السبب في ربط الكمال الأخلاقي بالشخصيات العامة كالعلماء والفلاسفة والممثلين.
بالتأمل في ردة فعل الجموع الغاضبة اتجاه أخطاء وزلل الشخصيات المشهورة كعلماء وفلاسفة وممثلين ..إلخ، وافتراض كمالهم الأخلاقي لمجرد شهرتهم وتأثيرهم، فإن في هذا الافتراض وضعهم بمصاف الإله الكامل وهو وضع في غير محله؛ نظراً إلى بشريتهم وما يتبعها لزاماً من النقص والزلل، وهنا سأتطرق إلى الربط المستنكر بين العلماء والفلاسفة والكمال الأخلاقي، والتقديس الأعمى لهم، والحقيقة أنه بمجرد البحث السطحي في تاريخهم سيُنسف هذا التبجيل وسيظهر الواقع!
ميشيل كوفو
ميشيل كوفو والإعتداء الجنسي على الأطفال
الفيلسوف الفرنسي صاحب التأثير العظيم في القرن العشرين فُضح في الآونة الأخيرة بإعتدائه على أطفال تونسيين مابين الثامنة والعاشرة في مقبرة القرية عام 1969م، بينما كان يقف مع نضال العمال وينادي بالعدالة ضد نظام بورقيبة! وبالبحث في تاريخ كوفو يظهر لك جلياً أنه كان شاذاً ومنحلاً، ووقع عريضة بتشريع ممارسة الجنس مع الأطفال في سن الثالثة عشرة عام 1977م، ومات متأثراً بانحلاله عام 1984 بمرض الإيدز.
توماس أديسون
توماس أديسون والشجع!
لا تخفى على أحد حرب التيارات بين توماس أديسون ونيكولا تسلا، حين بدأ فتيلها يشتعل عام 1885م عندما أُوكل أديسون لتسلا مهمة إعادة تصميم مولّد شركة إديسون للتيار المستمر. إدعى تسلا أنه بإمكانه أن يعيد تصميم مولدات وآليات إديسون غير الفعالة بطريقة تضمن الخدمة الجيدة والكفاءة الاقتصادية. ووفقًا لتسلا، فقد عقّب إديسون على ذلك قائلاً: «سأمنحك خمسين ألف دولار إن استطعت ذلك.» كان ذلك تصرُّفًا فرديًا من إديسون الذي كانت شركته شحيحة في أجور عُمّالها وتعاني من نقص في السيولة. وبعد شهور، أنجز تسلا المهمة وطالب بجائزته. تهّرب إديسون متعللاً بأنه كان يمزح. و اشتعلت الحرب عندما أنشأ توماس إديسون أول محطة لتوليد الكهرباء في العالم في مدينة نيويورك ليضيء منطقة منهاتن بتياره المستمر ومصباحه، سدد نيكولا تسلا ضربة صاعقة لخصمه أديسون باكتشافه التيار المتردد الأكثر كفاءة واقتصادية ، استمات أديسون لتثبيت اختراعه؛ ليكلا يخسر العائدات المادية من براءات "اختراعه"، وانتهت الحرب بانتصار تسلا على أديسون انتصاراً ساحقاً!
نيكولا تسلا
نيكولا تسلا وممارسات غير أخلاقية!
ولصديقنا نيكولا تسلا نصيب من الأفكار الجنونية، خطط نيكولا لجعل أطفال المدارس أكثر ذكاءً وصحة من خلال تشبيعهم دون وعي بالكهرباء، وتوصيل أسلاك جداران فصول المدرسة بخطوط الجهد العالي!
أفلاطون
أفلاطون وامتهان المرأة!
ومن المعروف كالعرف أن الفلاسفة اليونانين اطاحوا من قدر المرأة، ولكن أفلاطون صاحب فكرة اليوتيوبا والمدينة الفاضلة يرى أن المرأة أقل من الرجل في الفضيلة والعقل، وكان يأسف أنه ابن امرأة، ويزدري أُمّه لأنها أنثى!
ظاهرة (cancel culture) وتقديس الأسماء!
تعريف ثقافة الإلغاء (cancel culture): التوقف عن دعم الشخصيات المشهورة كردة فعل لسلوكياتهم أو آرائهم، ويشمل ذلك المقاطعات أو التوقف عن الترويج لهم. يدل انتشار هذه الظاهرة في زمننا على وضع معايير إلهية للشخصيات المشهورة بشتى أنواعهم، فالمتوقع من البشر الزلل والخطأ والاختلاف ولكن! لا مجال للخطأ بالنسبة للشخصيات العامة! لا مجال للعقاب ثم التوبة! نحن بحاجة إلى أنسنة الشخصيات العامة من فلاسفة وعلماء وممثلين ومؤثرين وإفساح الطريق للوصول إلى السمو الأخلاقي.
إن هذا الافتتان بالشخصيات المشهورة_بشتى أنواعهم_ عائد إلى اتخاذهم قادة وقدوة، وتوهم كمالهم بسبب عطايا الله لهم من ذكاء أو جمال وكاريزما، الذي يضيف إليهم هالة من التفوق على العامة الذي يتسبب في تقديسهم والنظر إلى أقوالهم وأفعالهم كحركات وسكنات سماوية!
الحل.. الموضوعية والحيادية!
يكمن الحل في الموضوعية في النظر إلى الشخصيات المشهورة، والتقصي في تاريخهم والحيادية في فهم منبع فلسفتهم أو أقوالهم فقد تكون ردة فعل لموقف حياتي، أو طفولة مريرة فنيتشه وكرهه المستطير اتجاه المرأة ماهو إلا ردة فعل لرفض حبيبته سالومي له!
ويظهر لك جلياً أن العلم والأخلاق غير متلازمان، والكمال ليس ريدفاً للشهرة، وأن الموضوعية والأخلاقية هدفان ساميان لا يصل إليهما إلا من كرس نفسه للحقيقة!
إذاً .. توقف عن تقديس الأسماء!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
عفواً ندى .. 🤍
كنت اناقش هذا الموضوع منذ يوم وحيرني الأمر لماذا نعظم الأسماء لمجرد شهرتها ولا نحن لا نعرف شيء عن صاحبها؟ لكن المقال افادني وأعجبني جدا شكرا لك