها، أجد أن دوافعي لم تكُن أنانيةً محضة، إنّ ما يتخلّل هذه التعليقات و الإستطرادات هو الإعتقاد -أم تراه الغريزة-بأنّ الكُتب الجيّدة مرغوبٌ فيها، و أنّ الكتاب الجيدين حتّى ولو أظهروا نوعاً من أنواع فساد الخُلُق هم في النهاية..بشرٌ طيّبون .
و لذا فإنني عندما أطلُب مِنكُنّ كتابة المزيد من الكُتب و أستحِثُكُنّ على ما فيه خيرُكُنّ و خيرُ العالم كله ،فأنا -في الحقيقة-لا أعلم مسوِّغات و لا أعرف كيف أُبرِّر هذا الإعتقاد أو تلك الغريزة؟ لأنّ الكلام الفلسفي-و بخاصّة لو أنّ المرء لم يتلقّ تعليماً في الجامعة -لابُدّ أن يخذلنا و يخدعنا. ماذا نعني عندما نقول الواقع؟إنها تبدو كلمة مُتعرّجة لا تستقيم، لا يُركَنُ إليها، نجدها تارةً في طريقٍ مُترِب و تارةً في نتفة ورق من صحيفة أُلقيت في الشارع، أو في نرجسيّة بريّة في الشمس. إنها تُضيءُ مجموعةً من الغرف أو تمهَرُ قولاً عابِراً، إنها تغمرنا و نحن سائرين تحت النجوم و تجعل العالم السائل أكثر حقيقة عن عالم الكلام، ثم نجدها في الأوتوبيس وسط ضجّة بيكاديللي. أحياناً أيضاً يبدو أنّها تقبَع في أشكالٍ بعيدة لا نستطيعُ تمييز كُنهِها عن بُعد، هي ما يتبقّى من اليوم حينما يخلعُ جلده و يُلقي به على السور النباتي في نهاية الحديقة، هي ما يتبقّى من الماضي و من كل من كرِهناهُم و أحببناهم. و إعتقادي أنّ للكُتّاب فُرصة أكبر من الآخرين للعيش في الحقيقة".
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات