كيف اتعامل مع الأدوية التى تُسبب خمول شديد ورغبة فى النوم؟ هل فيه طريقة؟
كيف أتعامل مع الأدوية التى تُسبب خمول شديد؟
لنتكلم بصراحة؛ الموضوع صعب جداً ومؤلم ويحتاج منك إلى تكنيكات متنوعة، لكن عن تجربة وثقة وخبرة أُبشّرك : تستطيع التعامل.
العلاج من هذا النوع غالباً يكون مضادات ذُهان أو انهباط (يُسمى خطئاً اكتئاب) أو هي أدوية مُخصصة للنوم. فى بداية مفعول العلاج يُفقدك الأخير كل طاقة، بالإضافة إلى أنه ـ أي العلاج ـ يجُر معه كمْ كبير من الأفكار السلبية. فيكون التعامل معه بروح الفلسفة الطاوية : يستطيع اللَيّن الضعيف أن ينتصر على القوي العنيف. وذلك عن طريق الآتي :
1 – القبول وعدم المناقشة وعدم الاشتباك مع الأفكار السلبية، وعدم السخط والغضب. بل تقبُّل الأمر واعتباره فترة وستمُر. إن أظهرت الغضب والضيق وتفاعلت مع الأعراض ستزيد الطين بلة
2 – لابد من الرياضة على الأقل ثلاثة أيام. بواقع 30 دقيقة فى كل مرة، ولا تُكثر عن هذا حتى لا يتحوّل الأمر إلى فرض وروتين ومن ثم تتركه.
3 – ابتعد عن الأكل الدَسِم والدهون و"المسبك"، وأكثر من تناول التونة والأسماك والبحريات عموماً، والخضروات والفواكه. لن يزيدوا الخمول والرغبة فى النوم أبداً
4 – اكتفى بفنجانين من القهوة، أو فنجان اسبرسو أو فنجان قهوة وكوب شاى، ولا تزد عن هذا، بالعكس كلما زِدت من القهوة كلما زادت الرغبة فى النوم.
5 – صمم جدول تضع فيه مهام يومية واجب تنفيذها ( غسيل أسنان، ممارسة الرياضة، الانتظام فى النوم، إلخ إلخ). ثم انظر إلى حصاد هذا الجدول فى آخر الشهر، وكافئ نفسك بحجم التعب الذى بذلته فى الالتزام، على أن تكون المكآفئة فى متناول اليد، ولا تُحاكم نفسك أو تُعاقبها فى حالة التقصير، بل أبحث عن حلول بدلاً من التقريع واللوم وتأنيب النفس.
جمال هذا الجدول أنه سيكون بمثابة شهادة تقدير لمجهوداتك، ومصدر فخر لإنك برغم العلاج استطعت أن تُنجز، وسيمنحك طاقة ايجابية صادقة بدلاً من كلام الوعظ والتنمية البشرية، لإنه نابع من ذاتك ونجاحك.
بحق؛ الموضوع كان مختلف معي.
6 - ابتعد عن النقاشات والتوضيحات للأقارب والأصدقاء وممن لا يؤمنون بالعلاج والمرض النفسي، أولائك الذين يقولون : بتاخد أدوية ليه، ما أنت كنت زي الفل؟ شوف الدواء عمل فيك إيه؟ أنا مش فاهمة دواء ايه اللى يعمل فى الواحد كده؟.
وفّر طاقتك للبنود السابقة والآتية. حين تتعافى من أعراض الدواء سيصمُتون تماماً. صدقّني، أنا شهِدتُ هذا بأم عيني مع أخرين والأمر نفسه كان معي.
7 – اليوجا وتمارين التنفس سيتسببان لك فى رغبة زائدة فى النوم على المدى القصير، لكن على المدى البعيد سيُحسنان التركيز والتذكًر. وهو ما تحتاجهم بشدة فى ظل غيابهم بسبب العلاج. مارس التنفس مرة على الأقل يومياً بواقع 5 دقائق وإن كان يُفضل 10.ـ
ثمة ملاحظتان.
1 – بعد فترة تهدأ الأعراض وتهدأ حدة النوم. وبصرف النظر عن الجرعة، وسواء رجعت إلى العلاج أم لا، فإن أبشع علاج نفسى بالصيدلية لن يفتك بك مع الوقت. هي فقط البداية، وكما يقول الألمان : اول خطوة هي أصعب خطوة.
2 – أعلمُ جيداً ما تمُر به. لقد نِمتُ فى حمامات الشركة بين الفضلات والقذارة وابتلّت ملابسي من "الديتول". نمتُ على الرصيف، فى القهاوى والمساجد والمترو. أضَعتُ ملفات وأوراق تجنيد واستمارات وشيكات وبطاقتي الشخصية مرتان، وسَقط منى سهوأ مبالغ مالية. لم أكن أُعاني من نوم كاسح بل من سكرات الموت، وكُنتُ مجبراً على الاستيقاظ ليلاً بسبب مرض والدتي (متلازمة تململ الساقين) تلك التى فعلت بي ما فعله هتلر فى أوشفيتز.
ـ بكيتُ فى المواصلات، وعلى السرير، وفى الشوارع، وعلى النيل. صرختُ على سجادة الصلاة فى غرفتي مرات ومرات. بكيتُ بحرقة فى كل مرة تسوّلت فيها ممن أحببتها لكى تمشي مع على كورنيش النيل تهوّن عليّ وأنا فى أسوء حالاتي وكان ردها: عفواً لدي ظروف، أنت لا تعلم شيئاً عنيّ.ـ
صرفت أكثر من نصف راتي على القهوة، وصُبْ فى أذني أكثر من مجرد لوم وتقريع بل سموم من المدير وأقاربي. نالت مني الجزاءات، وتم خصم راتبي مرات ومرات لأهمالي فى العمل. كُنتُ أبكي وأبكي وأبكي. بكيتُ من الوحدة واليُتم وغياب من يحتوي ويضُم ويدافع عني وأنا يتيم لا أب ولا أخ ولا أخت. بكيتُ من كل شئ وعلى كل شئ. وماذا كانت النتيجة ؟ـ
ـ انبهر طبيبي بما فعلته حين عرضت عليه حصادي، وأخبرني أن المعالجين فى أوروبا يمارسون هذا النمط من العلاج، وفى كل مرة يُسافر فيها إلى الخارج لحضور المؤتمرات يرى هذا الأسلوب فى العلاج. ثم ختم كلامه بـ : أنت شخص استثنائي بمعنى الكلمة، ولديك ثراء غير عادي وإبداع هائل. أنت مريض يراقب نفسه جيداً. استمر يا علي ولا تتوقفـ.
ضف على ذلك الشُكر والإعجاب الذى نِلتُه من المرضى ومرافقيهم بسبب تلك الخطوات. والتأثير الذى لاحظته فى جودة حياة المريض مع العلاج. وعاد بعضهم إلى العلاج وزيارة الطبيب، وكان الأمر مصدر عزاء لي. فكما يقول لاتسو : كل خطوة هي على الطريق
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات