"من يستطيع أن يتعلم الصبر يستطيع أن يتعلم أي شئ أخر" هذا جوهر التعامل مع الانهباط
(6) المرونة.
بشكل عام هذا المبدأ مهم وضرورى فى الحياة، ولكنه أكثر أهمية لك فى الانهباط، لإنك إذا لم تتحلى بالمرونة فستفشل. ولديك ـ فى أوقات الانهباط ـ أصلاً تُربة مهيئة للأحساس بالفشل، وأنك لن تفلح فى شئ وأنك عبء إلخ إلخ. ومن ثم فالفشل هاهنا تأثيره ووقعه سيكون شديد السلبية والعواقب مكلفة بحق. لنضرب مثال على المرونة :
ـ خرجت من العمل ولديك احساس بأنك لن تستطع أن تركض اليوم، وسيُصيبك الكسل. تستطيع أن تمشى من العمل إلى المنزل، أو تمشى لمدة نصف ساعة. فالمهم هو أن تمارس الرياضة لا أن تلتزم برياضة محددة. ما يُهم يا صديقي هو الشبع لا شراء الخبز لذاته.
(7) طلب المساعدة.
ليس هناك أى مشكلة أو عيب فى طلب المساعدة، ولإن هناك إحساس مغروس مع الانهباط بأنك عبء والجميع يتأذى من موودك إلخ. فبكل بساطة اسأل من تطلب مساعدته : آكون عبء عليك إذا ساعدتني فى كذا؟ اخبرني إن كُنتُ عبء عليك فور إحساسك بهذا رجاءً.
طبعاً الشعور لا يزول بتلك البساطة، خاصة ممن تطلب مساعدتهم من غير الأقارب (زميلك، صديقك، إلخ إلخ) فكنت ألجأ إلى الهدية عقب انتهاء أزمة الموود أو الدواء. إليك مثالاً :
بعد أن انتهت أزمة العلاج الذى كان يُنيمُني فى العمل، قُمت بشراء حلوى لزميلي فى العمل. ودعوته إلى الفطار والغداء. ففي أثناء وعكتي الصحية بسبب الدواء كان يقوم بأعمالي، ويُخلّص أوراقي، ويُنبهني لأعمالي التى نسيتها. أدركت بعدها إن زميلي كان يقوم بعملي دون الأحساس بأني عبء كبير كما كنت أتوهم، ولو كان عبء فقد دفعت ثمنه، فلا ثمة داعٍ لتضخيم مشاعر العبء.
(8) عدم اتخاذ قرارات.
كونفوشيوس له عبارة جميلة ككل عباراته : عند الغضب لا تأخذ قرارات وعند السعادة لا تمنح وعود. لإنك فى الحالتين تحت وطئة انفعال ولست تملك زمام عقلك. خاصة أن الانهباط يأتى معه احياناً مشاعر مُرققة وجياشة وعواطف حُب وعطف. وأعنيّ بالقرارت الخطيرة الكُبرى كقرار الارتباط أو الانفصال أو الرحيل، تغيير الطبيب، إلخ إلخ.
ـ أنت فى مستنقع أسود، فلا مفر من الاستشارة حين تتردد فى اتخاذ قرار. استشر من يفيدك حقاً لا من يسمع فضفضتك ويواسيك. اسأل من لديه تخصص وبصيرة ولا خاب من استشار.
(9) أعمل جدول.
ميزة الجدول أنه بمثابة شهادة تقدير لكفاحك وصمودك، ويساعدك على تنظيم المهام المطلوبة منك ومايجب عليك عمله ومراقبة موودك، ويضُخ فيك ثقة بالنفس أنت فى أمسّ الحاجة إليك.
ضع فيه يوم أو يومان أجازة من أداء الفروض اليومية حتى لا يتسرب إحساس الروتين ويختفى حِس الاستمتاع. ثم ضع مكافأة لك أخر الشهر فى حالة التزمت بما قررت عمله. إليك جدولى هذا. التواريخ رأسياً، والانشطة الواجب فِعلها أُفقياً، وفى الملاحظات أكتُب تقلباتي المزاجية وما تفعله الأدوية فيّ لكي أعرف فى أي درجة أنا من درجات الموود.
(10) اقرأ.
بشكل عام؛ اذا سمح مزاجك بالقراءة فأُرشح لك كُتب فى العلاج المعرفي السلوكي موجودة جميعها فى ثوب البي دي إف، لإنه أثبت فاعلية كبيرة فى علاج أعراض الانهباط :
ـ كتاب الأفكار والمشاعر دليلك للسيطرة على حياتك وحالاتك المزاجية، مجموعة أطباء.
ـ العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية لأرون بيك.
ـ العلاج النفسي السلوكي المعرفي الحديث، أساليبه وميادين تطبيقه للدكتور عبد الستار إبراهيم.
ـ الاكتئاب، اضطراب العصر الحديث، فهمه وأساليب علاجه ـ عبد الستار إبراهيم. عالم المعرفة
ـ العلاج المعرفي السلوكي، مائة خطوة وتكنيك. صادر عن الانجلو مصرية. لن تجده ورقياً ويُستحب شراءه.
(11) اكتب
البعض يجد صعوبة فى الكتابة مع الانهباط، ولكنيّ أُفضّل حتى مع الموود الهابط أن تكتب. اكتب أي شئ، ويُمكنك أن تكتب مع ما تنشره جملة (ممنوع التعليق حتى لا يُحذف) إن كانت التعليقات مستفزة ولا تتفهم الحالة التى تمُر بها. المهم أن تكتب وتُخرج مرار الانهباط. الكتابة فى بعض الأحيان حقاً علاجاً يُخفف.
(12) الصبر.
يكاد يكون من المستحيلات أن تكون "راضياً" بمزاج الانهباط فضلاً عن أن تكون في "ليفيل" حُب المرض. لإن الأخير يضرب المشاعر والإرادة فى مقتل. لكن تستطيع أن تكون فى مقام الصبر وإن كان مؤلم ومرير. لنفس الحكيم الصيني الذى ذُكر بالأعلى مقولة عظيمة : من يستطيع أن يتعلم الصبر يستطيع أن يتعلم أي شئ أخر.
لإن التحسُن من هذا المزاج اللعين لا يأتى فى يوم وليلة، ولابد من اتباع صيحة لينين : قاوموا يا رفاق! إذا لم تنجح المقاومة فستنجح بمزيد من المقاومة. فالمزيد من الصبر سيُكلفك ثمن مؤلم لكن العوائد لا تُقدر بثمن، ارباح الانهباط تجعل منك شخص أكثر صلابة وقوة وعزيمة، وستلاحظها بعد انتهاء الشتاء وبداية الشفاء
فصبر جميل.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
مقال عظيم
مقال حلو وبوقته ❤️ شكرا جزيلا ياعلي
فصبر جميل