كيف هو حال بوصلة قلبك يا ترى ؟! .. أما تزال تعرف عنوان بيت السكينة ؟ أم أنها ترتبك بين دقات الأيام ، فلا تعرف سبيلا تهتدي بنجوم سماءه إلى جنان النفس ؟!








نحن شموع تذوب يوما بعد يوم ، وتحفر على جدر الحياة كل الذكريات والأمنيات ..

في كل يوم تودِع أرضنا بعضا منا لتضمهم إلى قبوها المظلم .. تماما كما يضم ظلام الليل نور شمعة تحتضر ..



لماذا لا نشعر بدحرجة دقائق العمر من بين أيدينا ؟!


في أوقات ما من العمر ننسى أننا مجرد عابري سبيل .. ننسى أننا من تراب وسنعود للتراب !.. ننسى لذة الوقوع في سكينة قصور لب الحياة لنبقى عائمين على السطح تذهلنا لآلى جمة في البعيد من المكان والزمان .. ونبقى لاهثين خلف ضوءها الفضي .. حتى نحصل عليها وعندما نمسكها من عنقها بحرص ونقبّلها بجنون سرعان ما تصير رمادا يتسامى مع الريح .. ويختفي .. ونكرر هذا دون أن نتوقف مرة لنفهم أننا نعيش على القشور ونرضى بالزخارف الرخيصة .. نظل نتيه دون أن نعقل سنة الحياة ونفهم ألغاز النفس فنميل ونستميل لنحصل على ما نريد ..




ألم نر كل رحلات السراب تلك ؟!



السراب الذي لا يكل من الهروب من حولنا .. هو مجرد حلم رخيص قد تحقق لأحدهم ..

أجل تحقق لكنه بهت بسرعة وبات ينجلي نوره مع ليالي العمر .. فصار سرابا !


نحتاج أن نبصر هذا السراب وإن لم نستطع أن نعرف كيف تسرب ، نحتاج أن نعرف لماذا تسرب لنغير بوصلة الامنيات .. نحتاج أن نعرف أيُّ الأحلام أحرى بالحضور ها هنا في القلب .. حتى لا تصير رمادا فنجد ميزان العمر خاليا من الذهب ..




بالعلم نخطو خطى النجاة لمحطة إدراك النفس


كل ما كنت أعرفه عن الحياة قد بدأ يتقلّص أمام ناظري حتى بدا لي أن كل تلك المعرفة لا تكاد تذكر أمام ما عرفته عن جمال الهجرة إلى أعالي الأمنيات .. إلى سكينة النفس بضرورة تحقيق السعادة الأخروية .. وذلك من خلال ملء ميزان العمر بشتى أصناف الأجر والثواب.. عرفت مدى قدرة نفسي على التغيير ومدى قدرتها على الثبات على سبيل الحق والخير .. وعرفت أنّى للعبد أن يهاجر إلى ربه .. إلى نيل الثواب منه والتطلّع إلى نيل رضاه واجتناب سخطه ..

سبيل العلم هو سبيل الرشد إلى جانب الأخلاق والطباع الجميلة .. العلم قنديل لا ينطفئ نوره مدى العمر ..

بالعلم عرفت نفسي .. وعرفت ما الهوى .. قد سقطت في شباك الهوى مرات ومرات لكنني بالعلم عرفت كيف أتجنب طُعم صنارة الصيادين .. أعداد كبيرة من الصيادين باتوا يحومون حول قلبي .. إنهم يحومون وسيبقون يحومون لكنني أدركت أننا في معركة دائمة وعلينا أن نحاول أن نكون رابحين دوما وإن قصّرنا في أداء النصر !


بالعلم عرفت ما الحب وما السعادة ..

بالعلم عرفت كيف أقتات الهناء .. دون عون أحد .. فبالدعاء فقط عرفت أن الهناء سيجد سبيله إلى قلبي مهما اشتد ظلام الحزن من حولي ..

بالعلم عرفت كيف أقتني أصدقائي .. وكيف أجوب بساتين السعادة في ركعة لله تعالى ..

بالعلم عرفت كيف أنتشل نفسي من الحزن .. دون طلب استغاثة الناس من حولي ..

بالعلم أدركت ما معنى أن أملا ميزان العمر ذهبا لا رمادا !

بالعلم أدركت عظمة قدرة ربي على إبدال همي فرحا بسجدة ودعاء ويقين بالفرج ..

بالعلم عرفت نفسي .. وحاربت جنود الهوى ..

بالعلم عرفت كيف أهاجر بقلبي إلى ملكوت الله وأطلب الجنّة .. فهي أعظم الأمنيات وأثقل الكنوز .




(احتضار شمعة  )مقتطف من روايتي المقيّدة " هاجر "20598632461300450


«وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »



هاجرت بملء قلبي من يقين بكرم الله وعزم على التغيير .. هاجرت فعرفت أنّى للسعادة أن تكون موطنا ..

بالهجرة ذاب غم القلب وانزاح هم العمر إلى غير رجوع ..

بالهجرة دنت قطوف الخير واشرأبّت أفراح وأفراح ..

عندما هاجرت بعد عثرة قلبي بركام الهم ذقت معنى أن أسلّم أمري لله .. ذقت معنى أن أجلس على مقاعد الحياة أنتظر قطار الفرج فهو لن يتأخر .. وإن لم يأتِ في محطة ما من العمر فالموعد في الجنّة بإذن الله .




للشمعة أجلٌ فكان على قلبي أن يعي اندثار نورها يوما ما !



قلوبنا هي التي تعقل وتعي أحداث وأتعاب الحياة ..

فعلينا أن نوّطنها دوما على الصدق والإخلاص .. عليها أن تُحكم قبضتها على أمنيات تنجوَا بها يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ..

عرفت ان حياة قلبي كطير مهاجر .. وعلى جناحيه ميثاق الإخلاص لله تعالى والعمل لأجله والثبات على درب الصبر للنجاة من مصائد الحياة ...






كُتبت بحبر الصبر .. والحب معا


هبة الله

أ . ق . ح

هبة محاشي

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شكرا لمروركِ الجميل حذامي💗

كلمات لامست القلب ابدعتي واصلي

إقرأ المزيد من تدوينات هبة محاشي

تدوينات ذات صلة