مقارنة بين الحكمة من الصيام في الإسلام والمسيحية واليهودية.



شاع بين الناس أن الحكمة من الصيام في الإسلام هي: الإحساس بالفقراء، الذي أثار حفظيتي، ودفعني إلى التأمل والتفكر في الصيام في ديننا، وساقني بحثي وتأملي إلى الصيام في الديانات السماوية وما الداعي له.



أولاً: الصيام في اليهودية

يختلف الصيام في اليهودية عن الصيام في الإسلام بأنه يغلب عليه الحزن؛ لارتباط الصيام لديهم بالأحداث التاريخية والعداء بينهم وبين الأمم، وتعرضهم للمصائب والمحن، فالداعي إلى الصيام في اليهودية هو: حالات الحزن الفردي، أو عند التكفير عن خطيئة، أو عند المصائب، والحروب، والهزائم. اختلف اليهود في فرض الصيام ولكن اتفقوا على أن اليوم الواجب صومه هو يوم الغفران (كبور) ويبدأ صيامه من قبل غروب الشمس بنحو ربع ساعة إلى ما بعد غروب الشمس في اليوم التالي بنحو ربع ساعة، فهو لا يزيد بحال عن خمس وعشرين ساعة متتالية، يحظر على اليهود فيه الشغل، إشعال النار، الكتابة بقلم، تشغيل السيارات وغيرها، و تناول الطعام والشرب، الاغتسال والاستحمام، المشي بالأحذية الجلدية، ممارسة الجنس. قيل أن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي.

في رواية يُقال أن يوم الغفران (كبور) هو يوم عاشوراء عند المسلمين.




"الصوم هو تذكرة لأعمالنا السيئة وأعمال آبائنا التي كانت كأعمالنا اليوم مما سبب لهم ولنا المعاناة" موسى بن ميمون




ثانياً: الصيام في المسيحية

يختلف الصيام في المسيحية عن الصيام في الإسلام بإنه اختياري غير مفروض، فيلجأ إليه المسيحي عند الحاجة. خلال الصوم الكبير أو الصوم الأربعيني ينقطع المسيحيون_حسب طوائفهم_ عن اللحوم ومنتوجات الحليب والأجبان.

قد يحقق الصيام في المسيحية حال عيش الفقراء؛ فبمتناعهم الاختياري عن أكل اللحوم، ومنتجات الألبان لمدة محاكاة لحال الفقراء وعيشهم.




((بالصوم نوفّر من مصروفنا، لكي نقدمه للفقير. في الزمن الأربعيني، نعمل اعمال المحبة الروحية (تعزية الحزانى، على سبيل المثال) والجسدية (إطعام الجياع ومساعدة المرضى، على سبيل المثال). في الزمن الأربعيني، نفكر بغيرنا)). مكتب التعليم المسيحي التابع للبطريركية اللاتينية


ثالثاً: الصيام في الإسلام

لنتأمل أولاً في النصوص الدينية، ونستشف منها الهدف من وراء الصيام في ديننا الحنيف.

  • قال تعالى: (( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )).
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ)).
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصيامُ والقُرآنُ يَشفَعانِ للعَبدِ؛ يقولُ الصيامُ: ربِّ، إنِّي منَعْتُه الطعامَ والشَّهَواتِ بالنَّهارِ فشَفِّعْني فيه، ويقولُ القُرآنُ: منَعْتُه النومَ باللَّيلِ فيُشَفَّعانِ)).

الصيام في الإسلام كما قال الأصفهاني هو : "إمساك المكلّف بالنية من الخيط الأبيض إلى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين، والاستمناء والاستقاء."

وبإستقراء النصوص، والتعريف يتجلى لنا الداعي للصيام في الإسلام، فلا هو الإحساس بجوع الفقراء أو عطشهم؛ لوضوح اختلاف الصيام الإسلامي عن حياة الفقير؛ فالماء والأكل الزهيد متوفران، وإمكانية الفقير من ممارسة الجنس في أي وقت، إنما الحكمة من الصيام في الإسلام هي: تعلم ضبط النفس والتحكم بها، وتدريب المسلم على التحكم بشهواته واحتياجاته، فالغرض منه هو ترك الشهوات تعبداً إلى الله تعالى؛ فلذلك الصيام عمل خالص له تعالى.




(( صوم النفس عن لذات الدنيا الدنيا أنفع الصيام)). الإمام علي



يتضح الفرق أن الصوم في الإسلام دوره تعبدياً، في حين يمثل في اليهودية إحياء ذكرى أليمة مثل هدم الهيكل، أو خطيئة عبادة الرب في صورة العجل، وفي المسيحية الإحساس بالفقراء.


يحتل الصيام مكانة بارزة في جميع الديانات حتى قيل أن "إن الصيام عُرْف دينيّ عالميّ".




مصادر:

  1. الصيام بين اليهودية والمسيحية والإسلام.
  2. الصوم الكبير
  3. يوم الغفران.
  4. نحن أولى بموسى منكم.. عاشوراء عيد يهودى يحتفل به المسلمون.
  5. يوم عاشوراء... هل صام النبي محمد مع اليهود في يوم الغفران؟


هيا

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هيا

تدوينات ذات صلة