هل كل ما يمر بذهني ينتمي لي؟ وكم كلف المرور بالحياة دون طرح هذا السؤال؟


في طفولتي كنتُ مأخوذةً بفكرة تغيير العالم أو إنقاذه، بلا وعي مني. لماذا أغيره ومما سأنقذه؟ لا أعرف، لكن فكرة القيام بشيء بطولي بدت لي لامعة، ربما لأنني شاهدت الكثير من الأبطال الخارقين فتأثرت بقيمهم ورسائلهم، وبفكرةِ أن نكون هنا من أجل الآخرين. كبرت وحصلت على أجوبة لأسئلتي، وعرفت معها أن فكرتي كانت ساذجة، وألّا سلطة لي على شيء باستثناء نفسي - وحتى سلطتي عليها جزئية -.

كانت هذه الفكرة شرارةً، أوقدت بداخلي تساؤلاتٍ عديدة. ما الذي يهمني فعلًا؟ هل رفوف عقلي مملوءة بأفكار الآخرين؟ كم قرارًا اتخذته وكان وليد رؤيتي الخاصة، وكم منها كان مجرد استجابات لمفاهيم تجذّرت داخلي؟ هل عشت حياتي أقبل، وأرفض فقط .. دون التوصل إلى فكرةٍ خالصة منبعها نفسي، دون أن أخطو فوق أرضٍ أراها بعيني، لا بعين الآخر؟

كل ما قرأته، رأيته، وسمعته، كل من التقيت بهم، وتحدثت معهم، كل ما عشته له أثره في تكويني لكن هل طغى إلى الحد الذي فقدت فيه القدرة على تمييز نفسي؟ أظن ذلك، لكنني ممتنة لمقدرتي اليوم على طرح هذه الأسئلة، على الوعي بما يحدث في رأسي، ولا بأس بوجود آثارٍ للعالم في قصتي، لكن ما يهمني ألّا تكون قصتي مبنيةً على اللحاق بفتاتٍ تركه الآخرون حين مضوا في قصصهم، ألّا تكون قصتي معتمدةً في وجودها على قصة أخرى. وأن تستمد قيمتها فقط من وجودها الصلب المستقل، ولا أمانع أن أمضي بها بخليطٍ متشابك ما بين أفكاري الخاصة وتأثيراتٍ لا تُحصى علي، فما يهم هو أنني أستطيع التمييز والتفكّر والاختيار، اختيار ما أتمسك به، وأتخلى عنه، حتى يأتي اليوم الذي أُبصر فيه بصفاءٍ من أعماقي، وأعيش بوعي وإيمان بكل - أو بعض - ما يأخذ حيزًا بداخلي، وأقول: هو لي.


Wedad Alshammari

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Wedad Alshammari

تدوينات ذات صلة