رواية هل تموت الملائكة؟ بقلم هلا بدر لقان - الجزء الثالث

كانت تنص الرسالة على ثلاث كلمات فقط :"هناك مفاجأة تنتظرك".

علم المحقق أن هناك ضحية جديدة وفي ذات الوقت أتى اتصال لمركز الشرطة..اختفاء معلمة فيزياء، كان المحقق متأكد أنها ليست مختفية وحسب، بل ومقتولة أيضاً، قال في باله وهو ينظر لرانيا التي اختلطت ملامحها بالصدمة والدموع :"إذا كانت هذه المعلمة ترتبط برانيا فلا يوجد أمامنا غير الدليل القاطع للقبض عليها..".

اعتذر المحقق من رانيا وطلب منها القدوم لاحقاً، بدأت عملية البحث في الغابات، لقد أصبح معروفاً مكان مسرح الجريمة لذا لابُد وأن فِرق الحراسة قد رأت شيئاً.

توجه المحقق مع مجموعة من الشرطة لتفتيش الغابات واحدة تلو الأخرى لكنهم لم يجدوا شيئاً، لقد استدرك القاتل أن مكانه قد اُكتشف.

أكملت الشرطة بحثها في حال ذهب المحقق للمدرسة التي كانت تعمل المعلمة فيها، طلب كشف الطلاب الذين درسوا هنا سابقاً، إنه يبحث عن اسم معين..."لا لا هذا مستحيل..".

قالها المحقق وهو في حالة صدمة وكانت المديرة تنظر إليه باستغراب، 4 أسماء وجدها المحقق في كشف الطلاب لسنة 2014، طلب المحقق رؤية جميع المعلمين والمعلمات الذين يعملون هنا، جمعتهم المديرة في مكتبها ثم سألهم كلٍ بدوره عن اسمين فقط من الأربع أسماء التي وجدها، كيف كانوا في المدرسة وكيف كانت علاقتهم مع زملائهم والمعلمين.

جميعهم اجابتهم كانت:

-رانيا كانت طالبة مؤدبة ومجتهدة وتحب الجميع وسمعتها طيبة، أما ملاك كانت هادئة بطريقة مخيفة، لا تعلم ماذا تخبئ في داخلها، اسمها ملاك ولكن من نظراتها تشعر لوهلة أنها شيطان..

شكر المحقق الجميع وذهبوا لاستئناف عملهم، تجول المحقق في ممرات المدرسة ووقف أما لوحة الطلاب، وجد صورة رانيا وبجوارها ملاك .."أأنتِ الموت أم الجنة؟ هل أنتِ فعلاً ملاك أم توأم إبليس كما يقولون؟".

أمر المحقق بتفتيش المدرسة وعندما وصل إلى المخزن وجدوا المعلمة هناك، جالسة على كرسي ومقتولة بنفس الأسلوب، كان منقوش على يدها "أنا غير مُتوقع"، ابتسم المحقق وقال "وهذا رأيي أيضاً"، ثم تم نقل الجثة للتشريح وكانت نفس تقرير باقي الضحايا.

بدأ المحقق بالتفكير بصوت عالي..

"القاتل قبل أن يقتل ضحيته ينومها ثم ينقلها لمكان الجريمة حتى لا تقاوم الضحية ثم يقتلها هناك وبعد ذلك ينقلها إلى مسرح الجريمة لذلك لا نجد دماء كثيرة حول الضحية، ولو أنه يقتلها ثم ينقلها لوجدنا آثار دماء على الطريق، ولكن الذي لست متأكد منه هو هل يقتلها وهي نائمة أم عندما تستيقظ وتكون بوعيها؟..".

سأل الطبيب الشرعي عن نسبة المنوم الموجودة في دم الضحية وأجاب :"نسبة قليلة".

-هل تكون الضحية في حالة وعي وادراك؟

-تكون شبه واعية ومدركة نوعاً ما، وربما تشعر بالألم.

-إذاً لِم قد ينوم الضحية إذا أراد أن يعذبها قبل الموت؟

-ربما يريد أن يشل حركتها قليلاً، حتى إن ما قاومت تفشل في ذلك.

أنهى المحقق حديثه ثم توجه لمنزل المعلمة، أوفى واجب العزاء ثم قال:" آسف لما حدث ولكن سأسألكم بعض الأسئلة، اعرف أنه توقيت غير مناسب ولكن هذا يساعدني بالعثور على الفاعل في أسرع وقت ممكن".

يرد عليه السيد محمد "زوج المعلمة":" لا بأس، تفضل أكيد".

-ولكن قبل هذا، هل ممكن أن يتواجد معنا باقي العائلة؟

-نعم بالطبع، ثواني وسيكونوا هنا.

أقبلوا ثلاث فتيات كانوا بنات المعلمة، أكبرهم فداء ثم سناء وآخرهم وفاء، سألهم المحقق الأسئلة المعتادة ثم وصل للسؤال الذي أتى لأجله:" هل كانت علاقتها جيدة مع طلابها؟".

ردت وفاء: نعم، فلا أذكر أنه كان هناك من يكرهها من طلابها".

نظر إلى وفاء، فقد كانت زميلة رانيا في الصف العاشر والحادي عشر.."وأنتِ يا وفاء، ما رأيكِ؟".

وفاء: حسناً..لاأتذكر كثيراً ولكن كان هناك طالبتين سمعت أنهما كانتا تكرهان أمي، فحسب ما سمعت أن أمي جرحت إحداهم وتنمرت على شكلها فالأخرى دافعت عنها، لست متأكدة من صحة هذا الكلام".

-وهل تتذكرين من هما؟

-لا أظن هذا.

وقف المحقق وأعتذر منهم مجدداً ثم خرج، والآن يريد أن يعرف من هما هاتين الفتاتين؟

توجه للجامعة ثم طلب الإذن ليدخل إحدى القاعات، جلس على الطاولة وقال:" أتوقع أن جميعكم هنا تعرفون المعلمة نرمين، معلمة الفيزياء التي قُتلت".

نظر لوجوه الطلبة فاستنتج أن ليس جميعهم هنا يعرفها، نظر إليهم وجد أن ملاك ورانيا موجودات، كانتا تنظران لبعضهما البعض بارتباك وعندما لاحظت رانيا أن المحقق ينظر إليهما وجهت نظراتها مباشرة للأرض.

قال المحقق:" هل تعرفينها يا رانيا؟".

ردت رانيا وهي تحاول أن تداري عينيها..إنها لا تريد أن تنظر للمحقق مباشرة :"ربما..".

المحقق:" وأنتِ يا ملاك؟".

نظرت إليه ملاك بعينيه مباشرة ودون خوف:" نعم، لقد كانت معلمتي في فترة الثانوية".

ابتسم المحقق ثم قال:" حسناً، إن تذكر أحد شيئاً أو إن كان يريد بأن يقول شيئاً فأنتم تعرفون مكاني، تذكروا أن نور ولانا والمعلمة نرمين كانوا لهم عائلات وأناس يحبونهم، أنتم لا تريدون أن تكونوا مكان الضحايا أو مكان عائلاتهم" ثم خرج وأثناء خروجه نادى رانيا وملاك وأراد مقابلتهما في مكتب المستشارة، أتت ملاك بدون رانيا..ملاك:" ورد اتصال لرانيا وخرجت مسرعة".

المحقق:" لا بأس، سأسألك سؤال..ماذا تعرفين عن المعلمة نرمين؟"

-لقد درستني في الصف العاشر، لقد حزنت كثيراً لما حدث لها.

-هل كانت على عداوة بين أحد طلابها؟

-لا يُمكن أن تكون هناك عداوة بين المعلم وطلابه.

-اقصد..ألم تسمعي بأن أحد الطلاب يكرهها؟

-حتى وإن كانت هناك واحدة فهذا ليس دافعاً لقتلها.

-لقد وصلني بأن هناك فتاتان أحدثا شجاراً معها.

-نعم..

-وهل تعرفين من هما؟

-أنا ورانيا.

تسمّر المحقق في مكانه، كل الاستجوابات تشير إليهما..المحقق:" ولماذا؟".

-لقد كانت تكره رانيا وتتنمر عليها كثيراً حتى أتى اليوم الذي لم أتحمل رؤية هذا فانهرت غاضبة على المعلمة.

أثناء الحوار ورد اتصال آخر لجريمة أخرى ..


يُتبع..



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هــلا بـدر لقــان

تدوينات ذات صلة