يُسمى خطئاً بالاكتئاب الشتوي، والصحيح هو الانهباط. فهو هبوط فى الطاقة والنشاط وليس حزن عميق.

الإسم الدقيق له هو الانهباط وليس اكتئاب، لإنه هبوط فى الطاقة والانطلاق. أما الاكتئاب فهي تسمية غير دقيقة، لإنها تُعبر عن شخص لديه مشاعر حزن عميقة وألم نفسي وبكاء وهذا ليس حال مريض الانهباط.

وبما أن الأبواب يطُرقها الشتاء ويصطحب معه لبعض الاشخاص الانهباط الموسمي، فهاكم 12 نصيحة من واقع رحلتي مع الاضطراب ثنائى القطب.


1 ـ عدم المقاومة.

أقصد به عدم مقاومة الأفكار السلبية التى يأتي بها الانهباط، وهذا المبدأ ذهبي وخطير. لماذا؟

خطير لإنه بعدم تفعيله لن تستطع انجاز باقي النصائح إلا بصعوبة بالغة. وذهبي لإنك فى الانهباط ـ أصلاً ـ ليس لديك طاقة. فلِمَ تدخل قتال وتستنزف نفسك في حين انك باللافعل يُمكن ان تنتصر كما نصح لاوتسو؟ وأقصد بعدم المقاومة الآتي :


أ ـ أن تكُف عن سب ولعن اليوم الذى وُلدت فيه بسبب الخمول وضياع التركيز وصعوبة القيام من على السرير.

ب ـ أن توقف مقارنة نفسك بالآخرين (انظر إلى الناس يستمتعون بالشتاء والمطر ووحدي أنا مكتئب، يفرح الناس بملابس الشتاء وبشراءها وأنا أعاني الأمرّين، بودي لو أعرف ما الذي يُعجبهم فى هذا الشتاء اللعين؟)

ج ـ حين تأتى لك الأفكار السلبية من عيّنة : (يا إلهي، لقد سَمِنت! لعنة الله على الاكتئاب وسنينه. تنظر إلى المرآة وتقول : يا الله! ما هذا، أنظر إلى نفسك، ما الذي يجري لي، لقد هَرِمت. يا ربي، متى ينتهى هذا الشقاء لقد كرهت نفسي، إلخ إلخ) دع الألم يأتي ويمُر، وكذلك الأفكار السلبية. لا تشتبك ولا تتمادى معها ولا تنفعل بسببها. وكالنار التى تأكل فى طريقها كل شئ وحين لا تجد ما تأكله تنطفئ؛ كذلك تلك الأفكار تذهب من حيث أتت.

د ـ لا ترد على انتقادات الأهل والأصدقاء ووعظهم وزجرهم من عيّنة : لا ثمة وجود للاكتئاب، أنت بخير، أياك وأن تستسلم لما تزعم. أكُل شتاء يأتي ستعيش دور الحزين المكتئب؟ إلخ إلخ. وفّر طاقتك لما سأخبرك به فى البنود التالية.


2 - التنفس والتأمل.

تمارين التنفس (اليوجا) ستُزيد الرغبة فى النوم وأنت بالفعل لديك قابلية للخمول فقم بعمل هذا التمرين (تنفس التنين) سيُشعل نشاطك الذهني. أما التأمل سيُعيد ضبط وعلاج مشكلة التركيز والتذكر اللذان يضربهم الانهباط فى مقتل. لكن لا تُمارس التأمل بعد تمرين اليوجا فوراً، أجعل لهذا يوم ولهذا يوم.

أما إذا كنت مُشتت بعض الشئ وأنت تمارس التأمل؛ فتستطيع أن تمارس هذا التمرين 3 مرات أثناء التأمل ثم تعود إلى التأمل مرة أخرى. حينها ستعود وأنت فى حالة سكون واسترخاء وقد قلّت نسبة التشتت بشكل ملحوظ. أى انك تُدمج اليوجا فى التأمل، وهذا "الميكس" له فوائد رهيبة مع الوقت وعلى المدى الطويل.


3 - التنازل والاحتفاظ.

كما ذكرتُ؛ فى الانهباط أنت ليس لديك أدنى طاقة لفعل أي شئ. فلا تُرهق نفسك بأشياء كثيرة تؤديها. عليك أن تُحدد " ما يجب" عليك فعله، وما اعتدت أن تفعله في غير ايام الشتاء ويُمكن الاستغناء عنه أو تأجيله. أنت كمن رُبط فى قدميه صخرتين من صخور الأهرامات، فلا تتحرك إلا للضرورة توفيراً للجهد والصحة والألم لكي لا تُضيع الجزء القليل من طاقتك هباءً. لنضرب مثال :

ستأتي بورقة وقلم وتكتب :

أ ـ يتم إيقاف الكاراتيه والاكتفاء بالركض.

ب ـ لا توجد طاقة ولا تركيز للمذاكرة، يتم إيقاف كورس الفوتوشوب والموسيقى.

ج ـ ايقاف الرجيم، فليس لدي طاقة لمقاومة الجوع، وسأكتفى بأكل المسلوق والخضروات.

د ـ لا داعٍ للأهتمام بالمكياج وتسريح الشعر، سأهتم بغسيل الأسنان، لا أرغب فى تسوسها وأفتح على نفسي جبهة أخرى.


4 - التركيز على ما تحب

لا يكفي التعايش وعدم مقاومة الأفكار السلبية. صدقني؛ حاولت ووجدت الموضوع صعب. لا بد من وجود عنصر الحُب فى المعادلة. إذن فالتبحث عن شئ مختلف تُحب عمله (كل ما تحب عمله فى غير ايام الشتاء يذبل ويتجمد ويفقد بريقه وشغفك مع قدوم فصل البرد) هناك هوايات وأشياء جديدة ستسترعي انتباهك وستنشأ وتستحوذ على ماتبقى من الشغف. هذه الأشياء احرص عليها وتمسك واستمتع بها.

اشياء كالمشي على الكورنيش، مشاهدة نيتفلكس، مقابلة صديق تستريح للفضفضة معه، تلوين، سماع المزيكا.

أنا أعلم جيداً أن الأمر صعب، وأنه أشبه بمريض زكام مُجبر على بيع العطور فى محل والده وهو يتلظى من الزكام. لكن هناك نسبة مئوية من اللذة ضئيلة من وراء الأمر، أعنى من وراء تكرار سلوك ما تحب عَملُه، فللعادة قوة كبيرة. وكما يقول المصريون : نصف العمى ولا العمى كله.


5 - الرياضة.

لا خلاف على ضرورة وأهمية الرياضة، بيد أن السؤال هنا هو : ما هي أفضل الرياضيات فى مزاج الانهباط؟

بشكل عام؛ أي رياضة تُحبها مارسها. لكنيّ أُرشح لك الركض للأسباب التالية :

أ ـ فى صالة الجيم أنت تتمرن 5 دقائق مثلاً ثم ترتاح، ثم تُعاد التمرينة، ثم ترتاح وهكذا. مع الوقت يُصيبك الضجر والملل والأرهاق وتنظر إلى الساعة وأنت أصلاً جاهدت نفسك كي تأتي. لكن فى الجري أنت تجرى بشكل متواصل بانتظام، وقد تستريح مرة أو مرتين خلال النصف ساعة التى خصصتها للرياضة اليومية.

ب ـ النشاط الذهني والبدني اللذان أخذتُهُما من الجري كان أقوي مما أخذتهُ من الجيم.

ج ـ الجيم قد يكون مكانه بعيد فتتخذها ذريعة لعدم الذهاب (فى الانهباط أنت تبحث عن أعذار لعدم تطبيق ما يجب عليك عمله) لكن الجري متاح فى اى مكان وأى وقت.


د ـ ظروفك المادية قد لا تسمح باشتراك الجيم أو دفع الحصة، وإذا لم تتوفر الأموال أو حتى لو توافرت لكن كانت قليلة فبشكل لا وعى سيقوم عقلك بتبرير عدم الذهاب بحجة المال. اسمع مني؛ لقد كنت دوماً أفعلُها ههههه.

س ـ التنوّع فى تمارين الجيم يُصيبك بالملل والضجر ويُشعرك بأنه عبء (الصدر، الكتف، الظهر، إلخ إلخ) مما يُنفّرك من الذهاب، لكن فى الركض القدمين فقط يعملان وشكراً.


ص ـ مستحيل أن تتوقف عن المقارنة وأنت أمام مرآة الجيم. (انظر كم سَمِنت يا عليّ. يا الله! مالي قد أصبحت كرجل خرج لتوه من المقبره؟! يا ربيّ اين ذهبت "الفورمة" السابقة؟ أنظر لحالك يا ابن شاهين، أنت رواية البؤساء إتش دي، إلخ إلخ) أما الركض فيفوّت عليك مشكلة المقارنة. أنت فقط ببساطة تجري وتجري فقط لا غير.


ـ عموماً اياك أن تفقد حِس المُتعة والاستمتاع فى الرياضة، لإنك لو فقدته فلن تمارسها إطلاقاً، خاصة إنها من "المفروضات" التى ـ بالطبع ـ تنفر منها النفس. فتستطيع أن تستعين بشخص معك، أو تسمع ما تفضله "بالهاند فري"، أو تُحضر معك ما تتلذ به من العصائر. المهم عند القيام بشكل لا تميل له نفسك حاول دايماً أن تؤديه مع شئ تحبه وتميل له نفسك.

ali shaheen
إقرأ المزيد من تدوينات ali shaheen

تدوينات ذات صلة