مراجعة رواية اسمي أحمر للكاتب التركي أورهان باموق.
ها أنا أتوقف عند رواية من قائمة مقترحاتي مندهشة أمام رواية اسمي أحمر للكاتب التركي أورهان باموق. الرواية عبقرية بحق وغرائبية بالنسبة لقارئ عربي مثلي. فقد بُرِأت من رحم الثقافة التركية العثمانية الغريبة على الثقافة العربية ونظرتها للفن والجمال والعشق.
ملخص الرواية:
تبدأ الرواية على لسان جثة هامدة وجريمة قتل بين النقاشيين لن تُحل إلا في نهاية الرواية، يتخلل ذلك قصة عشق قرة وشكورة، وجدل حول الموقف الإسلامي في التصوير والرسم، وصراع بين فن النقش الإسلامي المتمثل في المُنَمْنَمَات وبين أسلوب الإفرنج المتمثل في التشخيص والأسلوب.
نموذج المُنَمْنَمَة الإسلامية
التطرق إلى موضوعات مثيرة للاهتمام!
تطرق الراوي إلى موضوعات لم اطلع عليها مسبقاً فكنت كلبلهاء أمامها كقصة خسرو وشيرين الفارسية، وايضاً المُنَمْنَمَات ذاتها، وكيفية صناعة الألوان، والشاهنامة والكثير الكثير الذي يضيق المقام لذكره. ولكن ما أشعل رأسي هو التطرق إلى موضوع الموت والروح ووصف طلوع الروح إلى بارئها مستعيناً بكتاب الروح لابن القيم الجوزية، كما أن الرواي تطرق إلى الشذوذ الجنسي وحب الغلمان، واضظراب الهوية الجنسية في الزمن العثماني.
صفحة من صفحات الشاهنامة
الصراع الديني والفني
بالنسبة لي جوهر الرواية كامن في الصراع الديني وحكم التصوير والرسم في الإسلام، فتجد مشادات كلامية وشجارات بين جماعة النقاشين وجماعة الأضرومي_التي تحرم التصوير_ثم امتزج هذا الصراع مع الصراع الفني بين الأصالة والتجديد المعاصر، وكأن الرواية تقول: هل سنحافظ على فن المُنَمنَمَات أم سنتحول إلى الرسم الأوروبي الشخصي (بورتريه) الذي يجادل الأضروميين بأنه مضاهاة لخلق الله وطريق إلى الإشراك بالله تعالى، ثم انعطف الصراع إلى صراع بين مدرسة هرات الإسلامية وبين الأفرنج.
أسلوب الراوي المبهر!
أسلوب الراوي في سرد الأحداث مبهر، فتارة يصف الأحداث على لسان جثة، وتارة على لسان اللون الأحمر، أو قرة، أو الحصان، أو الشيطان، ولكن الطريف أن صياغة الرواي ثلاثية الأبعاد_إن صح التعبير_ أشبه هي بفلسفة المُنمنمة، وكأنك ترى الأحداث بالبصيرة أو كما قال رئيس النقاشيين: " أن مهارة النقاش المعلم تحول الإرادة إلى عشق الله، بعد ذلك يتحول عشق الله إلى عشق العالم الذي يراه الله"
عيوب الرواية
- بما أن الرواية مترجمة، أعيب على المترجم قلة اهتمامه بالإيضاحات في الهوامش، وشرح مصطلحات الثقافة التركية والفارسية، فقد واجهت صعوبة في فهم المراجع والقصص والغرض منها، فقضيت وقتاً طويلاً في البحث والقراءة.
- الرواية جريئة جداً وتحتوي وصف جنسي ومخل بالاداب، وألفاظ خادشة، ولا أنصح بأن يقرأ هذه الرواية صغار في السن.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات